خاص|| أثر برس نجحت فصائل المقاومة الفلسطينية في اختراق الجدار الأمني “الإسرائيلي” وإدخال “الفطيرة الإسرائيلية” من جديد في حرب مستعرة كانت قد اعتقدت “تل أبيب” أنّها خرجت منها.
اليوم وبعد مرور ما يزيد على 60 ساعة على بداية عملية “طوفان الأقصى” التي بدأتها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الكِيان الإسرائيلي، فجر 7 تشرين الأول 2023، ما يزال من الصعب تحديد مسار المعارك التي تدور بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال في عشرات المستوطنات، لكن ثمة معطيات، يمكن أن نستشرف منها سيناريوهات عدة لتحديد مستقبل الحرب في المرحلة المقبلة.
وتعد هذه الحرب هي الرابعة من نوعها التي تدور بين المقاومة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، واندلعت بعد 50 عاماً من حروب عام 1948، وعام 1967، وعام 1973، ووصفت تقارير عبرية طريقة دخول المقاومين بأنها “مدروسة، ومخططة باحترافية”، لافتة إلى أن ما حدث شكل صدّمة كبيرة للكِيان الإسرائيلي وحلفائه الأوروبيين والولايات المتحدة الأمريكية.
“طوفان الأقصى” ماذا جرى؟ ولماذا أخطر حرب؟
في وقت مبكّر من صباح 7 تشرين الأول، أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية، عملية “طوفان الأقصى” استهدفت فيها المستوطنات “الإسرائيلية” ومقرات عسكرية لجيش الاحتلال الموجودة في منطقة “غلاف غزة” بـ5000 صاروخ في المرحلة الأولى، واقتحم بعد ذلك مقاتلو الفصائل الفلسطينية، المستوطنات جواً بالطائرات الشراعية وبراً بعرباتهم.
ووصفت وسائل إعلام عبرية، ما جرى بـ”التطور الخطر”، وأكدت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية أن “ما يحدث فشل ذريع على المستويات العسكرية والاستخبارية والسياسية الإسرائيلية”.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي مهند الحاج علي في تصريح لـ”أثر” أنّ التقدم الذي حققه المقاومون، فرض معادلة اشتباك صعبة جداً على كيان العدو، واستطاعوا تحييد “سلاح الجو الإسرائيلي”، وما يؤكد ذلك استهدافه للمواطنين في غزة مباشرة بعد فشله في الوصول إلى مقاتلي المقاومة.
وتابع أن “ما يحدث اليوم في فلسطين، إلى جانب تحقيق الأهداف الأساسية المذكورة آنفاً، هو رسالة من محور المقاومة للولايات المتحدة الأمريكية، تؤكد قدرة المحور الضغط على كِيان الاحتلال وتكبيده خسائر كبيرة في مختلف المجالات، خاصة بعد إعلان نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة إنشاء المشروع الاقتصادي الذي يربط بين الهند والأردن و”إسرائيل” وأوروبا.
وجاءت التطورات اللافتة المصاحبة للانتفاضة، في سياق آخر، رداً على “العربدة الإسرائيلية في المسجد الأقصى وسحل النساء في باحاته”، بحسب ما صرّح به القائد العام لكتائب القسام “الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية- حماس” محمد الضيف.
ارتفاع أسهم سيناريو “الحرب الشاملة”
في الوقت الذي لا تزال فيه المعارك مستمرة في العشرات من المواقع في شمالي غزة وشرقها، وسيادة حالة التوتر عند الحدود “اللبنانية- الفلسطينية”، تشير المعطيات الحالية إلى وجود سيناريوهات عدّة، ويرجح في هذا السياق، الكاتب والمحلل السياسي الدكتور طالب إبراهيم، في حديث لــ”أثر”، أنّ المعارك قد تستمر أياماً عدة أخرى وقد تتطور الأمور وتتدحرج إلى حرب شاملة في الإقليم بين قوى محور المقاومة والكيان الإسرائيلي.
ويتفق مع إبراهيم في هذا الاحتمال، الحاج علي، إذ يرى الأخير أنّ الحرب الشاملة هو احتمال وارد منذ أن خرج رئيس الحكومة الإسرائيلية “بنيامين نتنياهو” يوم السبت، وتحدث عن حرب شاملة”، وقال الحاج علي لـ”أثر”: “أتوقع اليوم أن الحرب قد تطول أياماً عدة أو قد تستمر أسابيع عدة وأهداف المقاومة كبيرة ولا يمكن التنازل عنها”.
وأضاف أن “كل الأطراف أخذت احتياطاتها وجاهزيتها، وهناك الكثير من المقاومين أبدوا استعدادهم للمعركة، واليوم قد تتحول المعركة إلى حرب إقليمية إذا ما تم حشر نتنياهو في الزاوية وأقدم على عمل عسكري ضد غزة وفشل هذا العمل العسكري، سيصدر الهزيمة إلى حرب إقليمية”.
وحول احتمال انخراط سوريا بهذه المعركة قال الحاج علي: “عندما يدخل الجيش العربي السوري في حرب مباشرة مع كيان الاحتلال الصهيوني، بالتأكيد الجيش السوري ليس وحده، لديه حلفاء ولديه وسائط نار تختلف عن وسائط النار التي لدى المقاومة الفلسطينية، قادرة على تدمير الكيان وبالتالي ستختلف طبيعة المعركة”.
