خاص|| أثر برس
يعاني قطاع تربية الدواجن في محافظة اللاذقية من التراجع الحادّ في العائدات مقابل ارتفاع غير مسبوق في حجم الإنتاج، الأمر الذي يؤدي إلى إغراق السوق المحلية بمادتي الفروج وبيض المائدة وبيعهما بأسعار دون التكلفة الحقيقية للمنتج، ما يهدد قطاع الدواجن بالإفلاس، ويجبر صغار المربين الذين لا يستطيعون تحمل الخسارة على الخروج من المنافسة وترك السوق لكبار المربين الذين سيبقون في ميدان المنافسة ليأكلوا “البيضة والتقشيرة” وبالأسعار التي يحددونها باعتبار أن أسعار الفروج وبيض المائدة لا تخضع لقوانين محددة وإنما تحددها فقط عملية العرض والطلب.
التاجر الكبير يأكل “البيضة والتقشيرة”
اتفق مربو الدواجن في شرح تفاصيل معاناتهم لموقع “أثر برس”، على أن انخفاض الأسعار وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج هي أهم المصاعب التي تقف عائقاً أمامهم وتكبدهم الكثير من الخسائر، إذ اشتكى المربي جهاد خضور من انخفاض الأسعار إلى ما دون التكلفة التي تصل إلى 650 ليرة سورية، موزّعة ما بين ثمن الصوص والأدوية والعلف ووقود التدفئة وأجور النقل.
وأضاف: استمرار الأسعار على هذا الحال يُلحق الخسائر بالمربين، ويمكن أن يؤدي إلى خروج المربين الصغارمنهم من العملية الإنتاجية، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف، وفرق السعر ما بين المنتج والمستهلك، والذي يتقاضاه التاجر الكبير الذي يأكل “البيضة والتقشيرة” حسب وصفه.
بدوره قال المربي أبو محمد: “عدم كفاية المقنن العلفيّ الذي تمنحه مؤسسة الأعلاف جعل المربين يلجؤون إلى القطاع الخاص، حيث يدفعون مبالغ مضاعفة لقاء الحصول على العلف، الذي أصبح مكلفاً جداً نظراً لانخفاض أسعار الفروج والبيض”.
أما المربي حسن عبد الله فقد اشتكى من ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية واللقاحات، داعياً إلى تشديد الرقابة على الأدوية المطروحة في الأسواق، ذلك لأن البعض منها دون التركيز المطلوب ويباع بأسعار مرتفعة، مطالباً مؤسسات التدخل الإيجابي باستجرارالفائض الحالي أسوة بالحمضيات والتفاح، أو فتح أسواق خارجية تستوعب فائض الإنتاج المحلي من الفرّوج وبيض المائدة.
الحفاظ على توازن السوق
باسم حسن، مديرعام منشأة الدواجن في اللاذقية أوضح لـ”أثر برس” أن دور منشأة الدواجن يقتصر على إيجاد نوع من التوازن في أسعار الفروج وبيض المائدة، موضحا أنه عندما ترتفع الأسعار تقوم المنشأة بطرح منتجاتها في الأسواق بهدف خفض الأسعار، أما عندما تنخفض الأسعار فتلجأ المنشاة إلى تسويق منتجاتها في أسواق أخرى لضبط إيقاع الأسعار وعدم تعرض المربين للخسارة.
وأضاف حسن: “رغم استقرار أسعار منتجات الدواجن في هذه الفترة إلا أن المربين يعانون من خسائر كبيرة لأنها تباع بأسعار دون سعر التكلفة، مما قد يتسبب بخروج منشآت خاصة من العملية الإنتاجية”.
وأشار حسن إلى أن قطاع تربية الدواجن يتعرّض إلى الخسارة بسبب ارتفاع تكلفة تربية الدواجن وانخفاض سعر مبيع الفرّوج وبيض المائدة، مبيناً أن تكلفة إنتاج 1 كيلوغرام من الفروج كحد أدنى يتراوح بين 550-600 ليرة لكنه يباع بسعر أقل من ذلك.
وأردف: “في ظل هذه الظروف، يستطيع المربي القوي فقط الصمود في السوق من خلال تحمل الخسارة والتربية مرة أخرى، في حين لا يتحمل صغار المربين الخسارة فيتوقفون عن الإنتاج ويخرجون من المنافسة أمام كبار المربين الذي يعاودون طرح إنتاجهم في السوق ويجنوا الأرباح بسبب قلة العرض وزيادة الطلب”.
وبيّن حسن أن عدد الدواجن المرخصة 30 منشأة فقط، فيما يبلغ العدد الحقيقي للمنشآت الغير مرخصة أضعاف هذا الرقم، لافتاً إلى أن معظم مالكي هذه المنشآت من صغار المربين الذين يملكون أعداداً قليلة من الفروج وينتشرون في القرى.
وشدد حسن على مسؤولية دائرة الإنتاج الحيواني في مدير الزراعة في متابعة عمل منشآت الدواجن ومعرفة ماذا يوجد داخلها، مشيراً إلى حالات يحصل فيها المربي على رخصة إنتاج بيض المائدة إلا انه يقوم بالإضافة لذلك بتربية الفروج.
