منذ بدء المعارك في أوكرانيا بين روسيا والغرب، نشرت معظم وسائل الإعلام العربية والأجنبية تحليلات تؤكد وجود تأثيرات لهذه الحرب على سوريا، الأمر الذي تم إثباته بجملة من الوقائع التي جرت، كإغلاق الأجواء التركية أمام الطائرات الروسية، وإغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل التركيين أمام السفن العسكرية الروسية، والآن مع إعلان تركيا عن نيتها بشن عملية عسكرية جديدة شمال شرقي سوريا، يتجدد الحديث عن ارتباط الملفين السوري والأوكراني ببعضهما.
وتحت عنوان “زيارة لافروف إلى تركيا دليل الربط بين أوكرانيا وسوريا” نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” مقالاً جاء فيه:
“أردوغان حدد الأهداف: تل رفعت، ومنبج. وهذا ليس بالأمر المعتاد، إذ إنه يُنذر هؤلاء أولاً، مع منحه مهلة للاستعداد، والمناطق المذكورة تقع خارج نطاق العمليات التي جرت في السنوات الماضية، ويبدو أن نوعاً من العمليات التركية الموجهة ضد الوحدات الكردية أمر لا محيد عنه، وهناك من يزعم بأن العملية ستكون شاملة، بينما يتوقع آخرون عملية محدودة النطاق، في أماكن أقل عُرضة بكثير للتسبب في أي احتكاك مع قوات بلدان أخرى في المنطقة”، وأضاف المقال أنه “لا بد من الإشارة إلى أمرين: أولاً، لا يمكن تجاهل حقيقة أن روسيا لا تزال تسيطر على المجال الجوي في سوريا. ثانياً، سترحب روسيا بشدة بالعملية التركية التي ستؤدى إلى خلافات جديدة بين حلفاء الناتو”.
ونشرت صحيفة “العرب” مقالاً اعتبرت فيه أن اشتعال جبهة أوكرانيا أثارت تخوّف كل من تركيا والكيان الإسرائيلي، خشية انشغال روسيا بأوكرانيا، ونشرت في هذا الصدد مقالاً بعنوان “أوكرانيا غيّرت قوانين اللعبة في سوريا” جاء فيه:
“من المفيد في الأسابيع القليلة المقبلة مراقبة ما ستفعله تركيا عن كثب والسعي لمعرفة إلى أي حد ستذهب في تدخلها في سوريا ومدى عمق التنسيق مع إسرائيل، لم يعد في الإمكان تجاهل وجود مصالح مشتركة باتت تجمع بين تركيا وإسرائيل في سوريا”.
كما نشرت مقالاً آخر بعنوان “معاداة الأكراد، كيف لم يعد لدى أردوغان شغل آخر؟” حول رفض تركيا لانضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، وأهمية هذه الخطوة بالنسبة للغرب والولايات المتحدة الأمريكية في هذه المرحلة التي تشتعل فيها الجبهة الأوكرانية، جاء فيه:
“أردوغان يدرك الأهمية الاستثنائية لانضمام السويد وفنلندا إلى الناتو لكنه كان يريد أن يقبض ثمناً لقبوله، هو أن يتاح لتركيا أن تتمدد أكثر في الأراضي السورية من أجل أن تُضعف مكانة وحدات حماية الشعب الكردية التي شكلت الثقل الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية”، مضيفة أن “الأراضي التي يفترض أن تشملها هذه الدولة تمتد من تل رفعت ومنبج وكوباني وصولاً إلى أقصى شمال شرقي سوريا، حيث يتعين أن تتلاقى مع قواعده التي يقيمها في شمال العراق”.
فيما أشارت صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى أن محاولات أنقرة لاستغلال فرضة حرب أوكرانيا في تحقيق مكاسب بسوريا، تواجه بعض العراقيل، حيث نشرت:
“بينما تحاول تركيا استثمار الظروف الدولية المرافقة للحرب الروسية في أوكرانيا لقضْم مزيد من الأراضي السورية بحجة إقامة منطقة آمنة تستثمرها في إنشاء شريط سكاني موالٍ لها قرب حدودها، تُظهر التطورات الأخيرة في المناطق التي تحتلّها أنقرة هشاشة كبيرة وحالة من الفوضى والاقتتال الفصائلي، تعرّيان بمجملهما مصطلح منطقة آمنة، في وقت دخلت فيه التهديدات التركية بشن عملية عسكرية سراديب التفاهمات السياسية المعقّدة مع كل من الولايات المتحدة من جهة، وروسيا التي كثّفت حضورها العسكري من جهة أخرى، على وقع نقاشات وحوارات مطوّلة تخوضها قسد بحثاً عن مخرج تشكّل سيطرة الجيش السوري على بعض المناطق موضع الجدل، أحد حلوله الموضوعة على الطاولة”.
وأمام هذا الارتباط بين سوريا وأوكرانيا وعلاقته بالتصعيد التركي شمال شرقي سوريا، يرجّح بعض الخبراء إلى أن العملية التركية في سوريا ستحصل لكن ستكون محدودة، مشيرين إلى أن روسيا لن تمانع هذه العملية بهدف كسب رضا تركيا ومحاولة خلق تشنجات بين أنقرة وباقي دول حلف الناتو، لكنها في الوقت ذاته ترغب في الحفاظ على مكانتها دولياً كضامن أساسي في الحرب السورية.