خاص || أثر برس في الوقت الذي يجد فيه الأهالي عطلة منتصف العام فرصة لإثراء عقول أبنائهم بالمعارف المختلفة والتقنيات وتعلّم لغات أجنبية، هناك أسر ترسل أبناءها إلى العمل للحصول على دخل إضافي يسهم في سد عجز مصروفات الأسرة أمام متطلبات وأعباء الحياة اليومية، في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تشهدها سوريا.
الطفل موفق “11 عاماً”، يعمل بائعاً في أحد محال الخضار ويحصل على ستة آلاف ليرة أجراً يومياً، يقول لـ “أثر” إن والديه موظفان، وله أربعة أشقاء أكبرهم في السادسة عشرة من عمره يعمل في أحد محلات النجارة ويعيشون في بيت مستأجر، إذ يعمل وشقيقه على مساعدة والديهما لمواجهة أعباء الحياة.
بدوره، يعمل كنان البالغ 12 عاماً عامل حلاق رجالي ينظف له المحل مقابل أجر قيمته خمسة آلاف ليرة يومياً؛ ويحكي لـ “أثر” أنه سيعمل طيلة أيام العطلة لأنه يحتاج وأخوته إلى أغراض وقرطاسية مع بداية الفصل الدراسي الثاني وليس بمقدور أهله شراؤها لهم.
أيضاً، طارق “15 عاماً” يعمل في مغسل للسيارات، مقابل أجر يتراوح بين 7 آلف و8 آلاف، يومياً إضافة إلى الإكراميات من أصحاب السيارات، ويضيف لـ “أثر” أنه يعمل بعد انتهاء دوام المدرسة وليس في العطلة فقط، ففي أيام العطل يعمل من الساعة الثامنة صباحاً وحتى التاسعة مساءاً.
ولفت إلى أنه يساعد والدته في إعالة الأسرة، وأنه أتقن غسيل السيارات جيداً، مبيناً أن مستواه الدراسي متوسط ولا ينوي دخول الجامعة لأن هذه المهنة برأيه مربحة أكثر.
وفي أحد صالونات التجميل، تعمل مايا البالغة 15 عاماً، على تنظيف الشعر المتساقط على الأرض جراء عمليات القص، وتعد القهوة والشاي للزبائن مقابل 15 عشر ألف ليرة في الأسبوع، ومدة عملها من الساعة 11 صباحاً حتى السابعة مساءاً، وتقول لـ “أثر” إنها تعمل فقط في أيام العطل بهدف التسلية وتعلم المهنة إضافة لتوفير مبلغ من المال تشتري به ما تشاء.
هذا ويكثر وجود الأطفال بين سن العاشرة و16 عاماً على الإشارات الضوئية، فمنهم من يبيع العلكة أو الأزهار أو الألعاب البسيطة للأطفال، وما أن تقف السيارات على الإشارة إلا وتجد العديد منهم ينتشرون حولها يتوسلون البيع بإلحاح كبير يضطر فيه سائقون إلى الشراء.
وفي السياق ذاته، ترى سلوى محمد أخصائية علم الاجتماع، أن العمل خلال العطلة له إيجابيات أيضاً فلا يمكننا النظر إلى السلبيات فقط، مضيفة لـ “أثر”: “فمن إيجابيات العمل بالنسبة لليافعين أنه يعتبر بداية لتبلور الهوية الفردية، والاحتكاك المباشر مع سوق العمل ولو بشكل يسير، والإحساس بالقدرة على الإنتاج رغم العناية الفائقة التي يحرص الأبوان على تحقيقها لأبنائهم غالباً”.
أما عن نسبة التسرب المدرسي، بيّن عماد هزيم مدير التعليم في وزارة التربية لـ “أثر” أن نسبة الفاقد التعليمي بلغت 36% لغاية عام2020 فيما لم يتم رصد نسبة التسرب لعام 2022 حتى الآن.
وقال هزيم لـ “أثر”: “وهنا يأتي دور وزارة التربية بكونها أحد المعنيين الرئيسين في حماية الطفولة وبناءها جنباً إلى جنب مع المؤسسات والهيئات الأخرى التي تعنى بالطفولة، ويأتي دورها الأكبر في محاربة ظاهرة التسرب المدرسي التي تشكل إحدى الأسباب الرئيسة في ظاهرة عمالة الأطفال، وهنا لا بد من الإشارة بأن ظاهرة التسرب المدرسي بحد ذاتها هي نتيجة مثلها مثل ظاهرة عمالة الأطفال تعود لتوافر عدد من الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والتربوية على الرغم من أن العامل الاقتصادي هو صاحب اليد العليا في هذه الظاهرة وأهم أسبابها”.
وبحسب مدير التعليم في وزارة التربية، فقد عملت وزارة التربية على اتخاذ كافة الإجراءات والقيام بعدد من المشاريع للحد والتخفيف من آثار الحرب وتأمين حق التعلم للجميع من خلال الآتي:
إصدار القانون رقم /7/ لعام /2012/ وهو تشريع جديد مناسب لمعالجة التسرب في مرحلة التعليم الأساسي الإلزامي تتضمن المادة /2/ منه: يُلزم جميع أولياء الأطفال العرب السوريين ومن في حكمهم (ذكوراً وإناثاً) بإلحاق أطفالهم الذين تتراوح أعمارهم ما بين (6-15) سنة بمدارس التعليم الأساسي ونصت المادة /11/ منه:
في حال امتناع ولي الطفل أو المسؤول عنه قانوناً عن إرسال الطفل إلى المدرسة بعد إنذار بعشرة أيام يعاقب بغرامة مالية مقدارها من 10 إلى 15 ألف ليرة سورية.
وعند تكرار امتناع ولي الطفل أو المسؤول عنه قانوناً عن إرساله للمدرسة يعاقب بضعف الغرامة المالية الواردة في الفقرة /أ/ من المادة /11/، مع عدم الإخلال بالعقوبات الأشد ويعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر.
دينا عبد ــ دمشق