وسط حالة الجمود يشهدها مسار التقارب السوري- التركي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنه يرحّب بلقاء الرئيس بشار الأسد، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن شرط دمشق المتعلق بالانسحاب التركي من سوريا أمر لا يمكن أن يحدث.
وقال أردوغان، في مؤتمر صحفي قبل توجهه إلى السعودية في سياق جولته بين الدول الخليجية: “نحن لا نغلق الأبواب في التواصل مع الجانب السوري، هناك الآلية الرباعية التي تم إنشاؤها تعمل” مضيفاً أنه من الممكن أن يلتقي مع الرئيس الأسد.
فيما أشار في الوقت ذاته، إلى أنه يرى أن شرط دمشق المتعلق بانسحاب القوات التركية من سوريا أمر لا يمكن أن يحدث، بذريعة وجود “الوحدات الكردية” بالقرب من الحدود التركية، وقال: “هناك تهديدات متواصلة لتركيا من هناك.. هل من الممكن أن يستخدم نفس الكلام بحق دول أخرى؟ كلا لا يستطيع.. لذلك نحن نبحث عن مقاربة عادلة، وبعد العثور على هذه المقاربة العادلة يمكن أن نتجاوز هذه المسألة وكل المسائل”.
أما فيما يتعلق بالموقف السوري بخصوص هذا اللقاء، فمنذ أن بدأ مسار التقارب السوري- التركي أعربت دمشق عن موقفها والذي أوضحه الرئيس بشار الأسد، خلال زيارته إلى موسكو التي أجراها في آذار الفائت، حيث قال: “بالنسبة للقاء مع الرئيس أردوغان فهذا مرتبط بالوصول إلى مرحلة تكون تركيا فيها جاهزة بشكل واضح ومن دون أي التباس للخروج الكامل من الأراضي السورية والتوقف عن دعم الإرهاب وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب في سوريا، هذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن أن يكون هناك لقاء بيني وبين الرئيس أردوغان، عدا عن ذلك ما هي قيمة هذا اللقاء ولماذا نقوم به إن لم يكن سيحقق نتائج نهائية بالنسبة للحرب في سوريا؟”.
كما جدد معاون وزير الخارجية السوري أيمن سوسان، التشديد على الموقف السوري، في محادثات أستانا 20 التي عُقدت في 20 و21 حزيران الفائت، حيث قال: “إن القضاء على الإرهاب بشكل كامل ممكن في حال التزم الجانب التركي بالتفاهمات التي وقع عليها واحترم التعهدات التي تأتي في مقدمة بيانات أستانا، وبشكل خاص ما يتعلق باحترام سيادة سوريا ووحدة وسلامة أراضيها” مؤكداً أنه لا يمكن أن تكون هناك علاقات طبيعية أو عادية بين دولتين تحتل إحداهما أراضي الأخرى فهذا شيء غير ممكن من وجهة نظر القانون الدولي وفي علم العلاقات الدولية لأنه انتهاك سافر لسيادة الدول.
علاقة تصريح أردوغان بجولته الخليجية:
تصريح أردوغان حول شروط دمشق المرتبطة بالتقارب السوري- التركي، أدلى بها قبل البدء بجولة خليجية تشمل السعودية وقطر والإمارات، وسط ترجيحات تشير إلى احتمال ظهور دور إماراتي في مسار التقارب السوري- التركي، ففي الأسبوع الأول من حزيران الفائت أشارت تقارير صحفية تركية، باحتمال وجود محاولة من قبل الرئيس الإماراتي محمد بن زايد لإقناع نظيره التركي أردوغان بتلبية بعض الشروط والمطالب السورية، وذلك بوساطة إماراتية مدعومة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسط المعلومات التي تتحدث عن قمة إقليمية تهدف إلى جمع الرئيسين الأسد وأردوغان.
كيف سينتهي هذا المسار؟
في الوقت الذي يبدو فيه مسار التقارب السوري- التركي متعثّراً نتيجة الخلاف على مسألة الانسحاب التركي من سوريا، أكد مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، عقب محادثات أستانة20 أن كل من روسيا وسوريا وتركيا وإيران اتفقوا على “خارطة الطريق” لإنجاز مسار التقارب السوري- التركي، وفي هذا الصدد أكدت تسريبات صحفية أن الجانبين يدرسون مقترحات يمكن أن تحل هذه الخلافات، حيث نشرت صحيفة “يني شفق” التركية أن صحيفة “يني شفق” -المقرّبة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان- عن مصادرها أن أنقرة اقترحت في المحادثات تأسيس آليّة تنسيق عسكرية مشتركة، لتجري عمليات مشتركة في مواجهة مراكز “الإرهاب” موضحةً أن كلّ بلد سيتمثّل بمندوب ضمن هذه الآلية التي ستتّضح معالمها أكثر في الاجتماعات المقبلة.
بدوره، كشف سابقاً رئيس تحرير صحيفة “رأي اليوم” الصحافي عبد الباري عطوان، عن لقاء جمعه بالرئيس بشار الأسد، مشيراً إلى أن مسار التقارب السوري- التركي يشهد تطورات عدة، وأكد أن الرئيس الأسد، أوضح في اللقاء أنه تم التوصل إلى تفاهمات، وسيكون هناك انسحاب من الأراضي السورية، الأمر الذي سيؤدي إلى إعادة العلاقات إلى أفضل مما كان عليها في السابق، لافتاً إلى أن اتفاقية أضنة 1998 التي سبق أن نظمت العلاقات بين البلدين، ستكون أساس أي تفاهم مستقبلي.
وتؤكد التقديرات أن هذا المسار تم تفعيله نتيجة وجود قناعة لدى الجانب التركي بضرورة استئناف العلاقات بين سوريا نتيجة وجود عدد من الضغوطات، وفي هذا الصدد، نشر موقع “كارنيغي” للدراسات تقريراً قال فيه: “من المرجح أن تستأنف تركيا في نهاية المطاف علاقاتها الكاملة مع سوريا، ويرجع ذلك جزئياً إلى الضغوط الداخلية، منها: مستقبل 3.4 مليون لاجئ سوري في تركيا، الذي كان أحد القضايا الرئيسية في الانتخابات الأخيرة، وخلال العام الماضي دفع أردوغان من أجل إعادتهم إلى الوطن، وكذلك الأمر بالنسبة للعمليات العسكرية التركية لمنع قيام دولة يقودها الأكراد في شمال سوريا تتطلب التعاون مع الدولة السورية، لذلك قد نرى دبلوماسية مكوكية بين أنقرة ودمشق، حيث يلعب هاكان فيدان، المدير التركي السابق للمخابرات الوطنية ووزير الخارجية الجديد، دوراً رئيسياً فيها” وخلُص التحليل إلى أنه “في هذه الحقبة التي تشهد مصالحة بين أعداء الأمس في مختلف أرجاء الشرق الأوسط، لن يكون مفاجئاً أن تبادر تركيا إلى تطبيع علاقاتها مع سوريا، في تحوّل جيوسياسي كبير ذي تبعات إيجابية على العلاقات الثنائية بين إيران وتركيا”.