تغيرات وتبدلات سياسية تشهدها المواقف الدبلوماسية لدى بعض دول الخليج التي قد تتأثر بشكل كارثي في حال قيام أي صدام عسكري في المنطقة التي تشهد توتر بين الولايات المتحدة وإيران.
فخلال المرحلة الأخيرة غابت التصريحات الإماراتية الهجومية تجاه إيران وبدأت الإمارات بالخروج بشكل جزئي من تحت المظلة السعودية والتي ترجمت مؤخراً بموقفها المتردد من البقاء في حرب اليمن على الرغم من الرفض السعودي لخروجها بحسب ما نقلت صحيفة “الغارديان” البريطانية.
تلك المقدمات التي جرت خلال الأشهر الماضية وصلت اليوم إلى حدود إظهار تلك التوجهات الإماراتية بصورة أكثر علانية لتصل إلى حدود الثناء على السلوك الإيراني في الخليج على الرغم من الحديث الأمريكي حول تهديد إيران للملاحة العالمية، حيث نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية اليوم عن قائد خفر السواحل الإماراتي العميد مصباح الأحبابي قوله “إن التنسيق المتواصل بين إيران والإمارات ضروري لضمان سلامة الملاحة في المنطقة”. وأضاف العميد الأحبابي عقب اجتماع أمس الثلاثاء في طهران مع مسؤولين عسكريين إيرانيين: “أن العلاقات الجيدة بين البلدين ستمكن من ضمان أمن مياه الخليج وبحر عمان”، وامتدح العميد الأحبابي سياسة إيران في إدارة المسألة الحدودية، قائلاً “إن الأمن الذي تنعم به الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ضوء حدودها المشتركة والممتدة بمساحة 8755 كلم، يدل على أسلوبها الصحيح في إدارة مناطقها الحدودية”.
تلك الاجتماعات المشتركة لخفر السواحل بين البلدين بدأت عام 2009، وانتظمت بشكل سنوي، ثم توقفت عام 2013 بشكل كامل، قبل أن تعود بشكل مفاجئ في الظروف الحالية المشحونة بالتوتر.
التغيرات التي تجري في الموقف الإماراتي قد طرحت صحيفة ” فاينشال تايمز” البريطانية التي تعنى بالشؤون الاقتصادية العالمية أسبابها من الجانب الاقتصادي قبل أيام، حيث أفادت الصحيفة بأن العقوبات الأمريكية على طهران أثرت في تجارة إيران مع دولة الإمارات، وقوضت على وجه الخصوص وضع إمارة دبي كمركز تقليدي للأعمال المرتبطة بإيران، وفسرت الصحيفة هذا التراجع إلى تأثير العقوبات الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران وألقت بالتالي بظلالها على دولة الإمارات باعتبارها مركزاً للتجارة والأعمال في منطقة الشرق الأوسط.
وأضافت الصحيفة أن الانعكاسات الاقتصادية على الإمارات تؤكد حقيقة مفادها أن المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران لها تأثيرات سلبية على منطقة الشرق الأوسط حتى للدول التي تدعم موقف واشنطن “المتشدد” تجاه إيران.
ويأتي ذلك بعيداً عن النتائج الكارثية التي ستحل على الإمارات في حال نشوب أي صراع عسكري في المنطقة وذلك بسبب موقعها الجغرافي الذي من شأنه أن يكون في قلب دائرة النار، حيث يرى مراقبون بأن تلك الإجراءات الإماراتية تأتي بهدف تحييد الإمارات عن أي صراع عسكري قد ينشب في المنطقة.
وعليه يبدو بأن بعض الدول التي تسير بشكل أعمى خلف الإملاءات الأمريكية قد بدأت تنظر بصورة أكثر موضوعية إلى مصالحها التي لا تصب في المصلحة الأمريكية التي تريد أن تضرب هذه القوى مع إيران وتبقى في منأى عن ارتدادت تلك الأحداث، فهل ستتبع بعض الدول الخليجية موقف الإمارات تجاه إيران وتنظر إلى مصالحها الوطنية بعيداً عن السياسة الأمريكية التي قد تدخل المنطقة في حرب غير معروف أمدها؟