خاص|| أثر برس ترتبط صناعة الجبن في دير الزور بالريف أكثر من المدينة، ولكن مع دخول الآلات الحديثة بدأت هذه الصناعة تأخذ مساحة أوسع ضمن محافظة دير الزور مدينة وريفاً، والمعروف عن “الجبـن الديري” بأنه من أطيب وألذ الأجبان في المنطقة، وهذا يعود إلى نوعية وجودة المراعي التي توجد بها الأغنام، وحتى ضمن المنطقة الواحدة تختلف بين “الشامية” و”الجزيرة“، وهذا يعود لنوعية الأعشاب التي تنتشر ضمن المنطقة.
ورغم ما عانته محافظة دير الزور خلال سنوات الحرب، إلا أن صناعة وتجهيز الأجبان بقيت حاضرة، فلا يكاد يخلو منزل في الريف من هذه المادة والتي لها حضور كبير بين وجبات الطعام وبخاصة خلال وجبة الإفطار، وخلال الفترة الأخيرة شهدت أسواق الأجبان بدير الزور ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق بالأسعار، حيث وصل سعر الكيلو الواحد إلى 9 آلاف ليرة لجبـن البقر، و12 ألف ليرة لجبـن الغنم، و9 آلاف للجبـن المشلل.
وعن صناعة الجبن في ريف دير الزور تقول السيدة “نجود” لـ”أثر” وهي سيدة في السبعين من عمرها: نأخذ كميات من حليب الغنم، وبهذا الوقت يكون الحليب ساخناً عندما يؤخذ من الضرع، ويوضع في إناء كبير، ويضاف إليه حبات من “دور الجبن” أو ما يعرف “بالمنفحة” وهي نوع شبيه تماماً بالخميرة، وعند وضع هذه الحبات يبدأ الحليب بالتجبن مشكلاً قطعة من الجبن، وهنا نبدأ بوضع الجبن في أكياس من القماش أو “الشاش”، وهذا الأمر إذا كان في فصل الربيع، أما في فصل الشتاء تختلف الطريقة قليلاً عن سابقتها حيث نبدأ بتسخين الحليب على نار هادئة كون الجو بارداً، إذ يعتبر الجو البارد عدو للأجبان .
وتضيف “نجود” أن المراعي تلعب دوراً في اختلاف نوعية وطعم الجبن، فإذا كانت الحقول والمراعي مزهرة، والأعشاب البرية منتشرة، يكون طعم الجبن مميزاً من حيث النكهة والدسم الكامل، وفي حال كانت كميات الهطولات المطرية في المحافظة قليلة يلجأ المزارع إلى إطعام الماشية والأبقار للحصول على حليب كاملا الدسم وجبنة مميزة بطعمها.
وهناك نوع آخر من الجبن يسمى “الجبن المشلل” بحسب “نجود” يصنع من بقايا الجبن المتكسر أثناء عملية التجبن، ويوضع على نار هادئة حتى يذوب، ومن ثم يتم تشبيكه باليد، ويمد على شكل خيوط، ويلف مع بعضه بعض حتى يصبح مثل “الجديلة”.
وتضيف السيدة “نجود” بأن عملية حفظ الجبن تكون بوضع كميات من الملح عليه حتى يبقى محافظاً على جودته وطعمه، ويقدم في فترة الشتاء، ويتم تجهيز كميات بهذه الطريقة كمؤونة شتوية.
عشق أهل “الدير” لتناول الجبنة البلدي أصبح معلماً أساسياً من معالم “الدير” الذي تصدر موائدهم ليس فقط لقاء تذوق الطعام الشهي في وجبة الإفطار أو العشاء، وإنما تلتها أمور أخرى كإضافة قطع تلك الجبنة إلى معظم الأطباق، وكذلك تؤخذ الزبدة الناتجة عن غلي الجبن فتصنع منها الكليجة وحلويات أخرى، والمصنوعة في غالبها من حليب الغنم أو البقر.
مالك الجاسم – دير الزور