خاص|| أثر برس باتت الزلازل والهزّات الارتدادية الشغل الشاغل للسوريين الذين نسوا في لحظة ما يعانون منه من أزمات اقتصادية ومآسي معيشية، وبات السؤال الوحيد الذي يدور في أذهانهم منذ وقوع الزلزال هل نحن مقبلون على كارثة أخرى مماثلة؟، حتى أن عدداً منهم بدأ بالذهاب والانتقال إلى القرى والجبال خوفاً من أي زلزال أو ظناً منهم أن منازل “الضيع” في أمان أكثر.
كنانة واحدة من السيدات اللواتي خسرت ابنها في هذه الكارثة فتركت منزلها المهدم وانتقلت إلى العيش في جبال محافظة اللاذقية علّها تحظى بالأمان الذي لم تعد تشعر به، وتقول لـ”أثر”: “درجة الخوف تختلف بين منطقة وأخرى، بحسب الموقع الجغرافي المهدّد بخطر الزلازل من جهة، ومن جهة أخرى بحسب مدى صلابة المباني وقدرتها على المقاومة؛ لذلك وجدت أن الحل هو أن أعيش في الجبال لمتانتها ولأنها أرضية ليست طوابق عالية فما عانينا منه عند شعورنا بالزلزال جعلنا غير قادرين على الحركة فهبط بنا البناء وبقينا تحت الأنقاض يوم كامل بعدها خرجت وأنا على قيد الحياة؛ ولكني فقدت ابني”، مشيرة إلى أنها لجأت إلى منزل جدها في الجبل ربما يحميها من الهزات الارتدادية التي لم تنتهِ بعد.
بدوره، أحمد أخذ عائلته وذهب بها إلى إحدى القرى البعيدة عن موقع الزلزال، وأوضح لـ”أثر” أن ذلك أكثر أماناً وأفضل لحماية عائلته.
وفي السياق ذاته، أستاذ مادة البيتون المسلح بكلية الهندسة وعضو لجنة الكود السوري وعضو بالهيئة العليا للبحث العلمي قطاع التشييد والبناء د.عصام ملحم، بيّن لـ”أثر” أن انتقال الناس للسكن في منازل القرى هرباً من الزلازل يأتي نظراً لأن البيوت تكون مؤلفة من طابق واحد وحجم الضرر إذا تساقط البناء سيكون أخف فيما لو تساقط البناء بأكمله.
ولدى سؤالنا للدكتور ملحم حول مدى صحة المعلومات التي تفيد بأن منازل القرى قديمة وإنشاؤها آمن، أجاب: “هذه أفكار مغلوطة وحتى لو كانت هذه المنازل حجرية فإن الأبنية الحجرية غير مقاومة للزلازل، وليس مؤشراً أيضاً إن كانت مبنية منذ زمن بعيد أو حديثة البناء إنما هذا يعود إلى تقنية التنظيم والتصميم”، مضيفاً: “كل ما هنالك أن الناس عندما تفكر بالذهاب إلى منازل القرى هذا لأنها طابق واحد إذا تهدم (لا قدر الله) بفعل الزلزال تكون الكتل والأوزان أخف، والإخلاء أسرع والمقصود أي شخص بإمكانه أن يفتح الباب ويخرج بسرعة، على عكس القاطنين في الطوابق العليا الذين لم يستطعوا النجاة بسهولة نظراً لارتفاع الطوابق كما حدث في الزلزال الأخير”.
أما فيما يخص البحث عن الأمان وقت الزلزال واللجوء إلى الأماكن المنخفضة، أكد د. ملحم لـ”أثر” أنه لا علاقة بمستوى ارتفاع المنزل بالزلزال، قائلاً: “هناك أبراج عالية منفذة ومصممة بطريقة هندسية وفنية ومقاومة للزلازل من ناحية المواد، ضبط الجودة، اختبارات ومخططات، عندها لا مانع لو كانت 10 طوابق، وفي الجهة المقابلة يمكن أن يكون البناء عبارة عن طابقين قد يقع فوق رؤوس ساكنيه بسبب سوء التنفيذ، لذلك فإن هناك مفاهيم مغلوطة عند الناس عن طبيعة الأبنية وتصميمها إنما أعود وأؤكد بأنه لا علاقة لارتفاع مستوى البناء أو انخفاضه بالانهيار من جراء الاهتزازات والزلازل إنما طبيعة التصميم والتنفيذ هي الأساس”.
من جانبه، مدير المركز الوطني لرصد الزلازل د. رائد أحمد، بيّن لـ “أثر” أن هناك بعض الناس تذهب إلى القرى أو تبتعد إلى الجبال نظراً لخوفها من حدوث تسونامي أو زلزال؛ علماً أننا طمأنا الناس بأن تسونامي لم يحدث إلا في حالات خاصة، مضيفاً: “محافظة اللاذقية كان لها وضع خاص لأنها تعرّضت لهزات كثيرة؛ ولكن الجبال أو القرى ليست بمنأى عن حدوث الزلازل وجميع المساحات الجغرافية معرّضة لحدوث الزلازل والهزات الأرضية، ولكن الناس تذهب إلى القرى لعدة أسباب منها أنه لا يوجد اكتظاظ بالسكان، ويوجد مساحات واسعة، والأبنية ليست عالية ولا ملاصقة لبعضها”.
وكان د.أحمد طمأن أن الهزات الارتدادية باتت أخف من السابق، لافتاً إلى أن هناك هزات خفيفة على البحر وفي لواء اسكندرون؛ لكن حتى الآن الوضع ضمن الأمور غير المحسوسة.
دينا عبد