خاص || أثر برس وصف العديد من المؤرخين مدرج جبلة الروماني، بأنه أجمل أثر على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ونموذج مكتمل للمسرح السوري. هذا المدرج الذي تبرز أهميته من خلال سلامة بنائه، فهو يشكل اتحاداً معمارياً وعمرانياً وتاريخياً متكاملاً مع محيطه.
ويقول الدكتور ابراهيم خيربك مدير آثار اللاذقية عن هذا الموقع لـ “أثر برس”: “يعتبر المدرج من بين أهم ثمانية مسارح أثرية اكتشفت في سوريا حتى الآن، ويعد الثاني من بين مسارح بصرى وتدمر وشهباء من ناحية المحافظة على بنيانه إضافة إلى قدرته على استيعاب عدد كبير من الجمهور”.
وأضاف خيربك: “يقع المدرج وسط مدينة جبلة الحديثة وفي الجهة الشمالية الشرقية من المدينة القديمة، على أطراف المدينة بمجاورة السور كما هو الحال في موقع مسرح بصرى ومسرح جرش الجنوبي، ويعيد خيربك تاريخ بنائه لعهد الإمبراطور جوستنيان حسب بعض المؤرخين، ولكنه يشير إلى أن هذا غير مؤكد حتى الآن، لكن من خلال الدراسة المعمارية لمسقطه وزخارفه الهندسية يمكن أن نرجع تاريخ بنائه إلى القرن الثاني الميلادي”.
وبحسب خيربك، فإن ما يميز مسرح جبلة هو بناؤه بالحجر الكلسي القاسي كما هو الحال بالنسبة لمسارح تدمر وعمان، كما أنه بني على أرض منبسطة كلياً بحيث تساوت أرضية أقسامه، اعتباراً من أرضية الاوركسترا، في حين أن أماكن الجمهور بنيت كمرتكز على الأروقة والممرات والركائز والفتحات القباب، لافتاَ إلى أنه يندرج ضمن المسارح الكبرى المبنية من ثلاث طبقات للمتفرجين، وهي بالترتيب: السفلى والوسط والعليا مثل مسرح بصرى.
ويتسع المسرح لثمانية آلاف متفرج، وبالطبع يؤخذ بالحسبان استيعاب الرواق العلوي وساحة الاوركسترا والأمكنة الفرعية الأخرى، وهذا يدل على أن المدينة كانت من المدن الأكثر أهمية مقارنة مع المدن الأخرى المعاصرة لها، ويدل بناء المسرح وتنظيم مدرجاته وعقوده وأروقته ومواد بنائه على مهارة هندسية تشير الى عبقرية ذلك العصر، ولذلك استحق قول أحد مرافقي المؤرخ ارنست رينان عام 1860 (إنه أجمل الآثار الرومانية على الساحل الفينيقي).
باسل يوسف – اللاذقية