كما رجّح الحاج علي أن تُفتتح جبهات جديدة ضد الكيان الإسرائيلي وخصوصاً من جهة الحدود اللبنانية بعد “الاستفزاز الإسرائيلي” الذي تعرّضت له تلك المنطقة وتسبب باستشهاد 3 مقاتلين من حزب الله وجرح ضابط من الجيش اللبناني.
وفي الوقت لاحق بساعات من حديث الحاج علي، أعلنت وسائل إعلام عربية وأخرى عبرية وقوع اشتباكات في شمالي الأراضي الفلسطينية المحتلة عند الحدود “اللبنانية- الفلسطينية” عند موقع بلدة الضهيرة، والذي قد يكون مؤشراً لتصعيد المعارك وفتح جبهات جديدة على جيش الاحتلال من قبل قوات حركة المقاومة الإسلامية في لبنان “حزب الله”.
وتابع الحاج علي أن “المقاومة الفلسطينية لا تزال تحرز مكاسب، ولا يمكن أن تشوش عليها جبهة، واليوم كل الأطراف حشدت قوتها كاملة لهذه المعركة، وإن أراد الكيان تحويل الحرب إلى معركة شاملة فإن قرار قادة محور المقاومة هو إنهاء وجود الكيان، وبالسياق نفسه يؤكّد د. إبراهيم، بالقول: “إنّ هذه ليست لعبة، وإنما هي معركة كبيرة وكبيرة جداً وهي مسألة حياة أو موت لمحور المقاومة”.
تدخل واشنطن عسكرياً في الحرب الشاملة مستبعد.. لماذا؟
على الرغم من الحضور الكبير السياسي والعسكري الكبير للولايات المتحدة في عملية “طوفان الأقصى” لصالح الكيان الإسرائيلي، وإرسال مساعدات عسكرية لجيش الاحتلال، إفإنّ الخبراء يستبعدون احتمال تدخل واشنطن مباشرة في حال تدحرجت الحرب إلى معركة شاملة، وفي هذا السياق، يقول إبراهيم لـ”أثر”: “الولايات المتحدة الأمريكية متدخلة في الحرب، بأشكال عدّة كالدعم اللوجستي، والتقني والسيبراني والاستخباراتي لكنها صُدمت”، أما أن تتدخل عسكرياً مباشرة بالطيران أو جنودها، يرى إبراهيم أنّ ذلك “ربما مستبعد بعض الشيء لأنها ستتلقى ضربات عسكرية مباشرة ساحقة لقواعدها العسكرية في سوريا والعراق وتخرجها من القسم الأكبر من غرب آسيا وربما يتعرض الأسطول الأمريكي الموجود في البحر المتوسط لضربات عسكرية”.
وقال الدكتور إبراهيم: “لا أظن أن واشنطن بصدد الدفاع عن الكيان في حرب إقليمية لأن قوات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أقل ولا تتناسب مع قوة محور المقاومة العسكرية الكبيرة في المنطقة، ما سيلحق بالأمريكان خسائر فادحة”.
بدوره، أشار الحاج علي إلى أن هدف الولايات المتحدة من تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، هو “الردع الاستراتيجي”، فهي تحاول، وفق رأيه، “إرسال رسائل لدول محور المقاومة وعلى رأسها سوريا وإيران وكذلك حزب الله، بأن أي تدخل في الأراضي الفلسطينية، وتوسيع نطاق الحرب سيؤدي إلى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بحسب تعبير الأمريكان”.
ولفت الحاج علي إلى المأزق الداخلي الذي تعيشه واشنطن والذي يمنع انخراطها مباشرة في حرب من هذا النوع، موضحاً أن “الحرب الداخلية بين دونالد ترامب والجمهوريين داخل الولايات المتحدة، لها تأثير في ذلك، خاصة في ظل اقتراب الانتخابات لا اعتقد أنها ستتحمل دخول حرب عسكرية جديدة”.
التدخل الخارجي للتهدئة وفرض السلام
أمام هذا التصعيد يُطرح سيناريو التهدئة ودخول وساطات من أطراف إقليمية، وفي هذا السياق يعتقد إبراهيم، أنّ هذا الخيار قد يكون وارداً، لكن في الوقت الحالي، مستبعداً إلى حداً ما مقارنة بالسيناريوهات الأخرى، مرجحاً أن تستمر هذه الحرب أياماً عدة، من دون أن ينفي احتمال التدخل الخارجي بعد أيام عدة، إذ قال: “هناك احتمالية أن تتدخل قوى دولية وأقليمية أخرى لفرض السلام مثل روسيا أو الصين أو أيّة قوى أخرى”.
بينما يرى الحاج علي أنّ “خيارات نتنياهو محدودة، وأهداف المقاومة واضحة، وقد حددها قادة المحور وقادة كتائب القسام بتحرير الأسرى وتبييض السجون، وإرسال رسالة للكيان بأنه لا يمكن قبول الاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية، والعامل الثالث هو التوقف عن الاعتداءات على دول الجوار وخاصة سوريا”.
وأضاف، “فيما يخص تبييض السجون، قد يتم اللجوء إلى وساطات، مصرية وإماراتية، وقد تكون هناك دول أخرى لتوقف المعارك وقبول بالشروط الفلسطينية وبالتالي تتوقف الحرب عند هذا الحد (بعد الإيفاء بشروط المحور) هو احتمال ووارد”.
قصي المحمد