أثر برس

بالرغم من تأثيراتها الاقتصادية التي طالت العالم بأسره.. ثمّة مستفيدين من حرب أوكرانيا.. فماذا عن سوريا؟

by Athr Press Z

خاص|| أثر بر س مصير الحرب الأوكرانية باتت الشغل الشاغل للأوساط السياسية، وسط تأكيدات من قبل الخبراء بعدم القدرة على التنبؤ بعمرها أو نتائجها والاكتفاء بطرح سيناريوهات حول ما يمكن أن تؤول إليه هذه الحرب، نتيجة الغموض المحيط بسياسات الدول الأطراف في هذا الصراع، وأمام هذا الغموض وفي ظل تأثيراتها الاقتصادية والأمنية التي طالت العالم أجمع، باتت كل دولة تهتم بمراقبة ما يجري لتتخذ موقف دقيق ومدروس جداً من هذه الحرب، ساعية لتكون في قائمة الدول المستفيدة منها أو كحد أدنى لتكون في قائمة الدول غير المتضررة.

وفي سياق الحديث عن مآلات الحرب، يعمل المحللون على استعراض جملة من العوامل التي من شأنها أن تؤثر على مسار وطول ونتيجة هذه الحرب، حيث يشير الأكاديمي والباحث في الشأن الكردي الدكتور فريد سعدون، في تصريح لـ “أثر” “أنّ الحرب ستطول في حال استمر الدعم الأوروبي لأوكرانيا، وهذا يجعلها مؤهلة لتتحول لحرب استنزاف وهو الهدف الذي يخطط له الغرب لإرهاق الجيش الروسي، وخلق معارضة روسية داخلية خاصة إذا أدت العقوبات الاقتصادية إلى تفاقم الوضع المعيشي وانهيار الروبل الروسي.

وأمام هذه التوقعات والتنبؤات، نواجه واقع يُنذر بانهيار اقتصادي بسبب تأثيرات هذه الحرب، ويدفع العديد من الجهات إلى اختيار الحلول والبدائل المناسبة لحماية مصالحها من تبعات هذا الصراع، وفي ظل هذا السيناريو نكون أمام مجموعة من المستفيدين، حيث يقول الأستاذ في كلية الدراسات الدولية جامعة صون يات سين الصينية الدكتور شاهر الشاهر، في حديث لـ”أثر”: “إن التداعيات ستكون إيجابية لبعض الدول وسلبية على غيرها، فالدول المنتجة للنفط ربما ستتأثر بشكل إيجابي إلى حد ما، بينما الدول الأخرى ستعاني كثيراً لجهة تأمين القمح ودفع فاتورة النفط….الخ”.

أما بما يتعلق بسوريا على وجه الخصوص، فيشير المراقبون إلى أن تصنيفها على قائمة المستفيد أو المتضرر، يعتمد على خسارة أو ربح موسكو في هذه الحرب، نتيجة موقفها الصريح والمؤيد لروسيا، فيما ينوّه الشاهر إلى معايير أخرى لتصنيف موقع سوريا في هذه الحرب، حيث قال: “ما سيعزز من قوة الدولة السورية في هذه المعركة، حالة العداء المستجد بين كل من موسكو وأنقرة من جهة، وموسكو وتل أبيب من جهة أخرى، بعد تأييد الدولتين للغرب وإدانة السلوك الروسي متناسين حرص موسكو على عدم ازعاج تلك الدولتين في سوريا”، لافتاً في الوقت ذاته إلى إيجابيات مرتبطة أيضاً بالميدان السوري، حيث قال: “ربما نشهد تفريغ ونقل للإرهابيين من إدلب والشمال السوري للقتال في أوكرانيا”، دون أن ينفي التأثيرات السلبية التي تطال سوريا من هذه الحرب، حيث أشار إلى أنه “في حال طال أمد الحرب وحصل استنزاف للقوة العسكرية والاقتصادية لموسكو في أوكرانيا فإن سوريا ستتأثر سلباً بكل تأكيد”، لافتاً إلى احتمال وجود تغير في أولويات السياسة الروسية على حساب القضية السورية، بينما لو حدث حسم سريع للمعركة من قبل الروس وخرجت روسيا أقوى فإن ذلك سيعزز من موقف الحكومة السورية التي أيدت الحرب الروسية منذ لحظاتها الأولى”.

ويؤيد السعدون رأي الشاهر، بخصوص احتمال تغير ترتيب سوريا بجدول أولويات موسكو، لافتاً إلى أن “روسيا قد تضطر لسحب بعض قواتها من سوريا وهو الأمر الذي سيخلق فجوة قد تتسلل منها فصائل مسلحة”.

فيما يختلف أستاذ العلاقات الدولية الدكتور بسام أبو عبد الله، مع كل من السعدون والشاهر بهذا الخصوص، مُستنداً في رأيه على مصالح روسيا من علاقاتها مع سوريا وحضورها على أراضيها، حيث قال في حديث لـ “أثر”: “هذا وهم سياسي إن صح التعبير لأن روسيا بدون سوريا ستنقطع عن المياه الدافئة والمتوسط، والكل يرى أن الصراع هو يرتبط بموضوع محاصرة روسيا كان في مناطق البحر الأسود التي هي الآن تسيطر عليها من خلال العملية العسكرية الخاصة وهي مسألة مهمة لروسيا ولتركيا أيضاً لأن دخول حلف شمال الأطلسي على البحر الأسود سيؤدي إلى تداعيات كبيرة واتفاقية “مونترو” تضبط الحركة فيما يتعلق بهذا الموضوع”، مشيراً إلى أنه لم تدخل روسيا في عام 2015 لتساعد الحكومة السورية إلا لإدراكها أنها لو نجح حلف شمال الأطلس بقلب النظام السياسي في سوريا والإتيان بأداة كـ “فولوديمير زيلينسكي” وغيرها، لما رأينا هذا المشهد كما رأيناه في أوكرانيا”.

وفي المحصلة، يؤكد الخبراء أن العالم قد يكون أمام معركة فاصلة من شأنها أن تحدد نظام سياسي واقتصادي جديد في العالم، وأمام غموض المرحلة المقبلة لجأت معظم الدول إلى اتخاذ موقف الحياد، والبعض لجأ إلى اتخاذ مواقف تتناسب مع ظروف المرحلة الحالية ومصالحهم مع ترك خط للعودة في حال تغيّر مسار الأحداث فجأة، وقلّة هم من اتخذوا موقفاً واضحاً ومحدداً وعلى رأسهم الدولة السورية.

قصي المحمد

اقرأ أيضاً