خاص || أثر برس بدأت تتفشى في المجتمع السوري ظاهرة “عدم الإنجاب” بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، بل وباتت تسجل أحياناً شرطاً في عقود الزواج بالمحكمة بين الزوجين وبالتراضي.
من الناحية القانونية:
عن هذه الظاهرة، تحدث القاضي الشرعي محمود المعراوي لـ”أثر” مجيباً عن سؤال إن كان يصح للزوجين إضافة بند عدم الإنجاب إلى عقد الزواج فقال: “المذهب الحنبلي هو من أكثر المذاهب التي توسعت بالشروط؛ وكل شرط لا يخالف مقتضى العقد أو لم يرد دليل على بطلانه فهو صحيح (فالأصل في الشروط الصحة)”.
وأضاف: “لكن إذا عدنا لتعريف عقد الزواج فهو عقد غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل أي (غايته الإنجاب) فشرط عدم الإنجاب إذا لم يلتزم به الزوج أو الزوجة فهو غير ملزم ومعنى ذلك يمكن أن يكتب العقد لكنه غير ملزم لأن هذا الشرط نافي مقتضى العقد؛ ولا مانع إذا ذكر ضمن عقد الزواج لكن إذا لم يلتزم به الزوج أو الزوجة لا يترتب عليه أي شيء ولا يعتبر مسيء أو إذا لم تلتزم به الزوجة هو فقط يحتاج إلى رضا الزوجين”.
من الناحية الدينية:
بدوره، قال أستاذ الأحوال الشخصية في جامعة دمشق – عميد كلية الشريعة د. محمد حسان عوض أنه من وجهة النظر الدينية، لا بأس إذا اتفق الزوجان على استعمال مانع من موانع الحمل لمدة مؤقتة معروفة لديهم أو تراضياً على ذلك، فإن الحق لهما إذا كان هناك غرض أو أمر مهم يحملهما على ترك الإنجاب في هذه المدة فلا مانع من ذلك لمصلحة يراها الزوجان (إعطاء الأولاد حقهم في التربية، أو إعطاء حق الولد الرضيع سنة أو سنتين مدة الرضاعة) فيجوز لهما أن ينظِّما النسل؛ مراعاة لتربية الأولاد واهتماماً بهم ومراعاة لصحة الأم”.
وتابع بحديثه لـ”أثر” أنه “أما إذا كان اتفاق الزوجين أو اشتراط أحدهما على عدم الإنجاب للأبد فالصواب الذي أراه صحة العقد وبطلان الشرط، ولا يجوز الوفاءُ به وخاصة متى وجد ضرر على المرأة، لأنها تتألم كثيراً بسبب مرض في رحمها أو لأنها لا تلد إلا بعملية تضرها ويخشى عليها منها؛ وذلك للآتي :لأن الإنجاب من أهم مقاصد الزواج وأعظمها نفعاً لما يترتب عليه من بقاء الجنس البشري، وغاية من غايات الشريعة الإسلامية التي أوصت بالتكاثر والتناسل فقد قال ﷺ: (تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ) رواه النسائي”.
وأضاف: “ولأن عدمَ الإنجاب مصادمٌ للفِطرة التي فطَر الله الناس عليها فالأصل في عقد الزواج الإنجاب وهذا الشرط (عدم الإنجاب) يُعد من الشروط الصورية فيما بينهما فقط، ولا يصح لحديث الرسول ﷺ: كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، كِتَابُ اللهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ”
ويرى د. عوض أنه ومن باب أن المنع من الإنجاب بالكلية لا يتوافق مع الشرع، ولا مع العرف، أو مع العقل، حتى لو نُصّ عليه في عقد الزواج، وتم تسجيله كشرط بينهما، فإن هذا الشرط يُعد فاسداً لا يصح كأنه غير موجود، ولو وافقت المرأة ووافق أولياؤها.
وأكد د.عوض أيضاً أن هذا الشرط لا يتوافق مع تعريف قانون الأحوال الشخصية السوري في المادة (1) للزواج بأنه: “الزواج عقد بين رجل وامرأة يحل كل منهما للآخر شرعاً غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل”، فجعل إيجاد النسل من أهم مقاصد الزواج.
دينا عبد