نشرت مجلة “أتلانتيك” الأمريكية مقالاً للكاتب “جوست هيلترمان” يتحدث فيه عن تدخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحرب السورية لتحقيق مصالحه، وخسارته الرهان على تغيير السلطة في سوريا.
وجاء في المقال:
بالعودة إلى عام 2011، فتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبواب دعمه المباشرة لمسلحين ضد الحكومة السورية على أمل تحصيل نفوذ أوسع في الشرق الأوسط، ولكن لم تجر الأمور بحسب الخطة التركية.
أما قبل اندلاع الحرب السورية، أقامت تركيا علاقات اقتصادية وثيقة مع سوريا وصلت إلى فتح الحدود بين البلدين، والتي اعتبرتها مفتاح دخولها إلى العالم العربي بعد 100 عام من خروج السلطنة العثمانية منه.
ومع بداية الحرب السورية، قطع أردوغان علاقاته مع الحكومة السورية وألقى بوابل دعمه باتجاه الفصائل المعارضة والجهادية، وأصبح شريكاً أساسياً للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، ولكن بعد مشكلة القس الأمريكي، فرض ترامب عقوبات مباشرة على تركيا.
وبعد سبع سنوات من الحرب في سوريا، وبينما تناضل تركيا لحماية نفسها من زعزعة الاستقرار في المنطقة، فإن رهان أردوغان على العالم العربي يبدو وبشكل متزايد متجه نحو الخسارة، لقد أصبحت سوريا في حالة الحرب مقبرةً لأحلام العظمة العثمانية الجديدة التي رعاها أردوغان.
ومع خسارة أردوغان حليفه المصري، الرئيس السابق محمد مرسي، وخلافه مع السعودية والإمارات على خلفية محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016 ومساندته لقطر بعد حصارها وعزلها من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بات الرئيس التركي مقطوع اليدين في العالم العربي، وعاد ملتفتاً إلى سوريا ليجد الأكراد يحاربون تنظيم “داعش” ويسيطرون على شمال شرق سوريا.
وبعد تلقي الأكراد مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة، بات أردوغان يقلق من الأكراد أكثر من تنظيم “داعش”.
اليوم، يعيش أردوغان تناقضات سياسية كبيرة، فمع بقائه كحليف مع المعسكر الغربي، تساعد أمريكا الأكراد وتمدهم بالسلاح شمال شرق سوريا وتفرض عقوباتٍ اقتصادية صارمة على تركيا.
وبعد تبخّر حلم تغيير السلطة السورية، أُجبر أردوغان على التوجه إلى روسيا في محاولة لتخفيف خسائره في الحرب السورية وتخفيف حركات النزوح إلى تركيا، خصوصاً مع اقتراب معركة إدلب.
ولكن، تمتلك روسيا أهدافاً مختلفة عن أهداف تركيا في سوريا، فأول الأهداف الروسية إجبار أردوغان على مد يد الصلح للأسد وتغيير سياسته تجاه سوريا، على أن تضمن روسيا تخفيف خطر الأكراد على تركيا بعودة مناطق شرق سوريا إلى السلطة السورية.
وبعد صمود السلطة في دمشق لسبع سنين بنجاح إلى يومنا الحالي واقتراب معركة إدلب، قد تستطيع روسيا تحقيق أهدافها بتغيير سياسة أردوغان تجاه سوريا.
المصدر: مجلة “أتلانتيك” الأمريكية.
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة أن يعبر عن رأي الوسيلة.