خاص || أثر برس
تسببت الحرب في دخول عدد كبير من الأطفال المقيمين في محافظة الحسكة إلى سوق العمل بهدف مساعدة ذويهم في تأمين مصاريف النزوح، وخلال رعيهم للأغنام، تسبب انهيار سقف أحد “الهنكارات” المهجورة بالقرب من مدينة القامشلي بوفاة طفل عراقي وإصابة اثنين آخرين، في حين أن عدداً مجهولاً من الأطفال يسهمون في إعالة أسرهم بالعمل في مهن متعددة لا تتناسب وأعمارهم.
من زبالة الأمم
على بعد مئة متر من أحد مقرات الأمم المتحدة في مدينة القامشلي، يقوم عدد من الأطفال بشكل يومي بـ “نبش” الحاويات بحثاً عن بعض المواد القابلة للتدوير بهدف بيعها لتجار الخردة في المدينة، ويعتبر “أحمد” واحداً من الأطفال الذين يطوفون على الحاويات ومراكز رمي القمامة النظامية والعشوائية لإيجاد ما يمكن بيعه.
لا يعرف أحمد أن البناء الذي يفتش في قمامته يعود لـ “الأمم المتحدة”، التي تعد إحدى منظماتها معنية بحمايته ورعايته كطفل، إلا أن يقول في حديثه لـ “أثر برس”، إن هذا البناء مميز عن غيره لوجود كميات من المواد القابلة للبيع بشكل يومي، كالعبوات البلاستيكية والزجاجية، وقد يملأ كيسه الذي يحمله على ظهره طوال اليوم خلال فترة قصيرة إذا ما وصل في الوقت المناسب إلى بناء الأمم المتحدة.
ويقاسمه أخوه “يوسف” الرأي، فالمباني التي يسميها بـ “بيوت المسؤولين”، تكون بالنسبة له مصدراً مهماً للرزق، وغالباً ما يتشاجر مع منافسيه من “نابشي القمامة” في المدينة للحصول على الحصة الأكبر، لكن يخرج مهزوماً من المشاجرة أمام من يكبرونه بالسن لكونهم أكبر فقط، ويؤكد في حديثه لـ “أثر برس”، أن إيجاد المعادن القابلة للبيع كـ “النحاس والألمنيوم”، تعد أكثر ربحاً من بقية المواد التي يتم جمعها.
محارم ويانصيب
في أسواق مدينتي الحسكة والقامشلي، يطوف عدد كبير من الأطفال في الأسواق ليبيعوا علب المناديل وأوراق اليانصيب على المارة، بهدف الحصول على مرابح لا تزيد عن ألف ليرة سورية في أحسن الأحوال، ولا يغيب الأطفال عن العمل أياً كانت الظروف الجوية التي تمر بها المحافظة.
“مرعي”، واحد من ثلاث أخوة ينحدرون من إحدى قرى ريف دير الزور الشرقي، يعملون في السوق على بيع المحارم، ويقول في حديثه لـ “أثر برس”، إن الحالة الصحية السيئة لوالده المصاب بإحدى الغارات الأمريكية على قريتهم، تجبرهم على ترك مقاعد الدراسة للحصول على دخل يساعد في مواجهة ظروف النزوح.
الطفل الذي لم يتجاوز 13 عاماً من عمره، يتحدث عن لوازم المنزل وآجاره، كأنه ربّ للأسرة لا أحد أفرادها الأقل عمراً، ويقول: “الخبز أبدى من الدراسة، نستطيع أن نؤجل الدراسة لكن الجوع لا يمكن أن يؤجل”، ويضيف: “أن أعمل في بيع المحارم أشرف من أن أتسول أنا أو أحد أفراد أسرتي، أو أن أنتظر معونة مالية من عم أو خال يقيمون في الخارج”.
محمود عبد اللطيف- المنطقة الشرقية