لاقت الغارات الجوية التي نفذتها القوات الأمريكية في سوريا والعراق ردود فعل دولية عدة، أنذر بعضها بأن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تصعيد واندلاع صراع أوسع في المنطقة، فيما يعتبر مسؤولون أمريكيون أن هذه الغارات حققت أهدافها، وقال في هذا الصدد منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي: “وزارة الدفاع الأمريكية في المراحل الأولى لتقييم الأضرار الناجمة عن الضربات، لكننا نعتقد أن الهجمات كانت ناجحة”.
واهتمت التحليلات الأمريكية والغربية بأسباب هذا التصعيد، وتأثير هذه الغارات وحجم النجاح الذي حققته، وفي هذا الصدد انتقد الكاتب دانيال لاريسون، في مقالة نشرتها مجلة “ريسبونسبل ستيتكرافت” الأمريكية نفي المسؤولين الأمريكيين ارتباط هذا التصعيد بالحرب الدائرة في فلسطين، منوّهاً بتصريح منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، الذي نفى فيه وجود هذا الارتباط، وعلّق لاريسون على تصريح كيربي بأنه “كاذب ومضلل”، وقال: “إن رفض مواجهة حقيقة الارتباط بين هذه الصراعات، يضمن أن الولايات المتحدة سوف تلاحق سياسات غير فعّالة وهدّامة بتجاهل حقيقة مفادها أن المفتاح إلى نزع فتيل التوترات الإقليمية يتلخص في إنهاء الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن”.
وتابع لاريسون: “الآن بعد سقوط قتلى أمريكيين جراء هجوم شنته مجموعات عراقية، تريد الإدارة تجزئة كل صراع حتى لا يستنتج الشعب الأمريكي أن جنودهم يقتلون بسبب حرب خارجية، اختار الرئيس دعمها من دون شروط”.
وأضاف: “يستحق الجمهور محاسبة صادقة عما تفعله حكومتنا في الشرق الأوسط، وفي الوقت الحالي لا يقدم البيت الأبيض أي شيء قريب من ذلك، وإذا لم يغير بايدن مساره، فإن أقل ما يمكنه فعله هو أن يصارح الشعب الأمريكي بالتكاليف الكاملة للاستمرار في المسار الخطر الذي اختاره”.
وفي السياق نفسه، لفتت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية، إلى أن “الولايات المتحدة أصبحت متورطة تورطاً متزايداً في الصراع، إذ شنت ضربات متكررة للدفاع عن القوات الأمريكية في سوريا والعراق، واستهدفت الحوثيين في اليمن الذين ضربوا السفن التجارية في البحر الأحمر، وهو ممر مائي تجاري حيوي”.
بدوره قال زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وأستاذ في كلية الخدمة الخارجية دانييل بايمان، في مقالة نشرتها صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية: “من غير المرجح أن تؤدي الضربات الأمريكية إلى تحريك المؤشر الإقليمي تحريكاً كبيراً”.
واتفق مع بايمان، المحلل السياسي العسكري جون هوفمان، الذي أشار في مقالة نشرتها صحيفة “ناشيونال إنترست” البريطانية إلى أن “سياسات واشنطن في الشرق الأوسط لا تردع العنف، ولا تعمل لتحقيق الاستقرار في المنطقة.. وتخاطر بتصعيد كبير”، مضيفاً أن “واشنطن تخاطر بحرب طويلة في المنطقة”، وخلُص هوفمان إلى أن “الحروب التي ليست لها أهداف سياسية يمكن الوصول إليها لا تؤدي إلا إلى العنف من أجل العنف”، مضيفاً أن “هجمات إسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة لا تحمل أي وعد بتحقيق أهداف سياسية معلنة، ولهذا على واشنطن التحرك بسرعة لوقف تداعيات ما يحدث في المنطقة لحماية المصالح الأمريكية”.
وأكدت القيادة المركزية الأمريكية أمس السبت في بيان لها أن الغارات الأمريكية على سوريا والعراق، جاءت رداً على الهجوم الذي استهدف القاعدة الأمريكية عند الحدود السورية- الأردنية وتسبب بمقتل ثلاثة جنود أمريكيين.
وبعد الغارات الأمريكية، استأنفت المقاومة العراقية هجماتها على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، وذلك بعدما أعلنت أنها ستعلّق استهدافاتها لتلك القواعد لعدم إحراج الحكومة العراقية، موضحة أنها ستدافع عن أهالي قطاع غزة بطرائق أخرى، إذ أعلنت أمس السبت استهداف قاعدة حرير الأمريكية في العراق كما استهدفت شرقي سوريا القاعدة الأمريكية في حقل غاز كونيكو في دير الزور وقاعدة خراب الجير في الحسكة.