وسط التصعيد الحاصل شمالي سوريا حمّلت أنقرة مسؤولية هذا التصعيد إلى كل من موسكو وواشنطن، فيما أشار متزعمو فصائل أنقرة شمالي سوريا إلى التحضيرات والاستعدادت التي يقومون بها لشن عمل عسكري في تلك المنطقة.
حيث قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أثناء مؤتمر صحفي مشترك عقده في أنقرة اليوم الأربعاء مع نظيره من نيكاراغوا، دينيس مونكادا كوليندرس: “إن وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة تنظيماً إرهابياً مرتبطاً بـ”حزب العمال الكردستاني” كثفت هجماتها ضد تركيا وبدأت بإطلاق قذائف يصل مداها 30 كيلومتراً باتجاه الأراضي التركية”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وروسيا تتحملان المسؤولية عن هذه الهجمات، متهماً إياهما بعدم تطبيق التزاماتهما بإبعاد “الوحدات الكردية” عن الحدود التركية لمسافة لا تقل عن 30 كلم، معتبراً أنه “في هذه الظروف ينبغي لتركيا حل المسألة بنفسها وضمان أمن هذه المناطق”.
وخصص في حديث الولايات المتحدة بقوله: “واشنطن تدعم الوحدات الكردية وفي الوقت نفسه تعلن التضامن مع تركيا بشأن هجمات تنفذ بأسلحة أمريكية”.
وينسجم تصريح أوغلو، مع تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أول أمس أشار خلاله إلى نفاذ صبر بلاده بعد الاعتداء الأخير على جنود بلاده شمالي سوريا واصفاً إياه بـ “القشة التي قصمت ظهر البعير”، فيما نفت “قسد” مسؤوليتها عن هذا الهجوم.
هذه التصريحات التركية واستمرار عمليات القصف المتبادل بين “الوحدات الكردية” من جهة وأنقرة وفصائلها من جهة أخرى، يشير إلى أنه ثمة تصعيد عسكري تحضَر له أنقرة، حيث نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن قيادي في “الجيش الوطني” التابع لتركيا أحمد حمادة قوله: “بعد تكرار الاعتداءات والقصف شبه اليومي من قبل قسد على مناطق خاضعة لتركيا وفصائلها شمال سوريا، بات الخيار الوحيد أمام ذلك، هو إطلاق عملية عسكرية”.
وأشار إلى أن فصائل تجري الآن تدريبات عسكرية عديدة لمسلحيها، بالإضافة إلى الحالة التنظيمية التي خضعت لها الفصائل مؤخراً، وإجراء عمليات اندماج كامل للفصائل (الجبهة السورية للتحرير وغرفة عمليات عزم)، وإنشاء غرف عمليات لقيادة العمليات العسكرية بشكل منظم، كما أضاف قيادي آخر أن “فصائل الجيش الوطني شمال سوريا، أعلنت منذ أيام حالة استنفار لمقاتليها، عقب التصعيد والقصف من قبل قسد، التي تستهدف المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل والقوات التركية، مرجحاً أن تكون دوافع الاستنفار، هي التحضير لعملية عسكرية ضد قسد في إحدى المناطق شمالي سوريا، حسب التجهيزات العسكرية والقتالية في عدد من المواقع الأمامية القريبة من خطوط التماس مع قسد”.
من جهته، أكد الناطق الرسمي لإحدى تشكيلات «قسد» المدعو بـ «المجلس العسكري السرياني» ماتاي حنا، أنهم مستعدون لصد أي عدوان من قبل القوات التركية وفصائلها، مشيراً إلى أن حصيلة الهجمات التركية على بلدة تل تمر وناحية أبو راسين ومنطقة زركان التي تتعرض للقصف منذ 3 أشهر، بلغت 433 هجوماً بالأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة، و86 محاولة تسلل تم صدها وإحباطها من قبل قواتهم.
كما شدد على أن قصف المدفعية التركية لقرية «تل شنان» الآشورية لأول مرة، يُعتبر تطوراً عسكرياً لافتاً قد يزيد من تعقيدات التقسيمات الميدانية للجهات المتحاربة بالمنطقة، حيث قال: “هذه المرة الأولى التي يتم استهداف هذه المنطقة الآشورية وتعرضت لـ 60 قذيفة وصاروخاً خلال 24 ساعة الماضية، ويعد هذا الهجوم الانتهاك السادس خلال الـ 10 أيام الماضية فقط”، منوهاً بأن قرى آشورية ثانية تعرضت للقصف أول من أمس وهي «تل طويل» و«تل كيفجي» و«تل شنان» و«تل جمعة» الواقعة بريف تل تمر شمالي الحسكة.
وحول الاعتداءات على نقاط تركية، أكد المسؤول العسكري التابع لـ “قسد” أن “قواتنا تقوم بالرد على مصادر إطلاق القذائف المدفعية في إطار حقنا المشروع بالدفاع عن أراضينا”.
يشار إلى أن جبهات الشمال السوري تشتعل باستمرار لا سيما الجبهات الواقعة على حدود الاشتباك بين “قسد” من جهة وتركيا وفصائلها من جهة أخرى، حيث تلمح أنقرة باستمرار إلى رغبتها بتنفيذ مشروعها الذي أطلقت عليه اسم “المنطقة الآمنة” والتي تمتد إلى عمق 30 كيلو متراً داخل الأراضي السورية.