تواصل قوات “قسد” تطويق الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في مدينة الحسكة، بعد قطع طريق القامشلي – الحسكة أمام العسكريين، ومنع دخول الدرّاجات النارية وسيّارات المواد الغذائية والشحن، مانعة في الوقت ذاته إدخال المواد الغذائية إلى المنطقة، ولليوم السادس على التوالي، تسعى “قسد” للتضييق على الجيش السوري والمدنيين في الحسكة، مع نشر شائعات عن وجود قرار أميركي بإخراج الحكومة السورية بمؤسّساتها كافّة من الحسكة والقامشلي.
وذكرت مصادر ميدانية أن “قسد” عمدت إلى إغلاق المداخل والمخارج في الأحياء التي تسيطر على قوات الجيش، مع رفع السواتر الترابية وزيادة عدد مسلحيها في نقاط التماس مع الجيش السوري، الذي قابل هذه التطوّرات بتعزيز نقاطه العسكرية تحسّباً لأيّ طارئ، وقد أدّت التحرّكات الأخيرة إلى حالة من التوتّر والخوف لدى الأهالي، من نشوب مواجهة عسكرية.
ونقلت جريدة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر سورية وصفتها بـ”المطلعة” أن هذه التحرّكات المفاجئة هي “محاولة للضّغط على الحكومة السورية والقوات الروسية، للقبول بنشر قوات إضافية في عين عيسى، من دون انسحاب قسد منها”، مضيفة أن “الليونة الحكومية والروسية في تلبية مطالب قسد، دفعت الأخيرة إلى رفع سقف مطالبها بشكل أكبر”، مستبعدة في الوقت ذاته وجود أيّ قرار بمهاجمة قسد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
كما كشف مصدر مقرّب من الجانب الروسي: “إنّ موسكو رعت هذا الأسبوع لقاءات عديدة بين ممثلين عن الحكومة السورية وقيادات كردية، لبحث التوتّر الأخير في الحسكة”، موضحاً أنّ “القيادات الكردية طلبت الإفراج عن نحو 450 موقوفاً كردياً، مع إفساح المجال لجرحاها بتلقّي العلاج مجّاناً في مشافي دمشق، وعبور دورياتها وقياداتها مطار القامشلي، وطريق حلب – عفرين، من دون أيّ إجراءات أمنية”، مشيراً إلى أن “هذه المطالب قوبلت برفض ممثلي الحكومة السورية، ما دفع قسد إلى زيادة الضغط عبر إغلاق مداخل ومخارج الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش، ومنع حركة العسكريين في المنطقة” وفقاً لما نقلته “الأخبار”.
ومن جهة أخرى، نقلت الجريدة عن مصدر عسكري سوري قوله: “إن إجراءات قسد تتماهى مع سياسة الحصار والتجويع التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى ممارستها بحق السوريين”، موضحاً أنّ “ما يحصل في الحسكة هو بتعليمات أمريكية واضحة” متهماً ميليشيا قسد بسرقة المحروقات وحرمان الشعب السوري الاستفادة من مقدّرات بلاده، لافتاً إلى أن “مناطق سيطرة قسد ذاتها تشهد أصلاً أزمة محروقات، بسبب قيام الميليشيا بتهريبها وبيعها في أسواق داخلية وخارجية”.
في هذه الأثناء، تزامنت هذه التطوّرات مع الإعلان الروسي عن دفع مزيد من التعزيزات إلى الجزيرة السورية، بهدف نشرها في مناطق في ريفي الحسكة والرقّة المتاخمين للحدود مع تركيا. وقال مسؤول مركز المراقبة الروسي – السوري المشترك، الرائد ديمتري سونتسوف، في تصريح إعلامي، إنه “تمّ إرسال نحو 300 جندي روسي إلى محافظة الحسكة السورية لتعزيز مراكز المراقبة”. وأشار سونتسوف إلى أنّ “إحدى نقاط المراقبة المشتركة في محافظة الحسكة، ومهمّتها الرئيسية هي المساهمة في تهدئة الصراع في المنطقة”، وبحسب رأي محللين فإن هذه الخطوة تأكيدٌ للإصرار على توسيع النفوذ الروسي في المنطقة، ومنع حصول أيّ تغييرات ميدانية لصالح الأتراك في الطريق الدولية (M4)، أو لصالح “قسد” والأمريكيين في الحسكة.
ومن جهة أخرى، تواصل قوات “قسد” التضييق على المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها في المنطقة الشرقية، حيث شنت اليوم الأربعاء، حملة مداهمات واختطفت 9 مدنيين في المناطق التي تسيطر عليها في ريفي دير الزور والحسكة.