لا تزال معظم الدول التي لديها جالية في أفغانستان تعمل على إجلاءهم منها، وذلك بعد توسع انتشار حركة “طالبان” فيها، ووسط عمليات الإجلاء هذه لا تزال التحليلات تدور حول ارتدادات ما جرى على الإدارة الأمريكية وهيبتها في الشرق الأوسط.
حيث نشرت صحيفة “Financial Times” الأمريكية مقالاً جاء فيه:
“سقوط كابول في أيدي مقاتلي طالبان قد يجعلنا نستشرف مستقبلاً لا يسير إلاّ في اتجاه واحد نحو أمريكا أكثر انطوائية من أي وقت مضى، لذا من المرجح حالياً أن تمثل نهاية الحرب الأفغانية دورة جديدة من دورات ضبط النفس والانعزالية الأمريكية”.
وفي وجهة نظر مشابهة نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية مقالاً جاء فيه: “العقدان الماضيان شهدا تآكلاً مستمراً للقوة الناعمة الأمريكية نتيجة أحداث كبرى أثبتت فيها السياسة الأمريكية فشلها الذريع، بدأت هذه الفترة مع غزو العراق في عام 2003، واستمرت من خلال القتال ضد “داعش” في العراق وسوريا وعهد ترامب لا سيما سوء إدارتها لأزمة فيروس كورونا والآن الانسحاب من أفغانستان.. فحتى مستشاري بايدن العسكريين لم يعتقدوا أن بيت الورق سينهار بهذه السرعة”.
وفي مقال آخر نشرته الصحيفة الأمريكية ذاتها جاء: “إن الرسالة التي بعثت بها طالبان وهي تستولي على آلاف الأسلحة العسكرية الأمريكية، مقترنة بصور فرحة مقاتلي طالبان وهم يتجولون ويستمتعون داخل قصور المسؤولين الأفغان، هي أكثر إثارة للمشاعر في الشرق الأوسط الذين يشاهدونها من عشرات أفلام هوليوود أو حملات الرسائل الممولة من قبل الحكومة الأمريكية، كما أن جميع آلات الدعاية الصينية والروسية والإيرانية، حتى لو كانت تعمل جنباً إلى جنب، لم تكن قادرة على تطوير حملة علاقات عامة فعالة كهذه لتدمير المصداقية الأمريكية، أو تركت مثل هذه الدعاية”.
أما صحيفة “فزغلياد” الروسية فتناولت الموضوع من ناحية تأثيره على الاقتصاد الأمريكي، حيث نشرت:
“باتت واشنطن مضطرة إلى طلب تخفيض أسعار النفط خوفاً على اقتصادها، ففي ظل حكم دونالد ترامب، حلمت الولايات المتحدة بالهيمنة العالمية على الطاقة، لكنها الآن تفقد تأثيرها في أسواق الخام، والدليل على ذلك هو النداء الأخير الذي وجهته الحكومة الأمريكية لمنظمة أوبك وشريكتها روسيا، لزيادة إنتاج النفط وبالتالي خفض الأسعار”.
يبدو أن الإجراء الأمريكي في أفغانستان نقل واشنطن في الساحة العالمية إلى مرحلة جديدة في مشروع الهيمنة على العالم، وبحسب محللين فإن ما جرى أفقدها الكثير من هيبتها بين حلفاءها، في مختلف دول الشرق الأوسط.