يستمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإبداء رغبته بالتقرّب من دمشق وعقد لقاءات مع الرئيس بشار الأسد، فيما تقتصر تصريحاته على الأمنيات من دون تقديم أي توضيح حول الخطوات العملية التي ستنفذها تركيا إزاء سوريا، في إطار مسار التقارب.
تشير التقديرات إلى وجود حلقة فارغة في تصريحات أردوغان، الأمر الذي يدفع المحللين إلى التفكير مليّاً قبل الإفراط بالتفاؤل، وفي هذا الصدد، لفتت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” إلى أنه “من الواضح أن أنقرة تفتقر حتى الآن إلى نهج واضح للتقارب مع دمشق”، موضحة أنه “في محادثات خاصة، أوضح المسؤولون السوريون أن عملية التطبيع تتطلب خريطة طريق واضحة، تتضمن -من بين أمور أخرى- بند الانسحاب التدريجي للقوات التركية من مناطق الشمال”.
الأمر نفسه، أشار إليه الكاتب السوري فراس عزيز ديب، في مقالة نشرها في صحيفة “الرأي الثالث” الإلكترونية، لافتاً إلى حالة الصمت السوري إزاء تصريحات أردوغان، إذ أوضح أن “الدبلوماسية السورية هي خير من يُتعب خصومه بإجادة الصمت عندما لا ترى أخباراً تستحق التعقيب عليها، وهم ردوا على ما حكي عن اجتماعات بين الجانبين التركي والسوري بالنفي لأن الكلام هنا عن وقائع غير موجودة، أما فيما يتعلق بأمنيات أردوغان فلا أحد بإمكانه نفي أو تأكيد أمنيات الآخرين”.
وأضاف ديب أنه “هناك دعسة ناقصة في كلام أردوغان أو أمنياته، عندما تحدث قبل أمس عن دعوة الرئيس بشار الأسد إلى تركيا”، مشيراً إلى أن أردوغان “يدرك قبل غيره أن الاجتماع الأول لن يكون على الأراضي التركية، لكن عدا ذلك فكل ما قاله أردوغان مستذكراً علاقات الصداقة بين الطرفين وحتمية الجغرافيا والتاريخ هو كلام مهم، بل كلام قالته القيادة السورية نفسها وكررته مراراً وتكراراً تحديداً بما يتعلق بالعلاقة الأخوية مع الشعب التركي، لكن الواقع يقول إن هناك قوات تركية تحتل أراضٍ سورية وبمجرد خروجها أو الاتفاق على ضمانات خروجها يجعل باقي الملفات بالكامل سهلة من دون تعقيد فماذا ينتظرنا؟”.
وفي إطار مناقشة مدى جدية أنقرة بالتعاطي مع ملف التقرب من دمشق، أشار الباحث في الشأن التركي، محمود علوش، إلى وجود ثلاثة عوامل تدفع مشروع التقارب بين أنقرة ودمشق إلى الأمام، موضحاً أن هذه العوامل هي “الزخم الروسي الجديد في رعاية هذا المسار ودخول العراق إلى خط الوساطة، وحاجة تركيا إلى إشراك دمشق في استراتيجيتها الجديدة لمكافحة الإرهاب على غرار العراق، كما لا يمكن فصل الاندفاعة الحاصلة عن الاستعداد لتحول محتمل في الموقف الأمريكي في سوريا في حال عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض”، وفق ما نقلته قناة “الحرة” الأمريكية.
وفي آخر مستجدات هذا المسار، فإن الرئيس التركي أعلن أنه كلّف وزير خارجيته في هذا الملف، كما أعلنت الخارجية العراقية أمس أنّه جرى التوصّل إلى اتفاق مبدئي مع سوريا وتركيا على عقد لقاء يجمع مسؤولي البلدين في العاصمة العراقية بغداد، ويناقش بشأن الأموال الإيرانية المجمدة في العراق، وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد الحسين: “هناك تواصل على مستوى القيادة العراقية مع الجانبين السوري والتركي، وسيتم تحديد الموعد بعد العودة إلى بغداد”.