أحيى إعلان رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، عن تأدية دور الوساطة بين سوريا وتركيا، الحديث عن احتمال فرص نجاح مسار التقارب بين دمشق وأنقرة، لا سيما وأن الإعلان عن هذه الوساطة يتزامن مع الكشف عن لقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، في تموز المقبل.
وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة “الوطن” السورية عن مصادرها أن “التحركات لتنشيط ملف عملية التقارب بين البلدين مستمرة وبات معروفاً أن بغداد تلعب دوراً واضحاً في هذا الإطار بدعم من المملكة العربية السعودية وروسيا والصين وإيران، وموافقة ضمنية أمريكية، وهي تسعى لإطلاق قريب لهذه العملية، حتى وإن كان بداية على المستوى الفني تمهيداً لعقد لقاءات على مستوى أعلى في حال كانت شروط حصول مثل هذه اللقاءات محققة”.
بدوره، لفت المحلل السياسي المختص بالشأن التركي حسني محلي، في مقال نشره موقع “الميادين نت” إلى أن “الأوساط المقرّبة من الرئيس أردوغان تتوقّع لهذا اللقاء (بين بوتين وأردوغان) أن يضع النقاط على الحروف على طريق المصالحة النهائية بين دمشق وأنقرة بعد سلسلة من اللقاءات المكثّفة عسكرياً واستخباراتياً ودبلوماسياً، ليتمّ تتويجها بلقاء مرتقب للرئيس أردوغان مع الرئيس بشار الأسد في بغداد، وربما بمشاركة بعض زعماء المنطقة، ومنهم الرئيس السيسي والملك الأردني عبد الله ورئيس الإمارات محمد بن زايد والرئيس الإيراني المُنتخب، وذلك قبل الذكرى السنوية الثامنة لاتفاقية سوتشي”.
وخلُص محلي في مقاله إلى أنه “في جميع الحالات وأيّاً كانت احتمالات المصالحة السوريةــ التركية فقد بات واضحاً أنّ التاريخ سيكرّر نفسه مرة أخرى، ليعود الكرد ورقة تحرّكها رياح القوى الإقليمية والدولية التي أفشلت مخططات مسعود البارزاني في إجراء الاستفتاء الخاص باستقلال كردستان العراق في أيلول 2017، وهو ما رفضه الجميع وفي مقدّمتهم واشنطن وأنقرة وموسكو وكلّ الأطراف الإقليمية والدولية”.
وفي السياق نفسه، جاء في مقالة نشرها موقع “العربي الجديد“: أن “تركيا تحتاج إلى التطبيع السريع مع دمشق وذلك بسبب عوامل عدة، أولها إعادة طوعية لما يزيد عن ثلاثة ملايين من اللاجئين السوريين، داخل تركيا، أمام ضغط متواصل من المعارضة التركية، لتحقيق ذلك، ومنازلة الحكومة التركية وإحراجها، ضمن هذه المساحة والخاصرة التي تعتبر جد ضعيفة لدى الحكومة، مع استمرار اتّساع نطاق ظاهرة العنصرية ضد السوريين في تركيا، وهو ما أدّى سابقاً إلى تراجعات انتخابية كبرى، وخسارات نسبية تنبئ بما هو أخطر، سواء التي جرت في الانتخابات البرلمانية، أو بعدها في الانتخابات البلدية الأكثر كارثية بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، حيث تتحرّك دوائر الحكومة اليوم لرتق ما جرى، ومنه بالضرورة موضوع الدفع إلى إنجاز عملية التطبيع مع دمشق”.
وأضافت المقالة أن “المسألة الضرورية الأخرى بالنسبة للأتراك هي الأمن القومي التركي، والذي يشكل هاجساً حقيقيّاً وقلقاً كبيراً لدى كل دوائر صنع القرار الأتراك، بوجود حزب العمال الكردستاني على مقربة من حدود تركيا الجنوبية الشرقية، مع سوريا”.
الجدير بالذكر أن إعادة تفعيل مسار التقارب السوري- التركي جاء بعد أقل من شهرين من إعلان وزير الخارجية التركي حقان فيدان، توقف هذا المسار، إذ قال في آذار الفائت خلال مؤتمر صحفي عُقد في ختام منتدى أنطاليا الدبلوماسي الثالث الذي أُجري في أنقرة: “إن الظروف غير مناسبة للتطبيع مع دمشق”، موضحاً أنه بحث مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، خلال لقائهما على هامش المنتدى، الملف السوري بالتفصيل.