خاص|| أثر برس عززت المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء إنتاجية البلاد من الطاقة الكهربائية من خلال إضافة نحو 500 ميغا واط للشبكة الكهربائية السورية، وبذلك رفعت إجمالي إنتاجية مجموعات التوليد لديها إلى 2300 ميغا، وبنسبة وصلت إلى 20 % تقريباً مقارنة بإنتاجها خلال الربع الأخير من العام الماضي والذي كان- بأفضل حالاته- يتراوح بين 1800 إلى 1900 ميغا واط ساعي.
500 ميغا إضافية.. من أين جاءت؟
قال مدير عام المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء المهندس عمر البريجاوي في تصريح لـ”أثر برس”: “مؤسسة التوليد اليوم في أحسن حالاتها بإنتاج الكهرباء، حيث يصل حجم التوليد حالياً إلى 2300 ميغا واط”، مشيراً إلى أنّ هذا الرقم لم يكن موجوداً خلال الفترة الماضية، حيث كان حجم التوليد في الربع الأخير من العام 2023 كان يتراوح بين (1800- 1900) ميغا واط فقط.
ويضيف البريجاوي: تحسن إنتاج المؤسسة ناجم عن إضافة بين 400- 500 ميغا للشبكة من خلال إجراءات عدّة تم تنفيذها خلال الفترة الماضية.
وحول طبيعة الإجراءات التي مكّنت المؤسسة من إضافة الكميات الجديدة على الشبكة؛ أرجع مدير مؤسسة التوليد، ذلك إلى إدخال مجموعات جديدة إلى الخدمة، نتيجة الجهود التي بذلها الفنيون والعاملون في المؤسسة والتي استهدفت تحسين إنتاجية عدد من مجموعات التوليد للحفاظ على الاستطاعة الاسمية لها لأن، بحسب المدير، زيادة عدد الساعات التشغيلية لكل مجموعة تؤدي إلى انخفاض الاستطاعة الاسمية لها، وربما يصل أحياناً ذلك الانخفاض إلى 40 % خلال فترات التشغيل الطويلة.
ويبين البريجاوي أنّ ما تم إنجازه من صيانة استهدف أكثر من محطة، منها محطة توليد (الزارة) المكونة من 3 مجموعات توليد بخارية، نتج عن الأعمال المنفذة تحسّن إنتاجي يزيد عن 150 ميغا، وكذلك إدخال المجموعة الثالثة من محطة توليد بانياس إلى الخدمة بعد إجراء الصيانات اللازمة لها والتي أضافت نحو 130 ميغا للشبكة الكهربائية السورية.
وأردف مدير مؤسسة التوليد: “تم تشغيل مجموعات توليد في محطة الناصرية، على خلفية توقف معمل الأسمدة وإعادة كميات الغاز التي استجرت له للوزارة، حيث يتم تحويل نحو 1.2 مليون متر مكعب من الغاز نتج حالياً قرابة 300 ميغا واط في المحطة المذكورة”.
وأضاف: “كل الإصلاحات التي جرت كانت بخبرات وطنية تعمل بظروف اقتصادية صعبة، وعمل المؤسسة مستمر ولا يتوقف ودائماً تحاول استهداف أيّ مجموعة بهدف إجراء الصيانة اللازمة لتحصيل إنتاجية أفضل مهما كان حجمها”.
وحول مدى جهوزية المؤسسة وقدراتها التوليدية على العموم، أوضح المدير، أنّها قادرة على تشغيل ما بين 5500 – 6000 ميغا واط دفعة واحدة لو توفر الوقود، وهناك مجموعات توليد موزعة على عدد من المحطات قادرة على حملها، منها على سبيل المثال، بحسب ما ذكره البريجاوي، مجموعات في محطة توليد “جندر” باستطاعة 500 ميغا جاهزة للعمل، وكذلك مجموعات في محطة توليد “تشرين” باستطاعة 600 ميغا، ومجموعات في محطة توليد “بانياس” باستطاعة 400 ميغا، وهناك مجموعتان في محطة توليد الرستين باستطاعة إجمالية 360 ميغا واط.
كميات الوقود والتكاليف:
أمّا بالنسبة لحجم كميات الوقود التي تصل المؤسسة حالياً، بين أنّ ما يصل حالياً من الغاز الطبيعي يتراوح بين 6 – 6.5 مليون متر مكعب يومياً، وهو قليل جداً مقارنة بحجم الطلب الكلي والبالغ 23 مليون متر مكعب يومياً، أمّا في جانب الفيول، يؤكّد أنّ ما يصل يتراوح بين 5 – 5.5 ألف طن يومياً من مصفاتي بانياس وحمص، وهو أقل من الطلب الكلي اللازم للتشغيل والذي يصل إلى 8 آلاف طن يومياً.
