خاص|| أثر برس انتشر في الآونة الأخيرة “السحر” كمهنة لبعض الأشخاص في سبيل تحصيل الأموال وخداع الناس؛ مثل “رد الحبيب وعودة الغائب وتزويج حبيبن؛ والعودة عن طلاق” وغير ذلك؛ كما دَرج أيضاً وضع السحر في المقابر والكهوف وداخل المنازل، بحسب ما ذكره عدد من السوريين.
تقول إحدى السيدات لـ “أثر” إنها وجدت سحر في منزلها أثناء قيامها بتعزيله حيث كان موضوع خلف إحدى الصور وهو عبارة عن “شعر وإبرة وحجاب”؛ ولدى فكها لهذا السحر عند أحد رجال الدين قال لها بأنه مرصود لبناتها كي لا يتزوجن.
وتضيف شابة أخرى أنها وجدت سحر صغير داخل “بطانة” معطف لديها، الأمر لذي أدى لشعورها بالخوف، متسائلة عن سبب قيام بعض الأشخاص بهذا “الأذى”.
وعند سؤال أحد حراس المقابر في دمشق حول ما إذا كان يلاحظ أن أحد الزائرين يضع سحراً بين القبور، قال لـ “أثر”: “الزوار يدخلون وفي نيتهم زيارة المقابر وقراءة الفاتحة لذلك لا نراقبهم ماذا يفعلون؛ ويومياً يدخل مئات الأشخاص يحملون الورود والآس ويضعونها على مقابر موتاهم، لم يُخيل لنا يوماً أنهم يضعوا سحراً”.
بدوره، صاحب أحد المحلات في البزورية قال لـ “أثر”: ” المواد التي قد يستخدمها الذين يلجؤون لعمل السحر هي عبارة عن بخور ورصاص وحديد إلى جانب المواد النباتية كجذور الأشجار أو أزهار النباتات أو حتى مستحضرات خاصة كماء غسل الميت، شعر وأظافر الشخص المراد سحره، وحتى المواد الحيوانية من حشرات وجلود بهدف إنتاج عدد غير محدد من الوصفات السحرية التي تصلح لتحقيق كل ما يخطر ولا يخطر على البال “، مشيراً إلى أن البزورية لم تعد المقصد الوحيد للزبائن بل أصبحت المقابر والمستشفيات ومحلات الحدادة والنشارة وحتى مسلخ الحيوانات مقصداً لزبائن المشعوذين، مضيفاً: “لذلك عندما يدخل أي شخص إلى محلات البزورية فهو لا يحكي أنه سيقوم بعمل سحر فالنباتات والعطور والتوابل التي يشتريها لها استخدامات أخرى غير السحر”.
رأي الدين الإسلامي بالسحر
قال الباحث الإسلامي ونائب رئيس جامعة بلاد الشام فرع مجمع الشيخ أحمد كفتارو الدكتور عبد السلام أحمد راجح: “السحر هو حقيقة لا مراء فيها، وهو في صورة أخرى تخيل يخدع الأعين فيُري السحر الأعين ما ليس بكائن حقاً، قال تعالى: (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى)، وأضاف ربنا سبحانه وتعالى فقال: (سحروا أعين الناس واسترهبوهم) يدل ذلك على أن السحر إما حيلة وشعوذة؛ وإما صناعة علمية خفية يعرفها بعض الناس ويجهلها الأكثرون، فيسمون العمل بها سحراً لخفاء سببه ودقة مأخذه “، مضيفاً: “في الحقيقة للشريعة موقف من السحرة وهذا الأمر ذكره ربنا في سورة البقرة، ففيها آيات تشير إلى أن السحر هو علم ومهنة أُخذت عن الشياطين والجان؛ و هو حق وله تأثير لا يخفى؛ ودليل ذلك أن الله سبحانه وتعالى أشار إلى الساحر وقال (ما جئتم به السحر إن الله سيبطله)، فالسحر موجود وإن الذي يبطله هو الله؛ من هنا اختلف العلماء هل السحر حقيقة؟ أم هو مجرد شعوذة وتخييل؟ فالجمهور من العلماء قالوا إن للسحر حقيقة وتأثيراً وهو الذي أقوله أنا باعتبار أن الكل لا ينكر هذا الأمر لحصوله فعلاً، فإذا اتفقنا أن جمهور العلماء قالوا إن السحر له حقيقة من واقع النصوص القرآنية الواردة أعلاه، فإن من السحرة الآثمين من يتفنن بالأذى في أعمال السحر والأذى فمنهم من يضع السحر في المقابر أو في الآبار أو في التراب أو في الأماكن المهجورة كالكهوف والمغارات وذلك بمقابل مادي، وأحيانا بابتزاز مقيت، هذا موجود وإنما يفعله المؤذون من السحرة وهؤلاء يعينهم شياطين الجن الذي يملكون من الخاصيات مالا يملكه البشر العاديون”.
