تطورات متلاحقة لم تقتصر فقط على الميدان تشهدها مناطق عديدة في سوريا تتمثل بمواقف وتجاذبات بين دول عظمى منخرطة في الحرب على سوريا، كما تمثّل تركيا المحور الأساسي لهذه التجاذبات، فبين مصالحها ومشروعها الخاص في تلك المنطقة وتمسكها بالتقرب من روسيا وفي الوقت ذاته لا ترغب التخلي عن تحالفها مع أنقرة بشكل كامل.
وفي هذا الصدد نشر موقع “المونيتور” الأمريكي مقالاً جاء فيه:
“لم تُظهر روسيا أي استعداد لمقايضة تل رفعت ومنبج بإدلب ومن غير المرجح أن توافق على هجوم تركي جديد.. مستنقع سوريا أنتج نوعاً من الجمود الهش بين تركيا وروسيا والولايات المتحدة يمكن أن ينهار في أي وقت … لا يمكن لأردوغان التخلي عن الولايات المتحدة تماماً، كما هو الحال مع بوتين، إنه يحتاج على الأقل إلى وهم وجود خيار في التعامل مع بوتين للبقاء في اللعبة، هذه أيضاً ورقة رابحة للولايات المتحدة، إحباط الرئيس التركي هو أن سياسته الخارجية شخصية وعلى مستوى القمة”.
وكذلك نشرت صحيفة “الشرق الأوسط“:
“تريد تركيا إنهاء الأزمة السورية، لكن بما لا يقوض أمنها ومصالحها، فقد تسببت الأزمة السورية في خلاف بين تركيا مع غالبية حلفائها في تحالف “ناتو” وخلقت انقساماً آخر مع الولايات المتحدة، لكن إدارة الرئيس جو بايدن لا تهتم كثيراً بمخاوف تركيا، وعلى العكس من ذلك، فإن تبرير الرئيس بايدن للكونغرس لاستمرار حالة الطوارئ الوطنية جاء جراء شن تركيا لهجوم عسكري في شمال شرقي سوريا”.
أما مركز الدراسات الأمني والاستراتيجي الأمريكي “ستراتفور” فأشار إلى احتمال عقد صفقة روسية-تركية قائلاً:
“هناك احتمال أن تحاول تركيا احتلال منطقة تل رفعت بأكملها، الأمر الذي يتطلب موافقة موسكو. لكن بعد ضغوط تركية مكثفة، سمحت روسيا لتركيا باحتلال عفرين في كانون الثاني 2019 لتجنب مواجهة عسكرية كبيرة مع أنقرة بشأن قضية المسلحين الأكراد، ولكن حتى الهجوم المحدود سينطوي على خطر وقوع إصابات عرضية من شأنها أن تدفع جميع الأطراف إلى تصعيد عسكري كبير. وسيكون من الصعب إقناع النظام السوري بشكل خاص بمغادرة المنطقة.. كما أن الهجوم على تل رفعت سيزيد من تدقيق الولايات المتحدة في تصرفات تركيا في سوريا، مما يؤجج دعوات داخل الكونجرس لفرض عقوبات على أنقرة”.
الأوضاع في الشمال السوري وفي إدلب تشهد تسارعاً لافتاً، فبعد ارتفاع وتيرة التصعيد التركي والتهديدات التركية حول تلك المنطقة، أرسل الجيش السوري تعزيزات عسكرية إلى تلك المنطقة تحسباً لشن أي عملية عسكرية، وكذلك في إدلب ففي الوقت التي لم تُحسم الأمور فيها بعد، تستمر جميع الأطراف باتخاذ إجراءات عسكرية من تحضيرات وتعزيزات تحسباً لأي عسكري، حيث يشير مراقبون إلى أن هذا الواقع الميداني قد يُجبر أنقرة على إعادة دراسة أولوياتها من جديد.