أثر برس

الإقبال على الأواني الحديثة كـ”التيفال والستالس” يهدد بزوال مهنة تلميع “النحاس”

by Athr Press B

خاص|| أثر برس ما تزال بعض العائلات السورية تحتفظ بالأدوات النحاسية وتقبل على شرائها، حتى أن بعضهم يلجأ إلى “تبييض ـ تلميع” هذه الأدوات كل فترة للحفاظ عليها.

يعمل أبو خالد بـ (تبييض النحاس أو تلميعه) منذ 40 عاماً وحتى الآن مع ابنه الذي يبلغ من العمر (13 سنة)، موضحاً أنه مهنته ورثها عن والده ووالده ورثها عن جده وهكذا، حيث يعملون بتبييض الأدوات النحاسية والستالس ستيل والألمنيوم من طناجر وأباريق لتصبح صالحة للاستعمال أو للزينة بحسب ما يرغبون، مضيفاً: “قبل البدء بالعمل تبدأ المفاوضات بيني وبين الزبون حيث يتم تحديد السعر بحسب النوع والحجم فالأسعار لم تعد كما كانت في السابق فقد ارتفعت نتيجة ارتفاع سعر المواد الداخلة في عملية التنظيف”.

وتابع أبو خالد لـ “أثر”: “فمثلاً تلميع الطنجرة النحاسية يبدأ من 125 ألف ل.س؛ أما تلميع الألمنيوم فيبدأ من 25 للحجم الصغير من الطناجر أما الكبيرة فتصل كلفتها لـ 75 ألف بينما ركوة القهوة تصل أجرتها لـ 15- 20 ألف فقط”.

وعن آلية العمل، يقول أبو خالد لـ”أثر”: “نشعل النار للبدء في عملية التبييض ثم نحضر الوعاء النحاسي ويسخّن على النار مباشرة، ويدهن بمياه التوتيا بواسطة سيخ حديدي طويل، في طرفه قطعة قماش مثبتة، بعد ذلك نبدأ بفرك الوعاء من الداخل إلى الخارج بالرمل ثم بمادة القصدير المبيضّة”، متابعاً: “نستعمل أحياناً بودرة النشادر التي تعطي اللون الأبيض الناصع وتلمع النحاس ولكن رائحتها القوية يمكن أن تزعج المبيض أحياناً، وفي المرحلة النهائية، يغسل الوعاء بالماء والصابون ويتم تلميعه جيداً فيعود جديداً يلمع كما كان من قبل”.

وبحسب أبو محمد وهو أيضاً يعمل بهذه المهنة، فإن مهنة تلميع النحاس في طريقها إلى الزوال، لافتاً إلى أن الإقبال لم يعد كالسابق، متابعاً: “علماً أنه ومع كثرة استعمال النحاس والطبخ والحرارة، (يتأكسد) ويكوّن مادة (الجنزار النحاسي)، وهي مادة سامّة تؤذي الإنسان في حال خلطت مع الطعام أثناء الطهي، فيجب تبييض الأواني النحاسية كلّ فترة”.

بدوره أبو حيدر (يعمل في تلميع الطناجر) يقول لـ”أثر”: “تبييض الطناجر مهنة تراثية يُنظر بخوف إلى مستقبلها، وخصوصاً أن صناعة الأدوات النحاسية باتت قليلة، لأنها واحدة من الحرف التي تلاشت لاستغناء الناس عن استعمال النحاس لارتفاع أسعاره مع وجود البديل من جهة أخرى”، مشيراً إلى أنه “في السابق كانت أجرة تبييض الطناجر النحاسية والمصنوعة من الألمنيوم لا تتعدى 5000 ليرة أما اليوم أصبحت أجرة تلميع الطنجرة 50 ألف والإبريق 20 ألف والأواني الكبيرة تبدأ من 50 ألف وتزداد كلما ازداد الحجم؛ نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخاصة بتلميع هذه الأواني ارتفعت أجرة تنظيفها؛ وتالياً ارتفعت أسبوعية العامل الذي يعمل بتنظيف ودعك هذه الأواني فبعد أن كان يتقاضى 50 ألف أسبوعياً اليوم بالكاد يقبل 250 ألف”.

وعن الإقبال على تنظيف الأواني قال أبو حيدر: “معظم الناس اليوم تستبدل الأواني النحاسية وحتى الألمنيوم الذي يملكونه بالأدوات الحديثة كالتيڤال والستالس ويبيعون ما لديهم للباعة الجوالين لذلك فإن أكثر الناس تقبل حالياً على تلميع الأباريق أو ركاوي القهوة فقط”، متابعاً: “التصدير توقف منذ فترة طويلة جداً وحتى الأواني الألمنيوم الموجودة اليوم في المحلات هي صناعة محلية وليست مستوردة”.

وكان مصدر في الجمعية الحرفية للتراث كشف عن عدد من يعمل بهذه المهنة، قائلاً لـ “أثر”: “يتراوح عدد من يعمل بهذه الحرفة بين 3-4 حرفيين؛ وهم ليس لديهم جمعية لأن عددهم قليل جداً من جهة ومن جهة أخرى أصبح الناس يتجهون لشراء الطناجر والأواني الحديثة كالتيفال والستالس والبيركس”.

دينا عبد

اقرأ أيضاً