بالتزامن مع الحديث عن تحديات اقتصادية وخارجية عدة تنتظر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد فوزه بجولة انتخابات رئاسية جديدة، أعلن الأخير بعد انتهاء مراسم تأدية اليمين تشكيلة وزارية جديدة، تخللها تغيرات في حقائب الخارجية والدفاع والاقتصاد.
قرارات أردوغان هذه تزامنت مع تغيرات طرأت مؤخراً على سياسة بلاده الخارجية، حيث بدت تركيا أقرب إلى روسيا من الولايات المتحدة الأمريكية وحلف “الناتو”، وفعّل مسارات جديدة كان أبرزها مسار التقارب السوري- التركي بوساطة إيرانية- روسية وإنهاء القطيعة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وحول ارتباط هذه القرارات بالتغيرات الأخيرة، تؤكد التقارير الصحفية أن خلوصي أكار الذي أقاله أردوغان من منصبه كوزير دفاع، يُعرف بالعلاقات الوطيدة التي تربطه بالولايات المتحدة الأمريكية، وظهرت هذه العلاقة بشكل واضحاً في الزيارة التي أجراها إلى واشنطن، بداية عام 2015، بدعوة من وزارة الدفاع الأمريكية لتكريمه من قائد القوات البرية الأمريكية الجنرال راي أوديرنو، ومنحه الأخير حينها أرفع الأوسمة الأمريكية، وهو وسام الاستحقاق الأمريكي، في حفل مهيب حضره أكثر من مئة جنرال أمريكي من أعلى الرتب.
المشرف على العمليات العسكرية التركية في سوريا وزيراً للدفاع في حكومة أردوغان:
شغل يشار غولر، منصب رئيس هيئة الأركان العامة منذ عام 2018، وهو حاصل على وسام الخدمة المتميزة، وميدالية الشرف بالجيش التركي، وكان من الجنود الأتراك الذين كان لهم دور مهم في مواجهة محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا قبل سنوات، وفقاً لما نقلته صحيفة “العربي الجديد” عن مصادر تركية.
ووفقاً لتقارير تركية فإن غولر، كان له دوره في العمليات التي شنتها تركيا في سوريا، حيث كان غولر، قائداً للجيش في العمليات العسكرية التركية في سوريا في عامي 2019 و2020 وأشرف على العمليات العسكرية اللاحقة هناك وفي العراق، وفق ما نقله موقع “ميدل إيست أي” البريطاني.
أردوغان يعيّن “كاتم أسراره” وزيراً للخارجية بدلاً عن أوغلو
تؤكد التقديرات أن التطورات التي يشهدها العالم والشرق الأوسط، والتحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها أردوغان، تُشير إلى أن أردوغان أنهى مرحلة قديمة وبات أمام واقع وظروف جديدة، الأمر الذي يسلّط الضوء على خلفيات القرار الذي قضى بتعيين رئيس الاستخبارات التركية حقّان فيدان، وزيراً للخارجية، حيث تؤكد التقارير الغربية أن فيدان، الذي يشغل منصب رئيس المخابرات التركية منذ 13 عاماً، مطّلع على تفاصيل الملفات التركية كلها ويُلقّب بـ”حارس سر أردوغان”، وأكد تقرير نشرته صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، أن “فيدان الذي ترأس الاستخبارات منذ أيار 2010 مؤيد مخلص لإردوغان، وكان سابقاً مستشاراً دبلوماسياً له مدة ثلاث سنوات، وقال عنه إردوغان في 2012: إنه كاتم أسراري وكاتم أسرار الدولة”.
ونقلت “الإندبندنت” عن مصدر دبلوماسي غربي قوله: “إن فيدان هو الرجل الموثوق لإردوغان منذ سنوات، كما أنه الشخص الذي يقود المفاوضات مع العالم العربي ومصر والإمارات وليبيا، وكذلك سوريا، التي يحاول الرئيس التركي إعادة التواصل معها بوساطة موسكو”.
وفي هذا السياق يؤكد المحلل السياسي التركي أيدين سيزير، أن “فيدان ترأس جهاز الاستخبارات لفترة طويلة، وهو الشخص المهيمن في العلاقات بين تركيا وروسيا، وكذلك بين تركيا وسوريا، وحضر فيدان كل لقاءات أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك مع المسؤولين الروس” مشيراً إلى أن “فيدان من الذين يقودون الحوار مع المخابرات السورية منذ فترة طويلة، وكان المشرف على إدارة الملف السوري في القيادة التركية” وفقاً لما نقلته وكالة “نوفوستي” الروسية.
وتؤكد التحليلات أن أردوغان، يواجه اليوم عالماً مختلفاً بظروفه وتفاصيله، وللتماشي مع هذا العالم الجديد عليه تعديل سياساته وإعادة النظر بها من جديد، وفي هذا الصدد نقل “ميدل إيست أي” عن مصادر متعددة أن “سياسيات أردوغان الخارجية المستقبلية ستستند على أربعة أسس هي: تنويع حلفاء البلاد، منع الأزمات الدبلوماسية الكبيرة، الإسراع بجهود المصالحة مع سوريا ومصر ودول الخليج، والتمسك بالاستقلال”.