وحول تأثير نوعية حوامل الطاقة المستخدمة في الإنتاج على الكلف الإنتاجية، هنا يبين البريجاوي الفرق الواضح بين تكلفة إنتاج الكيلو واط الساعي في البلاد حسب نوع وقود المجموعة، حيث يقول: “إنّ تكلفة إنتاج الكيلو واط من محطات بخارية تعمل على الفيول أكبر من العاملة منها على الغاز، إذ يتراوح تكلفة إنتاج كل كيلو واط من مجموعات التوليد البخارية ما بين 2000 – 2200 ليرة سورية”.
أمّا تكلفة إنتاج الكيلو واط من مجموعات التوليد الغازية، بحسب البريجاوي، “تبلغ نحو 1700 ليرة سورية تقريباً”، وبذلك تكون التكلفة الوسطية لإنتاجية الكيلو واط الساعي في البلاد 1900 ليرة سورية تقريباً، وهو ما أعلنته وزارة الكهرباء مؤخراً.
في سياق الحديث عن الأعباء والتكاليف، يؤكّد مدير المؤسسة أنّه يتم حالياً تشغيل مجموعات التوليد البخارية بشكل دائم على الفيول، وهذا فعلياً لا يتوافق مع توصيات الشركات الكبرى المؤسسة لها والتي تفترض تشغيلها على الغاز كل فترة (يومين أو ثلاثة) بهدف إعادة فتح الدارات بداخلها كون مادة الفيول تخّلف رواسب تؤدي إلى تشكّل فحم داخل المجموعة، وبالتالي تخفف من مردوديتها، وربما تسبب احتراق كامل لها.
وفي السياق ذاته، ولتلافي هذه المشكلات يؤكّد مدير المؤسسة أن ورش المؤسسة تقوم بشكل دائم بتنظيف المجموعات البخارية بعد توقيفها اضطرارياً ليوم أو يومين لعدم توفّر الغاز المطلوب لذلك الإجراء المُوصى به.
وإضافة إلى مسألة الوقود، هناك مسألة القطع التبديلية اللازمة لمحطات توليد الكهرباء، والتي من المفترض أن يتم تأمينها من الشركات الصانعة العالمية، إذ يشرح البريجاوي في هذا الجانب أنّ الحصار والظروف الصعبة حالياً تعيق هذا الأمر من جانبين: الأول أنّ الشركات التي تبيع هذه القطع قليلة ولا تتجاوز 15 شركة في العالم، ومن الصعوبة أن نصل إلى وسيط لتأمينها، إضافة إلى ذلك، ربما تصل فترة تأمين بعضها إلى عام ونصف، وبالتالي ينجم عن ذلك أعباء مالية وتأخير زمني في إنجاز الإصلاحات المطلوبة.
للخبراء رأي..
بالرغم من الجهود المبذولة في مجال توليد الكهرباء في ظل ظروف البلاد الصعبة حالياً؛ هناك أمران أساسيان، يرى الخبراء والمراقبون للقطاع الكهربائي، أنه عندما يتطرق للملف الكهربائي لا بدّ من التعريج عليها، وهما: مسألة خروج آبار النفط عن سيطرة الدولة السورية، وبقائهما منذ أكثر من 8 سنوات تحت سيطرة ما تسمى “الإدارة الذاتية” الكردية، المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تتخذ من حقول النفط قواعد عسكرية لها، والثاني الحصار الغربي الذي يحد بالتأكيد من وصول المستوردات النفطية من الخارج.
وفي سياق ما ذكر، يرى الخبراء أنه وبالرغم من الجهود المبذولة في مجال إنتاج الكهرباء، لكن تأثير الزيادة الحاصلة ليس ظاهراً فعلياً ويعود ذلك إلى تزامن حدوث التحسن في الإنتاج مع فترة تشهد حالياً حجم استهلاك كبير، حيث يتزايد الطلب على الطاقة الكهربائية خلال الشتاء نتيجة ارتفاع الأحمال على الشبكة”. ويختم الخبراء: “لسنا محامي دفاع، لكن؛ الشتوية في مكان ما، سلبت توليد الكهرباء جهودها”.
ويشهد قطاع الكهرباء في سوريا خسارة كبيرة في حجم إنتاجيته على خلفية الحرب والحصار الذي لم ينته بعد، وبالرغم من حجم الدمار الهائل الذي طال البنى التحتية للقطاع وتراجع كميات الوقود، إلا أنّ استمرارية الإنتاج لم تتوقف رغم انخفاضها بما لا يقل عن 75 % مقارنة بما كان عليه بداية عام 2011، وهذا بالتأكيد لا يلبي الطلب المحلي المعتاد والذي يصل إلى 9 آلاف ميغا تقريباً، إلا أنّه ضمن حماية الشبكة ومنعها من الانهيار.
قصي المحمد