خاص|| أثر برس في ظل الواقع الاقتصادي والظروف المعيشية الصعبة، عادت إلى الواجهة عادة خطبة الصالونات (أي بالمناسبات) والتعارف العائلي والزواج عن طريق الأهل مجدداً، إذ باتت نسبة من الشابات السوريات تفضلن الزواج بهذه الطريقة وتتطلعن للزواج برجل ثري أو مغترب أملاً بظروف معيشية أفضل.
تقول الشابة منتهى (26 عاماً): “أحمل شهادة الماجستير في التربية ووضعي المادي متوسط، في هذه الظروف لا يمكن أن أقبل الزواج من شاب وضعه المادي أقل من جيد جداً أو مغترب يساعدني بفرصة سفر وتكوين أسرة مستقبلها مضمون”.
وترى الثلاثينية لمى أن الحب لم يعد يطعم خبزاً فهي بعد خطوبة أكثر من سنتين فشلت بإتمام الزواج لعدم تمكن خطيبها من توفير أبسط متطلبات الزواج وهي المسكن وإن فكرا بالاستئجار فهو أمر صعب لأن دخلهما يوازي أجرة منزل صغير في ريف العاصمة، وتتابع لـ”أثر”: “أحلم بفرصة سفر عبر الزواج بأحد الشباب من بلدي الذين سافروا بحثاً عن عمل أو دراسة وكلي أمل بذلك ولا أفكر بغير ذلك حتى وإن حصلت على لقب عانس فهو أفضل بكثير من زواج فاشل وتكوين أسرة لا استطيع تلبية احتياجاتها لضيق الحالة المادية “.
عبير ورؤى ونور (بنات العشرينات) كما يقال، على أبواب التخرج من الجامعة يتشاركن الأفكار ذاتها حول فارس الأحلام إما مسافر وإن طالت موافقة لم الشمل أو بالبلد “مأمن حاله” كما هو متعارف عليه أي يقدر على تكاليف الزواج وفتح بيت، موضحين أنهن لا يمانعن من المشاركة بمصاريف الأسرة فهن يفضلن العمل حتى لو كان العريس غني.
الكثيرات ممن تحدثن لـ”أثر” أجمعوا أن البنات السوريات يفضلن الزواج من عريس ميسور الحال ولا يهم فرق العمر أو المستوى الدراسي والأفضل أن يكون مغترب فالأخير فرصة للسفر والخلاص من صعوبات العيش التي يعاني منها السوريون حالياً.
تقول مروج (33 عاماً) التي تفكر ببناء أسرة مستقرة وضمان مستقبل أولادها: “يجب أن تحسب كل خطوة فالزواج مسؤولية صعبة في الظروف العادية فكيف يمكن أن يكون في بلدنا والغلاء العنوان الأبرز للوضع إضافة إلى صعوبات التعليم وفرص العمل وغيرها يجب أن أضمن مستقبل أولادي بشكل صحيح حتى لو كان ولد واحد ولا سبيل لتحقيق ذلك إن تزوجتُ بموظف مثلي”.
وترى مرام أنها ليست مضطرة لقبول العيش في “القلّة” مهما كانت قوة الحب التي يمكن أن تجمعها بشاب من عمرها فالحب شيء والزواج شيء آخر، بحسب تعبيرها.
الفقير غير مرغوب به، يقولها الثلاثيني مهران بحسرة ويضيف معترفاً: “أعجبت أكثر من مرة بفتيات منهن من كن معي بالجامعة وأخريات في العمل وعندما يبدأ الحديث عن الزواج أجد الانسحاب أفضل لأن خطوة الزواج تحتاج إلى (شاب مكوّن نفسه) كما تقول والدتي وأنا رغم أني موظف وأعمل بعمل آخر بعد الظهر إلا أنني لا أستطيع شراء محبس في هذا الغلاء الفاحش”.
ويتابع مهران متسائلاً: “هل توجد فتاة تقبل بعريس فقير، كوخ بلا كهربا ولا مي في أغاني جورج وسوف فقط”.
حال مهران هو حال الكثير من الشباب حالياً، فالـزواج بات من الأحلام، ومن الصعب شراء غرفة أو خاتم خطبة أو إقامة حفل زواج وإن وجدوا فتاة تقبل كيف سيكون وضع العائلة وتلبية الاحتياجات فعندما يدخل الفقر من الباب يهرب الحب من الشباك.
ـ هل تعود خطبة الصالونات والأهل؟
أمام هذا التغير بالأفكار عادت إلى الواجهة عادة خطبة الصالونات أي بالمناسبات والتعارف العائلي وعن طريق الأهل مجدداً.
تعتبر ندى وأختها مودة ذلك ليس بالأمر الخطأ فالـزواج كان سابقاً بهذه الطريقة ونادراً ما كان يفشل، وتوضح مدى ابنة الـ 25 عاماً أنها توافق والدتها بأنها أحق بابن عمها المغترب منذ أربع سنوات في السويد ويوجد موافقة مبدئية بين والدها وعمها لإتمام مثل هذا الزواج.
أما منيرفا، فتقول لـ”أثر”: “الكثير من الشابات السوريات ينظرن إلى أن معارفهن وأقاربهن من الشباب الذين هاجروا خلال العشر سنوات الأخيرة فرصة للزواج هرباً من العنوسة لقلة الشباب المؤهل للزواج ممن بقي بالبلد وفرصة لواقع معيشي أفضل وحتى سنوات لم الشمل بعد عقد القران وإن طالت أفضل من انتظار تحسن الأحوال”.
وتتقصد أم مرتضى وأختها زيارة الأقارب وحضور المناسبات العائلية والأصدقاء علها تلتقي بعروس تناسب مواصفات وضع ابنها مرتضى الذي غادر سوريا منذ 5 سنوات وأسس عمل في ألمانيا ويرغب بـ”إتمام نصف دينه ببنت من بلده”.
وتقول أم مرتضى لـ”أثر”: “منذ عامين تزوج ابني الذي يعمل في دبي من ابنة أختي وأسسا أسرة سعيدة رغم أنه لم يعرفها كثيراً لأنه يكبرها بـ12 عاماً وأتمنى أن أوفق باختيار عروس مناسبة لابني الآخر فالحب يأتي بعد الـزواج والأهل لهم نظرة مناسبة في زواجات أو أزواج أبنائهم “.
أما، الستيني أبو أمجد يقول إنه بعد سفر ولديه إلى هولندا استطاع أحدهما إتمام أوراق لم الشمل لفتاة خطبها قبل سفره بينما يسعى ولده الآخر لمساعدته وزوجته للسفر بعد أن يأخذ الجنسية، ويتابع لـ”أثر”: “لا توجد فرصة لسفر ابنتي الوحيدة شام وهي في السنة الأخيرة بالجامعة إلا عن طريق زواج بمغترب من أقاربنا ونجتمع كلنا في الغربة لذلك أنا أؤيد فكرة خطبة الأهل والزواج بمغترب”.
يذكر أن تأمين مستلزمات الزواج في سوريا باتت من المستحيلات، فالأعراس باتت مكلفة وأسعار المنازل باتت ضرب من خيال، علاوة على ارتفاع أسعار الذهب بشكل كبير جداً، حيث ارتفع سعر غرام الذهب العام الماضي بمقدار نصف مليون ليرة سورية، إذ بدأ الغرام عيار 21 العام بسعر قدره 330 ألف ليرة سورية، لينتهي بأعلى سعر له مع نهاية العام 828 ألف ليرة سورية، بحسب جمعية الصاغة.