أثر برس

احتل الوقود 49% من قيمة المستوردات.. على ذمّة «مكتب الإحصاء»: 77% من صادرات سوريا للمجموعة الآسيوية كانت مع تركيا!

by Athr Press G

خاص || أثر برس احتلت منتجات الوقود المعدني أكبر قيمة من إجمالي المستوردات السورية عام 2021، حيث بلغت قيمة مستوراتها، بحسب المجموعة الإحصائية لعام 2022، نحو 6.471 ترليون ليرة سوريا وذلك يشكّل نسبة 49 % من إجمالي المستوردات والبالغة 13.153 ترليون ليرة، وشكلت تقريباً ما يصل إلى 70 % من قيمة العجز في الميزان التجاري. فيما يُلاحظ أنّ 77% من صادرات البلاد المتجهة إلى مجموعة دول آسيا كانت مع تركيا، فماذا صدّرت سوريا إلى تركيا؟

إجمالي التجارة الخارجية السورية عام 2021:

بلغ إجمالي حجم التجارة الخارجية السورية، بحسب المجموعة الإحصائية لعام 2022 والتي صدرت عن المكتب المركزي للإحصاء في سوريا نحو 16.97 ترليون ليرة سوريا، إذ سجلت قيمة الصادرات السورية إلى دول العالم 3.82 ترليون ليرة، فيما بلغت قيمة الواردات السورية نحو 13.153 ترليون ليرة. أمّا بالنسبة للعجز في الميزان التجاري، فقد بلغ نحو 9.33- ترليون ليرة، وهو ما يمثل أكثر من ثلاثة أضعاف الصادرات السورية.

95 % من مستوردات الوقود كانت منتجات نفطية:

وبالعودة إلى تفاصيل المجموعة الإحصائية التي اطلع عليها “أثر برس” تبين أنّ أغلبية منتجات الوقود المعدني (نفط خام ومنتجات نفطية، وغاز طبيعي، وفحم) والتي تم استيرادها من الخارج كانت نفط خام ومنتجات نفطية ومواد متصلة بها حيث بلغت قيمتها 6.168 ترليون ليرة، وهو ما يشكل نسبة 95 % من إجمالي مستوردات فصل الوقود المعدني، وهو ما يمثل أيضاً نسبة 47 % من إجمالي المستوردات من الخارج.

وبالنسبة لباقي المستوردات في فصل الوقود، فقد بلغت قيمة مستوردات الغاز الطبيعي ما يقارب 278 مليار ليرة، وهو ما يمثل تقريباً نسبة 4 % من إجمالي مستوردات الوقود. وقد بلغت قيمة مستوردات الفحم والكوك نحو 25.133 مليار ليرة وهي تمثل تقريباً نسبة 1 % من إجمالي مستوردات الوقود.

أمّا بالنسبة لصادرات البلاد من منتجات الوقود (زيوت، شحوم،..) فقد بلغت قيمتها ما يقارب 68.1 مليار ليرة، وهو ما يشكل نسبة 2 % من إجمالي صادرات البلاد إلى الخارج، وهذه نسبة ضئيلة جداً.

يرى الخبراء أنّ أحد أهم أسباب تفاقم العجز في الميزان التجاري السوري في عام 2021 كان نتيجة الاعتماد المفرط على استيراد الوقود من الخارج، خاصة النفط الخام والمنتجات المتعلقة به، حيث شكل ذلك ما يقارب 70 % من العجز الحاصل في الميزان التجاري والبالغ قيمته أكثر من 9.331 ترليون ليرة، ويعود سبب ذلك، بحسب الخبراء، إلى وقوع جميع آبار النفط المحلية في منطقة الجزيرة السورية منذ عام 2014 تحت سيطرة “قوات سورية الديمقراطية- قسد” الجناح العسكري لما تسمى “الإدارة الذاتية” الكردية المدعومة من قبل القوات الأمريكية والتحالف الدولي. فقبل الحرب وصل إنتاج البلاد من النفط الخام 385 ألف برميل يومياً، وهو يغطي كافة احتياجات البلاد فيما كان يصدر قسماً منه إلى الخارج لتأمين مشتقات نفطية كــ “البنزين”.