وأضاف الباحث لـ “أثر”: “الأصل أنه من يتسلح بالقرآن الكريم ثم هو يحرص على تلاوته وتدبيره؛ ثم يحرص على الطاعات والقربات والصدقات فإنه يجعل حاجزاً كبيراً بينه وبين تأثير السحرة عليه ويكون بالقرآن والطاعات وأداء العبادات على الوجه الذي أمر به الله عز وجل قد حصّن نفسه من السحر والسحرة وأعمالهم وأذاهم”.
وتابع: “وأما أن يستعين بي أشخاص لفك السحر فهذا أمر يخضع بالضرورة لتخصص دقيق يتقنه أربابه ممن تخصصوا في هذا المجال؛ وهو تخصص دقيق روحاني المنشأ؛ وجداني المرجع وله اختصاصات يتقنها أشخاص محدودون يعملون بمثل هذا التخصص بأمانة وإخلاص وعفة ونزاهة؛ وأنا لا أتقن هذا الفن؛ إنما إذا جاءني من ابتلى بمثل هذا السحر أرشدته إلى الآيات القرآنية التي وردت عن النبي محمد (ص) في أنها تحصن صاحبها من السحر أو تدفع عنه السحر، فضلاً عن أنني أرشده إلى الرقية الشرعية التي هي آيات وأحاديث صحيحة عن الرسول ومن شأنها أن تدفع السحر عن المسحور، وأنا أوصي أن يكثر الناس من قراءة القرآن الكريم والحرص على العبادات فإنها حصن من السحر والسحرة على كثرتهم، وخصوصاً المؤذيين منهم لا سيما وأن ضحايا هؤلاء السحرة هم من الجهلة والمضطرين والحائرين لقلة حيلتهم ما يحملهم على اللجوء إلى سحرة يحسبون أنهم يجدون حلولاً لمشاكلهم عندهم وهذا من أعظم الخطأ؛ لذلك علينا أن نكون واعين لفكرة السحر”.
وختم الباحث الإسلامي ونائب رئيس جامعة بلاد الشام فرع مجمع الشيخ أحمد كفتارو الدكتور عبد السلام أحمد راجح كلامه لـ “أثر” قائلاً: “لا يجوز أبداً أن نأتي السحرة أو العرافين قاصدين حل مشاكلنا عندهم أو أن نتجاوز آلامنا عندهم، فالذي يفرج الهموم ويصرف السوء إنما هو الله، ثم العمل بالأسباب الحاملة على تفريج الكروب وليس السحر والسحرة، لذلك فضح الله سبحانه السحرة وأخبر أنهم فاشلون فقال فيهم: (ولايفلح الساحر حيث أتى) ثم طمأن سبحانه وتعالى عباده أنه لا سلطان للشيطان وزبانيته من السحرة عليهم فقال: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين)”.
دينا عبد