بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة وحلفائها)” على مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، أعرّبت الأحزاب الكردية عن قلقها من الواقع الميداني الجديد الذي فُرض في تلك المناطق بالتنسيق مع الجانب التركي، حيث طالبت الأمانة العامة لـ”المجلس الوطني الكردي” المعارض في بيانٍ نُشر على موقعها الرسمي أمس السبت المجتمع الدولي والدول ذات الشأن، وعلى رأسها تركيا التي تسيطر عسكرياً على المنطقة، بإيقاف العمليات العسكرية وإخراج الفصائل المسلحة عن المدن والبلدات والقرى.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مدير المركز الإعلامي لـ”قوات سوريا الديمقراطية- قسد” فرهاد شامي تأكيده على أن “سيطرة الهيئة على عفرين حصل بعد عقد اجتماع بين قادة الفصائل الموالية لتركيا ومتزعمي الهيئة في سرمدا بتاريخ 25 حزيران الماضي، آنذاك قلنا عبر بلاغٍ صحافي: إن أنقرة تحاول تأسيس حزام أسود من التنظيمات المتطرفة، انطلاقاً من الريف الجنوبي لمدينة عفرين وصولاً إلى غرب مدينة عين العرب بريف حلب ورأس العين بمحافظة الحسكة”.
وأكد شامي أن عناصر “الهيئة” ستعمل لاحقاً على فتح ثغرات للهجوم على مدينة حلب، وقال: “تركيا ستنقلب على الاتفاقيات مع روسيا وستكون حلب ضمن خطة أردوغان في حملته الانتخابية للرئاسة التركية المقبلة”، مشيراً إلى أن “موقع عفرين الاستراتيجي يشكل مساحة المناورة العسكرية المطلوبة للهيئة، كما سيلعب الشريط الحدودي من مدينتي جرابلس والباب بريف حلب الشرقي طوقاً خانقاً للفصائل السورية المسلحة”.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي خورشيد دلي، أن التوجه التركي بزج “الهيئة” في معركة محتملة ضد “قسد” سيلقى رفضاً أمريكياً.
فيما تختلف بعض الآراء مع وجهة نظر خورشيد دلي، بخصوص موقف الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أفاد تقرير تحليلي نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” العبريّة بأن هناك انقسام بين صانعي السياسة حول ما يجب أن تفعله الولايات المتحدة في سوريا، بينما فضل البعض نهج البنتاغون والقيادة المركزية الأمريكية في العمل مع “قسد” شرقي سوريا، اعتقد البعض الآخر أن على الولايات المتحدة العمل مع تركيا في شمال غرب سوريا.
أما بخصوص إدراج الولايات المتحدة الأمريكية لـ”هيئة تحرير الشام” على قائمة “الإرهاب” قالت الصحيفة: “تم تصنيف زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، كإرهابي من قِبل الولايات المتحدة منذ عام 2013، لكن بعض المسؤولين في عهد ترامب رأوا في ذلك سياسة أوباما، كانت هناك محاولة لتبييض هيئة تحرير الشام وجعلها تبدو كقوّة شرعية، حتى لو كان ذلك يعني التطهير العرقي في عفرين والعمل مع المتطرفين الذين يقمعون النساء والأقليات”، لافتة إلى أنه “في حزيران 2021، بدأ فجأة تنظيم “هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)” الذي يُفترض أن الولايات المتحدة في حالة حرب معه منذ 11 أيلول، بإجراء مقابلات متوهجة، وذكرت تقارير أنه متشدداً قوياً وصفته الولايات المتحدة بأنه إرهابي يسعى إلى علاقة جديدة مع الغرب”.
يُذكر أنه في تموز 2019 نقل موقع “عربي 21” عن مصادر رفضَ الكشف عن هويتها، أن كل من تركيا وأمريكا تعملان على حفاظ وجود “هيئة تحرير الشام” والحيلولة دون إنهاءه والقضاء عليه، مشيرةً إلى أن هناك توافقاً بين الجانبين التركي والأمريكي على إعادة تأهيل “الهيئة” المدرجة على قائمة “الإرهاب”، وتحديداً في الشمال، لافتة إلى أن واشنطن وتركيا تتخوفان من البديل عن “الهيئة”.
ونقل الموقع حينها عن الباحث المهتم بالجماعات الجهادية، عباس شريفة، قوله: “واشنطن تهدف من خلال التوافق مع تركيا بالحفاظ على تنظيم النصرة، إلى إعادة هيكلة الأخير بطريقة لا تعطي له شرعية، ولا تقطع التعامل معه كقوّة موجودة، فإنهاؤه يعني استفادة روسيا والدولة السورية”، مشدداً على أن إنهاء “النصرة” في إدلب، يعني تهديداً كبيراً بالنسبة لأمريكا.
يُشار إلى أن “هيئة تحرير الشام” دخلت يوم الخميس 13 تشرين الأول الجاري، انتزعت السيطرة على مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، من فصائل أنقرة، وسيّرت دوريات مشتركة مع تركيا، وذلك بعد اشتباكات عنيفة بين “الهيئة” وفصائل أنقرة، ليتم يوم أمس السبت الإعلان عن توقيع اتفاق بين طرفي الاشتباكات بعد لقاء جمعهما بحضور مسؤولين أتراك، وأبرز بنود الاتفاق كانت وقف إطلاق النار وإطلاق سراح كافة الموقوفين في الأحداث الأخيرة.