منذ أن انتشرت التقارير التي تشير إلى أن وجهة المعارك المقبلة ستكون إلى الجنوب السوري، ظهر جلياً الاستنفار الأمريكي، حيث أعلن البيت الأبيض أنه في حال حصل أي تحرك عسكري في الجنوب السوري فواشنطن ستتخذ “إجراءات حازمة”، فيما وصف أحد قياديي الفصائل الوضع الذي آلت إليه الفصائل في الجنوب السوري بـ”الشلل”، كما كشف وزير الاستخبارات الإسرائيلي “إسرائيل كاتس” قبل أيام عن ضغط بلاده على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاعتراف بسيادة الكيان الإسرائيلي على هضبة الجولان المحتلة.
فعندما تتداخل هذه المعطيات مع بعضها كيف يمكن تفسير الاستنفار الأمريكي؟
صحيفة “الدستور” الأردنية أشارت إلى وجود مشروع لأمريكا في تلك المنطقة، لا تقبل بعرقلته من أحد، حيث قالت:
“الأجندة المخفية لكل الأطراف بشأن جنوب سوريا، قد تتعلق بما يتسرب عن مخطط أمريكي لإقامة ثلاث دويلات في سوريا، كيان كردي في الشمال الشرقي، الحسكة والقامشلي وعين العرب وغيرها، ثم كيان عشائري على طول ساحل شرق الفرات حتى احتياطات الغاز والنفط شرق دير الزور، وكيان ثالث في الجنوب يكون بمثابة إمارة تضم القنيطرة والسويداء ودرعا، وهذا يعني معركة من نوع مختلف تماماً، في جنوب سوريا، فالحكومة السورية تريد قطع الطريق على هذه المخططات، واحتمال قيام دويلة في جنوب سوريا، الى آخر حلقات المخطط، والأمريكان يريدون شطب كل انتصارات النظام ومن معهم، فيما الجانب الإسرائيلي له حسابات معقدة”.
أما صحيفة “العرب” اللندنية فاقتصرت بالحديث عن أهمية الجنوب السوري بالنسبة لـ”إسرائيل”، لافتة إلى أن الواقع في هذه المنطقة لم يعد كما كان في السابق، فورد فيها:
“الذي تغيّر حالياً كي تسعى إسرائيل إلى الحصول على اعتراف أميركي بأنّ الجولان جزء من أراضيها، هو أن الجولان لم يعد يوفّر ضمانة لإسرائيل بعدم الوصول إلى فلسطين المحتلة، فهناك واقع جديد قائم في دمشق وفي الجنوب السوري، يتمثّل هذا الواقع في وجود القوات السورية وحلفاءها الذي لم يعد يقتصر فقط على مناطق معيّنة في محيط دمشق”
وأكدت صحيفة “الوطن” السورية أن هناك أسباب أخرى غير التقارير الإعلامية التي تحدثت عن عمليات عسكرية في الجنوب، دعت إلى الاستنفار الأمريكي، حيث نشرت في صفحاتها:
“القلق الأميركي لا يستند فقط إلى تقارير إعلامية عن تحرك الجيش السوري جنوباً، إنما يأخذ تطورات ظهرت بوضوح خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث أصبحت إسرائيل عاملاً أساسياً في تحديد مسار أي عمل عسكري في الجنوب الغربي لسوريا، فواشنطن ليست قلقة على اتفاق هامبورغ للتهدئة بل على نوعية خطوط التماس القادمة في حال دخول الجيش إلى المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة.. والولايات المتحدة لا ترغب في الدخول بلعبة تمويل جديدة للفصائل المسلحة ولو عبر وسيط مثل السعودية، وبات واضحاً أن الإدارة الأميركية تفضل حركة مختلفة للرأسمال الخليجي تحديداً”.
بات واضحاً أن رفض أمريكا بتوجه المعارك إلى الجنوب السوري غير مرتبط بالحفاظ على اتفاق “خفض التوتر” في هذه المنطقة، بل هناك اعتبارات أخرى تريد أمريكا الحفاظ عليها في تلك المنطقة، أهمها تأمين الحدود الشمالية للأردن ولفلسطين المحتلة والتي تشكل عمقاً استراتيجياً للكيان الاسرائيلي في المنطقة.