ما هي أهم السلع التي صدرتها سوريا المحاصرة اقتصادياً؟

إلى جانب المستوردات، يلاحظ أنّ فصل الأغذية والحيوانات الحية كانت قد احتلت المرتبة الثانية من جهة المستوردات السورية، حيث استوردت البلاد عام 2021 أكثر من 2.053 ترليون ليرة سورية وذلك يشكل نسبة 16 % من قيمة المستوردات، إلا أنّ قيمة مساهمة هذا الفصل من جهة الصادرات كانت في المرتبة الأولى، حيث بلغت قيمة الصادرات السورية من الأغذية والحيوانات الحية 1.510 ترليون ليرة سورية وهو ما يمثل نسبة 40% من إجمالي الصادرات السورية ويعود سبب ارتفاع نسبة ذلك نتيجة ارتفاع قيمة صادرات الخضار والفواكه بالدرجة الأولى حيث بلغت قيمة صادرات البلاد منها ما يصل إلى 1.043 ترليون ليرة.

كما وصدرت منتجات البن والشاي والكاكاو والتوابل ومصنوعاتها بنحو 216.5 مليار ليرة. إضافة إلى صادرات حيوانات حية، ولحوم ومحضرات لحوم، ومنتجات الألبان وبيض الطيور والأسماك والسكر والعسل والأعلاف بنحو 139.4 مليار ليرة.

وجاءت بالمرتبة الثانية من جهة الصادرات السورية، المنتجات المحلية المصنعة حسب المادة، حيث بلغت قيمتها إجمالاً نحو 895.747 مليار ليرة وهو ما يمثل نسبة 23% من إجمالي الصادرات السورية، وشكلت أهم منتجات هذا الفصل تصدير منتجات معدنية بقيمة 414.8 مليار ليرة سورية، ومنتجات خيوط نسيجية ونسج وأصناف جاهزة بما يقارب 262.49 مليار ليرة، ومنتجات ورق وورق مقوّى ومنتجات مرتبطة بها بنحو 83.22 مليار ليرة، إضافة إلى العديد من السلع الأخرى بكميات أقل كمصنوعات المطاط والفلين والخشب والحديد الصلب.. الخ.

ماذا صدّرت سوريا لتركيا؟

جاءت مجموعة أسواق الدول الآسيوية بالمرتبة الثانية كوجهة للصادرات السورية بعد أسواق المنطقة العربية، حيث بلغت قيمة صادرات البلاد إليها ما قيمته 330.44 مليار ليرة، من بين إجمالي أسواق هذه المجموعة، تصدرت تركيا القائمة من جهة حجم المستوردات التي تلقتها من سوريا، حيث بلغت قيمة الصادرات السورية إلى تركيا أكثر من 254 مليار ليرة، وهو ما يشكل 77 % من إجمالي صادرات سورية إلى الدول الآسيوية، فماذا صدرت سوريا إلى تركيا؟

يرى الخبراء الاقتصاديين، أنّ الحديث عن تبادل تجاري مع تركيا يترك العديد من إشارات الاستفهام، خاصة أنّ العلاقات التجارية بين البلدين متوقفة منذ سقوط معبر “باب الهوى” بيد الفصائل المسلحة المدعومين من أنقرة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2012، ويعتقد الخبراء، أنّ ذكر تعاملات تجارية رسمية مع تركيا، حتى في حالة عدم وجود علاقات سياسية، هو ليس بجديد، حتى عندما كانت العلاقات مقطوعة مع دول الخليج كانت هناك أرقام تُذكر مع تلك الدول.

