خاص|| أثر برس يتزايد التوتر بين “إسرائيل” وتركيا في سوريا، التي أصبحت ساحة جديدة للتنافس بينهما، في ظل مخاوف من الانزلاق نحو حرب مباشرة قد تكون لها تداعيات وخيمة على سوريا والمنطقة، خصوصاً مع وصول المعارضة السورية إلى السلطة في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.
حيث تُعتبر المعارضة السورية من أبرز الحلفاء لأنقرة، مما يعزز احتمالية توسيع تركيا لمكانتها العسكرية في سوريا وامتلاك قواعد عسكرية داخل الأراضي السورية، فضلاً عن زيادة علاقاتها العسكرية بالإدارة السورية الجديدة، الأمر الذي أثار مخاوف “إسرائيل” من النفوذ التركي المتزايد في سوريا.
هذه التطورات دفعت “إسرائيل” إلى تنفيذ غارات جوية وتوغلّات برية بهدف إبعاد القوات الحكومية السورية عن المنطقة الجنوبية الغربية من البلاد، وقد أعلنت استعدادها لحماية الأقلية الدرزية. كما مارست ضغطاً على واشنطن للحفاظ على سوريا دولةً ضعيفة، وقامت بتدمير العديد من الأسلحة والعتاد العسكري الثقيل التابع للجيش السوري في الأيام التي تلت سقوط الأسد.
وإزاد الأمر توتراً مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي في 2 أبريل/نيسان 2025، عن استهدافه لمرافق عسكرية وبعض البنية التحتية في مدن دمشق وحماة وحمص.
وأشار جيش الاحتلال إلى أن القواعد والمنشآت المستهدفة تثير اهتمام تركيا. ويأتي هذا في إطار التكرار المستمر للاستهداف الإسرائيلي لسوريا، وهو ما تعتبره تركيا “عرقلة لجهود إرساء الاستقرار”.
على الرغم من التصعيد العسكري بين البلدين، صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بأن بلاده تجري “محادثات فنية” مع “إسرائيل” تهدف إلى خفض التوتر في سوريا عند الحاجة. وأضاف فيدان، أن هذه المحادثات الفنية تركز فقط على تقليل الصراع في سوريا، وليس تطبيع العلاقات. وأشار فيدان إلى أنه “يوجد سوريا جديدة وموحدة”، ويجب السماح لها بتطوير سياساتها الدفاعية وخارجيتها الخاصة، حسب تعبيره.
لكن “إسرائيل” لا تزال متمسكة بموقفها الرافض للحكومة السورية الجديدة والتمدد التركي داخل الأراضي السورية، فبعد يوم واحد من تصريحات وزير الخارجية التركي، أكد مصدر امني إسرائيلي لـ”سكاي نيوز عربية” أن “إسرائيل” لا تريد رؤية قوات تركية على حدود الجولان، مؤكداً أنها لن تسكت إزاء أي قوة عسكرية في سورية تشكل خطراً عليها.
تعليقاً على هذه المستجدات، يرى الصحافي والمحلل في الشأن السوري أحمد عبد الرحمن، أن “التنسيق الأمني بين أنقرة و”تل أبيب” غائب تماماً والحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، غير قادرة عسكرياً في الوقت الراهن للتصدي لهذه التهديدات”.
عبد الرحمن يرى أن التهديدات والتصعيد الإسرائيلي العسكري في سوريا مرتبط بفكرة تحول سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد من نظام شيعي موالٍ لإيران إلى نظام سني موالٍ لتركيا، وكلاهما لا يخفي عداءه لـ”إسرائيل”.
أما تركيا ترى في تل أبيب تهديداً لمشروع أنابيب الغاز القطرية، حيث إن سيطرة “إسرائيل” على ما يُعرف بـ”ممر داوود” ستعيق هذا المشروع الضخم الذي من المقرر أن يمتد عبر سوريا وصولاً إلى تركيا وأوروبا، وهذا قد يؤدي في النهاية إلى مواجهة عسكرية.
وأشار عبد الرحمن، إلى ضرورة تعاون الرئيس السوري أحمد الشرع، والحكومة السورية الجديدة، مع الجانب الروسي بهدف الحد من التوتر القائم بين أنقرة و”تل أبيب”. خاصة أن تواجد موسكو في البلاد سيضمن بشكل واضح تحقيق التوازن في مواجهة التحديات الأمنية في الفترة المقبلة في سوريا، وهذا يتماشى مع سياسة الحكومة السورية الجديدة، حيث تلعب موسكو دوراً محايداً في الشأن السوري، مما سيسهم في الحفاظ على السيادة السورية ومنع أي اشتباك محتمل بين الأطراف المتصارعة في سوريا، مؤكداً على النفوذ الذي تتمتع به روسيا في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما في سوريا.
مركز المستقبل للدراسات