خاص|| أثر برس تشهد مهنة الخياطة في طرطوس انتعاشاً خلال أسبوع العيد، حيث ينقسم الزبائن بين من يسعى إلى تضييق أو تقصير قطعة ملابس اشتراها من السوق، وبين من يلجأ للخياط لإعادة تدوير قطعة ملابس قديمة، وبين قلّة قليلة من لا يزال يجد في خياطة الملابس “على ذوقه” الخيار الآمن من “صرعات الموضة” التي تغزو الأسواق وبأسعار جنونية تكوي جيوب أصحاب الدخل المحدود.
وعلى اختلاف المقاصد والحاجات، ينفض الخياطون عن ماكيناتهم غبار ركود الحركة التي تقتصر في الأيام العادية على “زبائن طيّارة”، لتتزايد طلبات التصليح والتعديل طرداً مع اقتراب العيد، ويغدو عدد كبير من الخياطين، يعتذرون عن استلام أي قطعة جديدة إذا كان الزبون يريدها قبل حلول العيد، بحجة أنه لن يستطيع إنجازها قبل العيد بسبب كثرة طلبات الزبائن.
أبو نوار خياط سبعيني يقول لـ”أثر”: “الحمد لله بدأت الحركة، وأصبح هناك زبائن كثر يأتون إلينا، منهم زبائن محل ومنهم أشخاص جدد يبحثون عن خياط يستطيع أن يعدّل على قطعة الملابس وتسليمها قبل حلول العيد”، مشيراً إلى أن زيادة الطلبات نشّطت الحركة عند الخياطين.
وأضاف أبو نوار: “أسبوع العيد هو باب رزق للخياطين الذين يحاولون فيه تكثيف عملهم والعمل قدر المستطاع، لأن عدد كبير منهم في الأحوال العادية يشكون من قلة الزبائن، باستثناء زبون طيّار بين اليوم والآخر”.
وعزا أبو نوار تراجع الإقبال على الخياطة إلى أن الجيل الجديد لا يرغب في خياطة الملابس ويفضّل عليها شراء الملابس الجاهزة، خاصة إذا الخياط “كحالي” كبير في السن، شارحاً: “الجيل الجديد يركض وراء الموضة والسبورات والموديلات الصارخة وهذا ما لا يجده عند الخياطين أصحاب (الدقّة القديمة)، ناهيك عن أنهم يعتبرون الشراء من السوق أسرع وأسهل وفيه تنوّع بالموديلات والألوان، من دون أن يعير أي أهمية لجودة القماش”.
وعن أهمية القماش، دلّل أبو نوار، بأن الزبون عندما يختار القماش ويفصّله كما يشاء، فإن القطعة تكفيه سنتين وثلاثة وأكثر، وقد يمل من ارتدائها أو يعيد تدويرها قبل أن تهترئ، في حين أن أغلب قماش الألبسة الموجود في السوق ليس جيداً ويتغير لونها بعد “أول غسلة” ويصبح مظهرها قديم.
بدوره، قال جابر خياط ثلاثيني: يعرض الكثير عن الخياطة لأنها باتت مكلفة أيضاً، والسبب وراء ذلك هو ارتفاع تكاليف مستلزمات الخياطة، ناهيك عن تكاليف إيجار المحل والضرائب، وتشغيل مولدة كهربائية أو ثمن الاشتراك بالأمبير الذي بات باهظاً، لأن نصف ساعة كهرباء كل خمس ساعات ونصف قطع لا تكفي لتقصير بنطال، مبيناً أنه عندما نطلب من الزبون 2000 ل.س تقصير بنطال أو تعديل على قميص، فإنه يتفاجأ وكأن الأسعار يجب أن ترتفع في كل شيء وتبقى كما هي عند الخياط الذي اعتاد الأشخاص أن يعطوه 200 أو 500 ل.س على “التصليحة”.
وأضاف: هناك أشخاص يعدّون على الأصابع يأتون إلي لخياطة الملابس وهم من كبار السن الذين لا يجدون طلبهم في الأسواق، ويفضلون أزياء قديمة اعتادوا على ارتداءها، مستدركاً: لكنهم يأتون مرة كل سنتين أو ثلاثة.
من جهتها، قالت ريم (طالبة جامعية): لا أفكر بالذهاب للخياط سوى لإجراء تقصير لفستان أو تضييقه، أو تقصير بنطال، لأن خياطة الملابس غير مضمونة النتائج، فمن يضمن أن تخرج بعد انتهاء التفصيل كما أردتها، ولذلك أفضل الشراء من السوق لأنه حتى لو دفعت أكثر إلا أنني أضمن القياس واللون والموديل المناسبين.
من جهتها، قالت مريم (ربة منزل): إذا كانت أسعار التصليح عند الخياطين باتت غالية، وأقل تصليحة بين 2000-3000 ل.س، فكيف ستكون أسعار الخياطة؟، لتجيب سريعاً: “أكيد مرتفعة” وإذا لم تكن كأسعار السوق فإنها مقاربة لها، فلماذا أتحمل عناء القياس والتفصيل والذهاب والإياب من عند الخياطة، إذا كان السوق موجود ويحتوي على موديلات متنوعة ترضي جميع الأذواق، خاصة أنه في ظل ارتفاع الأسعار لم يعد بالإمكان شراء قطعة إلا كل سنة مرة وأحياناً كل سنتين.
صفاء علي – طرطوس