آراء مختلفة:

إنّ إدخال أرقام على مصفوفات إحصائيات التجارة الخارجية لكل من سوريا وتركيا، رغم انقطاع العلاقات السياسية بين البلدين، يؤكّد بحسب الخبراء أهمية العلاقات الاقتصادية السورية- التركية، إلا أنّ خلفيات الأرقام وكيف تم التبادل التجاري هو نقطة الاختلاف حولها. فطرف من الخبراء الاقتصادي يؤكّدون أنّ هناك تبادل تجاري فعلي بين البلدين، وهو من جهة الصادرات السورية إلى تركيا، وهذا يتم خلال السنوات الماضية من خلال الطرق البحرية. فهناك صادرات سوريا تدخل الأسواق التركية عبر البحر، مشككين بوجود قسم من هذه الصادرات قد دخل من المعبر البري الذي يربط بين البلدين في ريف اللاذقية الشمالي والذي يقطع تحت سيطرة الحكومة السورية والحكومة التركية.

قسم آخر من الخبراء، يرون أنّ حجم التبادلات التجارية الذي ذكرت في الإحصاءات الرسمية السورية، هي تأكيد على وجود سلع سوريا هُربت إلى تركيا بطريقة غير مشروعة، وربما تكون القيمة الفعلية أكبر مما ذكر بكثير، خاصة أنّ منطقة شمال غرب سوريا التي تسيطر عليها التنظيمات المسلحة تُنتج العديد من السلع الغذائية كالبطاطا، والخردوات والبقوليات اليابسة (كالفول، والحمص)، والألبسة والمواد العطرية (كزبرة، يانسون، كمون).

ويضيف الخبراء، أنّ الحكومة التركية تعتبر كل التعاملات التجارية (الواردات أو حتى الصادرات) من وإلى الأراضي السورية سواء التي هي تحت سيطرة الحكومة أو سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة منها، أو دخلت عبر البحر ومرّت على الجمارك التركية، هي تعاملات مع الدولة السورية، وتحسب ضمن تجارتها الخارجية على أنها تبادل تجاري مع سوريا، لافتين إلى أنّه ربما يكون الرقم المذكور في المجموعة الإحصائية السورية هو استرشاداً بنسبة معينة من أرقام الواردات التركية من الأراضي السورية.

وفي هذا السياق، يؤكّد الخبراء أنّه وعند العودة إلى البيانات الرسمية الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية لعام 2022، نجد أنّ حجم الواردات التركية من سوريا، بلغت 187.102 مليون دولار في عام 2021، أي أنه وبحسب سعر الصرف المحدد وفقاً للمجموعة الإحصائية السورية لعام 2022 والتي حددت سعر صرف الدولار لتعاملات عام 2021 بـ (2135.4) ليرة سوريا، نجد أنّ قيمة واردات تركيا من سوريا بلغت 399.537 مليار ليرة، وهذا يعني أنّ ما ذكر في المجموعة الإحصائية هو أقل مما أعلنت عنه الحكومة التركية رسمياً بنحو 145.45 مليار ليرة سوريا، وهذا يشير برأيهم إلى أنّه في حال تم تصدير الرقم الذي ذكر بالمجموعة الإحصائية عن طريق البحر أو عبر المعبر البري إن كان هناك “تبادل غير علني”، فإنّ القيمة المتبقية الـ (145.45 مليار ليرة) ربما هي بضائع سوريا دخلت عبر الجمارك التركية من المناطق التي تقع تحت سيطرة الفصائل المسلحة وصنفت ضمن هيئة الإحصاء التركية على أنها تبادل تجاري مع سوريا.

إنّ التبادلات التجارية التي أعلنت عنها تركيا، تثير العديد من الأسئلة.. فهل تعتبر التجارة التركية مع الأراضي السورية التي تقع خارج سيطرة الدولة السورية هي تجارة تركية شرعية على اعتبار أنها تمت دون موافقة الحكومة بدمشق؟ وما هو موقف القانون الدولي من هذه المسألة؟ وهل يحق لدمشق رفع دعوى إلى محكمة التحكيم التجاري الدولية ومطالبة الجانب التركي بتعويض عمّا تم استيراده من بضائع سورية دون موافقة الحكومة السورية؟

قصي المحمد

اقرأ أيضاً