في وقتٍ أكدت فيه مصادر رسمية تركيّة أن أنقرة أنجزت التحضيرات العسكرية واللوجستية اللازمة لتنفيذ العملية البرية المحتملة شمالي سوريا، وأن هدف المرحلة الأولى من العملية هو السيطرة على تل رفعت ومنبج وعين العرب التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، يناقش الكاتب فهيم طاشتكين، في صحيفة “غازيتيه دوار” التركيّة، السيناريوهات المحتملة التي من الممكن أن تشهدها المناطق الثلاث في الأيام القادمة.
ويرى طاشكتين أن “تل رفعت هي مركز وجود القوات الكردية التي جاءت من عفرين، وفيها أيضاً عناصر من الجيش السوري والمستشارين الإيرانيين؛ لذلك فإن دخول الجيش التركي إلى هذه المنطقة سيصبّ في مصلحة الولايات المتحدة، ومن البديهي أن تعطي أمريكا الضوء الأخضر للعملية التركية فيها، على حين ستواجه تركيا عرقلة روسيّة، لأنه سيحدث اعتراض قوي من سوريا وإيران، لمنع حدوث أي تغيير في شمالي حلب، وبالتالي لن تسمح موسكو لأنقرة بالسيطرة على منطقة صغيرة بحيث لا تخلّ بموازين القوى على الأرض”، بحسب ما نقلته صحيفة “الأخبار” اللبنانية.
وبخصوص منبج، لفت الكاتب إلى أن “الشراكة الأمريكية مع الأكراد في شرق الفرات والوجود التركي في غربه، يخدمان استراتيجية الولايات المتحدة، تتيح توسُّع الجيش التركي في منبج، لأنه لن يسبب أيّ مشكلة لواشنطن ما دام لا يضيّق على شراكتها مع الأكراد”، موضحاً أن “وحدات حماية الشعب الكردية، تتمركز في منبج التي تعدّ مركزاً مهمّاً يربط الحسكة وحلب عبر طريق “أم 4”، ويتحكّم بسنترالات الكهرباء المقامة على نهر الفرات، فيما ينتشر الجيش السوري في المناطق المحيطة بها”.
أمّا عين العرب؛ “فلا تعني الكثير للأمريكيين، ولكنّها تمثّل رمزاً للأكراد؛ ففيها وُضعت أسس الشراكة بينهم وبين واشنطن عندما دافعوا عن المدينة ضدّ “داعش” في عام 2014، حين كان أردوغان يصلّي لسقوطها، وفق قول طاشكتين.
ويقول طاشتكين إنّ “التهديد التركي للأكراد مهمّ لروسيا من جهة وظيفته في تخريب العلاقات الأمريكية – التركية، وفي دفْع الأكراد نحو دمشق، لكن لهذه السياسة حدود وضوابط، إذ إن فتْح روسيا المجال الجوي لتركيا -ولو جزئيّاً- سيغضب دمشق كما طهران”.
وفي هذا الصدد، يشير طاشتكين إلى أن “موسكو لا يمكن أن تمنح ضوءاً أخضر لتركيا من دون تنفيذ الأخيرة التزامات في إدلب، وضرْب التنظيمات الإرهابية، وفتْح طريق “أم4”، أمّا الولايات المتحدة فلن تعطي ضوءاً أخضر لتركيا يمكن أن يعرّض طرق الإمداد الأمريكي من القامشلي إلى فيشخابور، ومن القامشلي إلى عامودا، ومن عامودا إلى الحسكة، للخطر”.
يذكر أن الكاتب فهيم طاشتكين سبق أن انتقد محاولات أردوغان تسوية الأمور مع سوريا بطريقة “تُغلق كلّ الملفات الإجراميّة التي ارتكبتها تركيا بحق سوريا على مدى 11 عاماً، وكأنّ شيئاً لم يكن”.
وأكد في مقالة نشرها في صحيفة “دوار غازيتيه” التركية، بعنوان “كيف لا يصنع السلام مع سوريا؟”، قائلاً: “إنّ كل الارتكابات التركية لم تُكتب على رمل أو ماء لتُمحى، وهو (أي أردوغان) كان يفاخر بأنه الرئيس المشارك في قيادة مشروع الشرق الأوسط الكبير مع الولايات المتحدة”، مضيفاً: “إنّ لسان حال أردوغان يقول: إنه لا يمكن تغيير محور بالصداقة بل بالعنف والقوّة، وهذا ما حاول فعله منذ عام 2011، بتحويل تركيا إلى طريق سريع لكلّ الجهاديين من العالم إلى سوريا، واتّباع سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين، والنهب المنظّم لكلّ المعامل في حلب وغيرها”.
أثر برس