أطلق المسؤولون الأتراك في اليومين الفائتين تصريحات عدّها مراقبون تصعيداً لا يصب في مصلحة المضي بمسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، ولا سيما أن اجتماع نوّاب وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا وإيران الذي عُقد في موسكو 4 نيسان الجاري لم يفضِ إلى بيان ختامي واضح من الجانب التركي رداً على مطالب دمشق والتي يتعلّق أبرزها بانسحاب القوات التركية من الشمال السوري.
وجاءت التصريحات التركية بالتزامن مع الموقف القطري الرافض لاستعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، على الرغم من الجهود السعوديّة في هذا الإطار، والتي أكدتها مصادر دبلوماسية عربية لصحيفة “الشرق الأوسط” ووكالة “الصحافة الفرنسية”، حيث سعت الرياض إلى تليين الموقف القطري في اجتماع جدة التشاوري الذي عُقد في جدة صباح أمس السبت، غير أن صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية كشفت عن وجود خلاف حاد بشأن التقارب السعودي الأخير مع دمشق.
وفي هذا الصدد، لفتت مصادر معارضة إلى أن “أنقرة كانت تراقب بحذر النتائج التي سيتمخض عنها مسار التطبيع العربي، والتي أفضت بعد اجتماع جدة إلى عدم التوافق بشأن سوريا بفضل الموقف القطري المتشدد في الرفض، وهذا ما يصب في مصلحة أنقرة في مسارها التفاوضي مع دمشق”.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنّ “أنقرة لن تقبل أي شروط مسبقة لإجراء مفاوضات مباشرة مع دمشق، بما في ذلك انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، مشدداً على أن “هذا الانسحاب يعني عودة التهديدات ضد تركيا في ظل استمرار سيطرة تنظيم حزب “العمال الكردستاني”، و”وحدات حماية الشعب الكردية” على شمال شرقي سوريا.
تصريحات وزير الخارجية التركية الأخيرة من الممكن أن تعرّقل عقد اجتماع البلدين على مستوى وزراء خارجية الدول الأربع، إذ سبق أن أكد نائب وزير الخارجية أيمن سوسان الموقف السوري في هامش اجتماع موسكو الأخير، قائلاً، إن “إعلان تركيا بشكل لا لبس فيه أنها ستسحب قواتها من الأراضي السورية، والبدء بالانسحاب هو “المدخل لإعادة التواصل بين الجانبين”، مضيفاً إنه “لم نرَ حتى الآن أي مؤشرات إيجابية بخصوص انسحاب القوات التركية من سوريا أو بخصوص محاربة الإرهاب والقضاء عليه في شمال غرب سوريا وبالأخص في منطقة إدلب” وفقاً لما نقلته وكالة “سانا” الرسمية.
من جهتها، تدرك روسيا أن المباحثات بين تركيا وسوريا معّقدة وطويلة، غير أنها تعوّل على استمرار المشاورات في هذا المسار، وهو ما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس السبت، أنّ “الاستعدادات لعقد اجتماع وزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران وتركيا تجري الآن”، مشدداً على أنه “لا ينبغي أن تكون هناك شروط أولية لاجتماع وزراء الخارجية”، وفقاً لما نقلته وكالة “نوفوستي” الروسية.
وكان السفير الروسي لدى سوريا ألكسندر يفيموف، أعلن عن تأجيل موعد انعقاد الاجتماع الرباعي على مستوى وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا إلى أيار المقبل.
ولفت يفيموف، إلى أن “مسار تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا طويل، ولا يمكن حل جميع الملفات والمسائل ومناقشتها في جولة واحدة أو أكثر من المفاوضات”، وقال: “المسار طويل؛ لكننا نتقدم في هذا المسار خطوة بعد خطوة”، وفقاً لما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة أيضاً في وقتٍ سابق عن مصادر متابعة تأكيدها على أن “هذا التأجيل يأتي في ظل إصرار دمشق على التمسك بضماناتها الخاصة بإنهاء التواجد العسكري التركي على أراضيها، ووقف دعم الفصائل المسلحة، والمساعدة في مكافحة “الإرهاب” ووقف التدخل في شؤونها الداخلية.”
يشار إلى أنه منذ انطلاق مسار التقارب التركي- السوري العام الفائت، ثمّة وجود خلافات جوهرية بين دمشق وأنقرة بشأن الفصائل المسلّحة، إذ إن الأتراك يعربون عن تخوفهم من وجود الفصائل الكردية، في حين تؤكد سوريا على ضرورة وقف الدعم التركي لفصائلها شمالاً، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة بسط سيطرتها على إدلب.
أثر برس