أثر برس

هل يضع اتحاد الكرة حداً لتعاقدات الأندية مع اللاعبين بطريقة “التحويشة”؟

by Athr Press M

تعمد بعض الأندية السورية الميسورة مادياً بين الحين والآخر إلى التعاقد مع كل من استطاعت إليه سبيلاً من اللاعبين الذين تحتاج إليهم والذين لا حاجة لها بهم، وذلك لحرمان الأندية الأخرى منهم، وبالتالي فتح المجال لنفسها لحصد البطولات بهذه الطريقة، وهو ما يُعرف بالأوساط السورية بطريقة “التحويشة”.

هذا الأسلوب إن نفع حيناً لن ينفع أحياناً أخرى، وتكون الأندية التي تتجه إلى ذلك هي أول الضحايا؛ لأنها تقضي على مواهبها في ناديها، التي لن تجد مكاناً لها فتضطر إلى الانتقال إلى أندية أخرى ومن لا يستطيع ذلك منها يهجر الرياضة.

طبعاً بالإضافة لما إلى ذلك من تأثير في مستوى المسابقات فيضعفها ويقلل من أهمية المنافسة؛ ولكنه في نفس الوقت يكون ذا فائدة للأندية الأخرى التي تضطر للاعتماد على مواهبها فتنجح.

البداية من الجيش والشرطة:

اعتمد هذا الأسلوب قبل سنوات طويلة فريقا الجيش والشرطة اللذان كان يفرغان الأندية من نجومها بحجة الخدمة الإلزامية، فكانا يستقطبان اللاعبين المميزين لصفوفهما مقابل تأدية الخدمة الإلزامية لصالحهما ونجحا كثيراً في ذلك وحصدا ألقاباً كثيرة في الدوري والكأس، وخصوصاً فريق الجيش فيما اكتفت الأندية الأخرى بدور “الكومبارس”.

والأنكى أن اللاعب الذي كان في الخدمة الإلزامية ولا يلعب في صفوف الجيش كان يُحرم من المشاركة ضده إلا بموافقة إدارة الجيش، فكان الجيش في طابق والشرطة في آخر وباقي الأندية في طابق ثالث أغلب الأحيان، وعظيم الشأن من كان يفوز على هذين الفريقين ولهذا الأمر كنا نجد أغلب لاعبي المنتخب الوطني من هذين الناديين.

هذا الأمر نجح مع الناديين؛ لأنهما ناديا هيئة ويستطيعان استقطاب أي لاعب بذريعة الخدمة الإلزامية كما ذكرت؛ ولكن لو لم يكن الأمر كذلك ماذا سيكون مصيرهما؟.

الشرطة يعيد الكرة:

في موسم 2010–2011 اتجه نادي الشرطة لهذا الأمر وعمل على استقطاب نجوم الكرة السورية لصفوفه فضم حينها محمود كركر وبكري طراب ورجا رافع ومحمد الواكد ومحمد عبادي وأحمد ديب وأحمد حاج محمد ويونس سليمان وزين الفندي وطه دياب ومحمد عبد القادر ووائل زبداني وقصي حبيب وعبد الناصر حسن وعلي الرفاعي وعلي غليوم وعلي خليل وعلي موصللي وغيرهم من نجوم الكرة السورية حينها، بالإضافة إلى المدرب الروماني تيتا فاليريو، ومن ثم المدرب فجر إبراهيم.

واستطاع نادي الشرطة الفوز باللقب؛ ولكن بعد توقف الدوري مدة ستة أشهر واستعيض عنه بدورة رباعية موسم 2011- 2012 بمشاركة أهلي حلب (الاتحاد) والوحدة والجيش، وانسحب الاتحاد والوحدة وبقي الجيش والشرطة وفاز الشرطة بالمباراة وتوّج باللقب، أي أنه لقب بلا نكهة، وطالبت الأندية والجمهور في ذاك الوقت بإلغاء الدوري؛ لعدم تمكنها من لعب مبارياتها بسبب الأحداث؛ ولكن الاتحاد أصر على موقفه.

