قبل تسعة عشر يوماً من انتهاء قرار تمديد فتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق الشمال السوري، بدأت كل من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية بإثارة ملف تمديد القرار من جديد، لإدخال المساعدات إلى مناطق الشمال السوري فقط، معتبرين أن الحاجة ملحّة في تلك المناطق لإدخال هذه المساعدات.
وجرت أمس مناقشة هذا الملف خلال جلسة لمجلس الأمن، حيث قال الممثل الأمريكي البديل للشؤون السياسية الخاصة روبرت وود: “إن عملية تسليم المساعدات الإنسانية عبر الحدود تمثل الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة، لتوفير الغذاء والإمدادات الطبية إلى 2.4 مليون سوري معرضين لخطر المجاعة والمرض”.
وأوضح وود، أن الوقائع بشأن المساعدات لم تتغير، مضيفاً أن الأوضاع الإنسانية في سوريا أسوأ مما كانت عليه، وسيحتاج 15.3 مليون شخصاً إلى مساعدات إنسانية في العام 2023.
واعتبر المندوب التركي الدائم لدى الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو، خلال الجلسة أن آلية المساعدة عبر الحدود تعتبر “خطاً إنسانياً موثوقاً” لملايين الأشخاص الذين يعيشون في شمال غرب سوريا.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه واشنطن وأنقرة وبعض الدول الأوروبية أن الفيتو الروسي هو الذي يعرقل تمديد هذا القرار، قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا: “نقول بصراحة، إن الوضع الإنساني القائم حالياً في سوريا لا يوفر سياقاً مناسباً للمناقشات عن تمديد آلية نقل المساعدات عبر الحدود، والقضية لا تتمثل في أننا نعارض تقديم المساعدات للسوريين البسطاء، مثلما سيحاول بعض الوفود تقديمه” موضحاً “نحن ندعو المجتمع الدولي لمساعدة جميع السوريين دون أي تمييز، وإلى أن يقوم بذلك بشكل صريح وبدون أي تسييس، ونحن نقف بعيداً عن ذلك للأسف”.
ولفت المندوب الروسي إلى أن “الحجج لصالح تمديد آلية نقل المساعدات عبر الحدود غير مقنعة، لأن عدم وجود البديل لها أمر مفتعل”، مشيراً إلى أن هذا الوضع ناجم عن عدم وجود أي عمل من قبل الدول الغربية.
فيما شددت سوريا في الجلسة على أن “آلية إيصال المساعدات عبر الحدود” كانت إجراءً مؤقتاً فرضته ظروف استثنائية لم تعد قائمة”، وقالت: “إن الإصرار على استمرارها يعكس انتقائية فاضحة وتمييزاً بين السوريين.
وقال مندوب دمشق لدى الأمم المتحدة بسام صباغ، في بيان له خلال جلسة مجلس الأمن: “إن الإصرار على استمرار تلك الآلية التي تحيط بها الكثير من العيوب والمخالفات يعكس انتقائية فاضحة وتمييزاً واضحاً بين السوريين الذين يستحقون الحصول على المساعدات الإنسانية”.
وأشار إلى أن “هناك إصراراً من قبل البعض على عدم السماح بالتقدم في عمل آلية إيصال المساعدات من الداخل، في مؤشر واضح على سعي هؤلاء لإثبات أن هذه الآلية غير قادرة على أن تحل محل آلية إدخال المساعدات عبر الحدود وذلك على الرغم من اتساقها التام مع مبادئ العمل الإنساني واحترامها لسيادة سوريا” موضحاً أن “التمويل المنخفض لخطة الاستجابة الإنسانية لسوريا جراء عدم تنفيذ بعض الدول الغربية للالتزامات التي قطعتها يحد من فعالية جهود تحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية ويعيق تنفيذ مشاريع التعافي المبكر الأمر الذي يخلف آثاراً كارثية على الحياة اليومية للسوريين ويحول دون حصولهم على الخدمات الأساسية”.
ولفت الصباغ في الوقت نفسه، إلى أن تجاهل مجلس الأمن لسيطرة القوات الأمريكية على كمية كبيرة من الثروة النفطية السورية، مشيراً إلى أن “آخر الإحصاءات أكدت أن إجمالي قيمة الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي تسببوا بها، وقوات ما يسمى التحالف الدولي نتيجة سطوهم على قطاع النفط في سورية تجاوزت الـ100 مليار دولار”.
وفي 12 تموز 2022 تبنى مجلس الأمن قراراً بتمديد عمل معبر “باب الهوى” على الحدود السورية التركية لنقل المساعدات حتى 10 كانون الثاني 2023 مع إمكانية التمديد لمدة 6 أشهر أخرى في حال تبني قرار جديد، وذلك بعد حوالي عام من التمديد السابق لهذا القرار، فيما أكدت التقارير حينها أنه بعد 6 أشهر من تمديد قرار فتح معابر الشمال شهدت المساعدات الإنسانية تراجعاً لافتاً، حيث حذّرت حينها منظمة العفو الدولية (أمنستي)، من أن تناقص المساعدات الدولية الممنوحة إلى شمال غربي سوريا في العام الماضي، ترك نحو 3.1 مليون شخص، بينهم 2.8 مليون نازح، في مواجهة أزمة صحية تكافح فيها المستشفيات والمرافق الطبية للعمل بموارد شحيحة.
يشار إلى أن فتح ملف تمديد قرار فتح المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية تزامن مع هدوء في جبهات الشمال السوري، بعد موجة من التهديدات التركية بشن عملية عسكرية شمالي، حيث لفت العديد من المراقبين إلى أن تركيا تتعمد هذه المرحلة تخفيف حدة التصعيد والتوتر لحل ملف تمديد قرار فتح معابر الشمال السوري.