بالتزامن مع الحديث عن عراقيل وعثرات في المحادثات السياسية التركية-السورية، وبعد انتشار عدة أنباء تفيد بأن لدى أنقرة نيّة بإغلاق مكاتب “الائتلاف السوري المعارض” ورفع الدعم المالي عنهم، سرّب عدد من أعضاءه ورقة تحذّر فيها أنقرة “الائتلاف” من إضاعة الوقت في أي محادثات بين المعارضة والحكومة السورية، مشيرة إلى أن المحادثات التركية-السورية كانت أحد شروط روسيا لتلعب تركيا دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا.
وجاء في الورقة: “إذا كنتم لا تريدون أن تتوقفوا عن اللعب يمكن أن نتحدث مع غيركم، فهناك معارضة عقلانية مستعدة للعب هذا الدور”، وجاء ذلك في ورقة تم تسريبها ونشرت صورة عنها في عدد من الصفحات الشخصية على “فيسبوك” لمعارضين تضمنت نقاطاً أساسية تمت مناقشتها في اجتماع تم بين “الائتلاف” المعارض والجانب التركي في أنقرة في 9 أيلول الجاري.
وبحسب الورقة المسربة، حضر الاجتماع رئيس “الائتلاف” سالم المسلط ورئيس ما تسمى “هيئة التفاوض” بدر جاموس ورئيس ما تسمى “الحكومة المؤقتة” عبد الرحمن مصطفى والرئيس المشارك عن المعارضة في لجنة مناقشة تعديل الدستور هادي البحرة ومسؤول عن الجانب التركي لم يتم تعريفه إلا باسمه “أردم”.
وأفادت التسريبات التي نُشرت على “فيسبوك” والتي نقلتها صحيفة “الوطن” السورية بأن هناك لقاءات مع الجانب السوري ونقاشات “صعبة ومفيدة”، وأن الروس هم من يضغط بهذا الاتجاه، واشترطوا مقابل وساطة تركيا بين روسيا وأوكرانيا أن يكون هناك تطبيع مع الحكومة السورية.
وأكد الممثل عن الجانب التركي “أردم” خلال لقائه بأعضاء “الائتلاف” أن “الرئيس بشار الأسد هو الممثل الشرعي للشعب السوري في الأمم المتحدة، والقرار 2254 ينص على ذلك، هذه هي الحقيقة.. عليكم أن توافقوا على ذلك”، مضيفاً: أن “التأخر في قبول هذه الفكرة يعرضكم كل يوم لخسائر أكبر” مشدداً على أن “أمريكا تريد دولة كردية في الشمال، هل يريحكم ذلك”.
وأضاف: “اليوم قد يكون لكم فرصة في المشاركة في الحكم ولو بنسبة معقولة غداً سوف تفقدون هذه الفرصة”، متابعاً “نحن كأتراك ظروفنا ليست سهلة لدينا انتخابات والملف السوري يُستخدم ضدنا من المعارضة، والشعب التركي يريد أن يرى أفعالاً، أريد أن أتحدث بصراحة أكثر هذه أفكارنا حالياً، إذا كنتم لا تريدون أن تتوقفوا عن اللعب وإضاعة الوقت دعونا لا نتحدث أكثر يمكن أن نتحدث مع غيركم، هناك معارضة عقلانية مستعدة للعب هذا الدور، أريد رأيكم بصراحة”.
وبدوره قال المسلط: “نحن نعرف الوضع السيئ الذي وصلت إليه الأمور، وباختصار لم يبق أحد معنا أقرب حلفائنا تركونا، لم يبقَ دولة معنا إلا تركيا، ونحن نعرف القرار 2254، ومع تطبيقه”، ليرد أردم بالقول: “جيد هذا الكلام، لكن كما قلنا نريد أفعالاً وليس فقط كلاماً”، في حين قال المسلط: “أنا سمعت منك هذا الكلام سابقاً، وشرحته لإخواني سابقاً واجتمعنا وتناقشنا واتفقنا أن نتجاوب مع المبادرة التركية، لدينا ثقة بكم”.
تسريب هذا الحديث يأتي بعد اجتماع أعلنت عنه الخارجية الروسية في 14 أيلول الجاري بين رئيس الاتحاد الروسي للشرق الأوسط وإفريقيا ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ووفداً من المعارضين السوريين يمثلون جميع المنصات المذكورة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ويمثلون عدداً من المنظمات والجمعيات الأخرى.
يشار إلى أنه في الآونة الأخيرة انتشرت أنباء عن إبلاغ أنقرة لـ”الائتلاف” بنيتها إغلاق مكاتبه ورفع الدعم المالي عنه، ليتم نفيها فيما بعد من رئيس “الائتلاف” سالم مسلط، وفي هذا الصدد نقلت سابقاً صحيفة “رأي اليوم” اللندنية عن مصدر مُقرّب من السّلطات السوريّة تأكيده على أن أنقرة لا تنوي حالياً التخلي عن “الائتلاف”، بل تسعى إلى استغلاله في محادثاتها مع دمشق مشيرة إلى أن “الرئيس أردوغان يريد حصة في أي حل قادم في سوريا سياسياً كان أو اقتصادياً، وفتْح الطُّرقات أمام صادراته إلى الخليج، ولهذا لن يُفرّط بهذه الورقة، وكُل ما يفعله الآن هو مُمارسة ضغوط على الائتلاف وقيادته كعمليّة تدجين أو تطويع لها، وبما يتماشى وينسجم مع السّياسة التركيّة الجديدة تُجاه سورية، والفصل بين الائتلاف والفصائل الأخرى المصنفة إرهابياً والموضوعة حالياً على مائدة التّصفية، وفقاً لتفاهمات قمّة سوتشي مع بوتين” وأضاف المصدر المقرّب من دمشق: أن “أول خطوات التّدجين، تتمثّل في وقف التّمويل للائتلاف أو تقليصه بالاتّفاق مع قطر، وسحب العديد من الامتِيازات التي تتمتّع بها قيادته ومعظم كوادره على الأراضي التركية وإغلاق بعض المكاتب، حيث وردت أنباء تُؤكّد هذه الضّغوط مثل تأخير صرف الرّواتب، حتى أن قِيادة الائتلاف لم تجد الأموال اللّازمة لشِراء تذاكر ونفقات الإقامة لوفدها للسّفر إلى جنيف، ولا زال من غير المعروف ما إذا كانت هذه الضّغوط المحسوبة جيداً مؤقّتة أو دائمة، والإجابة مرتبطة بردّة فعل الائتلاف على هذه الضّغوط سلباً أو إيجاباً”.