ولكن ماذا حل بفريق الشرطة بعد ذلك، في موسم 2012– 2013 وكان الدوري يلعب بنظام المجموعات جاء في المركز الثاني خلف الجيش، وفي موسم 2013- 2014 جاء في المركز الرابع، وأيضاً كان الدوري يلعب في نظام المجموعات، وفي موسم 2014– 2015 جاء ثانياً في نظام المجموعات أيضاً، وفي نظام المجموعات موسم 2015– 2016 جاء خامساً، وفي موسم 2016– 2017 جاء سابعاً، وفي موسم 2017– 2018 حل في المركز الخامس، وفي موسم 2018- 2019 جاء بالمركز التاسع، وفي موسم 2019– 2020 جاء في المركز الثامن، وفي الموسم 2020- 2021 جاء في المركز التاسع، وفي موسم 2021– 2022 هبط للدرجة الأولى ولم يتمكن هذا الموسم 2022– 2023 من العودة للدوري الممتاز.

نذكر ترتيب فريق الشرطة لنؤكد بأنه لم يستفد من لاعبيه سوى بالموسم المصغر الذي فاز به باللقب ثم استفاد منهم في موسم أو موسمين وبعد ذلك بدأ خطه البياني بالتراجع حتى هبط للدرجة الأدنى، وقد تطول إقامته هناك؛ لأنه أهمل قواعده ولم يعد لديه ما يلبي حاجته من اللاعبين من أبنائه، وهذا ما يحدث الآن مع الأندية التي تلجأ لهذا الأسلوب فتفرح ساعة وتحزن ساعات.

حطين يقع في المحظور:

ووقع حطين في المحظور وقام بالتعاقد مع مجموعة كبيرة من نجوم الدوري السوري موسم 2019– 2020 عندما دعمته إحدى الشركات فاستقطب كلاً من شاهر الشاكر وعبد الرزاق الحسين وحسين جويد وشعيب العلي وعدي جفال وحسن عويد وتامر حاج محمد وسامر السالم ورأفت المهتدي وعز الدين عوض وأنس بوطة وغيرهم؛ ولكنه لم يفلح واكتفى بالمركز الثالث وجاء في المركز الخامس 2020-2021 وفي المركز العاشر موسم 2021– 2022 وهذا الموسم 2022- 2023 كاد أن يهبط للدرجة الأولى واحتل المركز العاشر.

وكل ذلك بسبب عدم اعتماده أبناء ناديه فهاجر من هاجر سعياً وراء الرزق والشهرة ومن بقي لم يجد لنفسه فرصة للعب فانخفض مستواه وعندما قرروا اعتماد أبناء النادي خانتهم خبرة المباريات وكادوا أن يهبطوا.

معظم الأندية العالمية تنتهج هذا النهج وفي بعض الأندية الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والفرنسية والألمانية قلما نشاهد لاعبين من نفس بلد النادي يلعبون في ناديهم وتكون الغالبية من لاعبين خارج بلد النادي؛ ولكن هذه الأندية تقف خلفها شركات راعية ورجال أثرياء، أي أنها تملك أموالاً طائلة ولديها في نفس الوقت أكاديميات تضم الموهوبين لصفوفها، وتبيع البقية لأندية أخرى ومن ثم لا خوف عليها بخلاف أنديتنا التي تتسول ثمن وجبة طعام أو أجور التنقلات والإقامة.

إذاً التعاقد مع اللاعبين بهدف حرمان الأندية الأخرى من جهودهم أمر سلبي في المجالات كافة، وعلى اتحاد الكرة وضع آلية لمنع حدوث ذلك، حتى لا تفقد المسابقات أهميتها وتضيع هيبة الكرة السورية فتمرض وقد يطول بها الأمر لتبرأ من مرضها.

 

محسن عمران || أثر سبورت

اقرأ أيضاً