الحل بالمفاقس
مشكلة قطاع الدواجن برأي المهندس لؤي كامل رئيس دائرة الإنتاج الحيواني بمديرية زراعة اللاذقية، تكمن في عدم وجود مفاقس في المنطقة الساحلية، إذ يضطر المربون إلى جلب الصيصان من حمص وتحمّل ارتفاع تكلفة نقلهم إلى اللاذقية، ناهيك عن نفوق عدد كبير من الصيصان أثناء عملية النقل، ناهيك عن ارتفاع أسعار مستلزمات الرعاية البيطرية من لقاحات وأدوية.
وعن سبب عدم وجود مفاقس في اللاذقية أو في طرطوس، قال كامل لـ “أثر برس”: “السبب صعوبة الشروط الناظمة لترخيص المفاقس، والتي تشترط أن يبعد المفقس مسافة 500 متر عن حدود المخطط التنظيمي، و500 متر عن التوسع العمراني، و500 متر عن أي مؤسسة دواجن ثانية، ما جعل العديد من المستثمرين يعرضون عن إقامة مثل هذا المشروع”.
وأكد كامل أنهم في دائرة الإنتاج الحيواني أرسلوا مذكرة إلى وزارة الزراعة اقترحوا فيها إنقاص حدود الحماية من 500 متر إلى 200 متر، وذلك بسبب وجود عدة طلبات للحصول على مفاقس في الساحل السوري، موضحاً أن الطلبات متوقفة على شروط حدود الحماية.
وعدا عن مشكلة الصيصان، بيّن كامل أن الأزمة التي يتعرض لها قطاع تربية الدواجن، سببها أيضاً ارتفاع أسعار الأعلاف وارتباطها بسعر الصرف باعتبارها مستوردة، وقلّة كمية المقنن العلفي الذي تعطيه مؤسسة الأعلاف لمربي الدواجن.
ونفى كامل أن يكون عدد المنشات غير المرخصة أكثر من المنشآت المرخصة، مؤكداً أن عدد المنشآت المرخصة 125 فيما يبلغ عدد المنشآت غير المرخصة 100 منشأة.
وفيما تغرد المنشآت الغير مرخصة خارج سرب الرقابة، شدد كامل على أن دائرة الإنتاج الحيواني تتابع باستمرار عمل المنشآت المرخصة، مضيفاً: يوجد لدينا معلومات كاملة عن هذه المنشآت، إذ يوجد فيها مشرف فني يقدم تقارير دورية عن طاقتها الإنتاجية، كما يقدم معلومات عن أي تغيير فيها من حيث تربية الفروج أو إنتاج بيض المائدة.
العلف مرتبط بسعر الصرف
بدوره أكد معن ديب مدير مؤسسة أعلاف اللاذقية لـ”أثر برس” أن قطاع الدواجن يشهد انخفاضاً في الأسعار مقابل ارتفاع تكاليف الإنتاج وخاصة المواد العلفية الجاهزة التي يشتريها مربو الدواجن حصراً من القطاع الخاص الذي يبيع العلف مخلوطاً جاهزاً، عازياً السبب في ذلك إلى أن مؤسسة الأعلاف في اللاذقية لديها المواد الأولية إلا أنه لا يوجد لديها الآلات لخلط المواد للحصول على المادة العلفية الجاهزة ككبسول جاهز أبقار على سبيل المثال.
وأوضح ديب أن مربي الدواجن يشترون المادة العلفية من معمل خاص في طرطوس ينتج علف فروج مرحلة أولى وعلف فروج مرحلة ثانية، مشيراً إلى أن الأعلاف والأدوية البيطرية بما فيها اللقاحات مستوردة وأسعارها مرتبطة بسعر الصرف ولذلك يشهد قطاع الدواجن ارتفاعا في تكاليف مستلزمات الإنتاج.
واستدرك ديب بالقول: “هناك مربون غير مهتمين بالمواد الأولية وإنما يبحثون على المادة العلفية فيأتون إلى المؤسسة ويشترون مادة النخالة”، وأردف موضحاً: “على مدار عامين لم يشترِ مربو الدواجن سوى 10 أطنان من النخالة , وهذا رقم ضئيل جداً”.
وكشف ديب أنه ضمن خطة مؤسسة الأعلاف سيتم توسيع خطوط الإنتاج ضمن المعامل التابعة للمؤسسة وإدخال خطوط جديدة لإنتاج علف الفروج، وخاصة في المعامل التي يعاد ترميمها بعد أن دمرها الإرهاب.
وعلى وقع الخسارات المتتالية، يواصل قطاع الدواجن نزيفه اليومي فيما يتقاذف المعنيون في هذا المجال كرة المسؤولية ليسددوا جميعاً الكرة باتجاه ملعب العلف المستورد المرتبط بسعر الصرف والمسؤول الوحيد عن معاناة مربي الدواجن الذين يودع الكثير منهم سوق الفروج, ولسان حالهم يقول: “ليس في الإمكان أكثر مما كان”.
باسل يوسف- اللاذقية