خاص|| أثر برس
لم يكتمل التوافق حول التسوية السياسية في سوريا منذ العام 2012، بدءاً من جنيف إلى فيينا وصولاً إلى أستانا، وذلك بسبب رغبة بعض الأطراف باستمرار الحرب وعدم الاستقرار فيها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
انعكست المفاوضات بين الدول المؤثرة في الشأن السوري إقليميّاً ودوليّاً تبعاً للمجريات والأحداث الميدانية، ونقطة التحول كانت في مشاركة القوات الجوية الروسية للقوات السورية في حربها ضد الإرهاب بطلب من الدولة السورية في أيلول 2015، ولم تكن الدبلوماسية الروسية الدولية أقل تأثيراً من القوة العسكرية واللوجستية التي قدمتها روسيا لتمكن القوات السورية من استعادة المناطق التي سيطرت عليها الفصائل المسلّحة.
أفشلت روسيا مذكرة جيفري فيلتمان عام 2015، والذي ترأس مكتب مديرية الشؤون السياسية في الأمم المتحدة، وأراد عبر مذكرته التي تألفت من 50 صفحة أن يُخضع الدولة السورية لشروط الاستسلام والهزيمة، وفقاً لما خططت له الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها عبر الأخضر الإبراهيمي، وستيفان دي ميستورا فيما بعد.
قررت روسيا إشراك إيران وتركيا في مؤتمر سوتشي الذي انعقد في 30 كانون الثاني الفائت، ولم يستطع دي ميستورا التهرّب من مخرجات المؤتمر الذي جمع كلّ السورييّن، الذين أكدوا على أن مصير سوريا يقرره السوريّون، رغم مقاطعة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا للمؤتمر، إضافة لمقاطعة الهيئة العليا للمفاوضات الموالية للسعودية، والأكراد الانفصالييّن.
كما أن دي ميستورا اضطر للاعتراف باختصاص اللجنة التأسيسيّة للدستور التي أنشأها مؤتمر سوتشي.
أرادت روسيا من خلال نجاحها في عقد القمة الرباعية في اسطنبول 27 تشرين الأول الجاري، والتي جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، بالإضافة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من إنهاء ملف التفاوض حول مصير الرئاسة السورية وسحب تداوله، ولعلها المرة الأولى التي يقول فيها الرئيس التركي أردوغان في ختام القمة بأن الرئاسة شأن يخصّ السورييّن، فيما تتجه أنظار أردوغان حتماً للاشتراك في الثلث الأخير من اللجنة الدستورية، بحكم سيطرته على ماتبقّى من الفصائل المسلّحة في الشمال السوري، ولأن الدولة السورية تعتبر الدستور شأن سيادي، وهذا الأمر تم تأكيده أيضاً بعد لقاء دي ميستورا الأخير في دمشق.
يحاول دي ميستورا جاهداً كسب ماعجز عنه طوال فترة تسلّمه لمنصب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، وهو يدرك جيداً صلابة السوريين وتمسّك الدولة السورية بسيادتها، ولكنّه أمام الضغوط الأمريكية قبل وداعه الأخير في نهاية تشرين الثاني القادم _ واستلام مرشحه الذي يبدو أنه تم التوافق على تعيينه مع دمشق _ يريد أن يفعل المعجزة.
يبدو أن مسألة التسوية السياسية في سوريا والقضية السورية بشكل عام سوف تكون الحدث الأبرز في لقاء القمة الذي سيجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 11 تشرين الثاني القادم في باريس، على هامش الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، والتي تم التوافق عليها بعد زيارة مستشار الأمن القومي جون بولتون إلى موسكو الأسبوع الماضي.
كما أنه بعد نتائج الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي في 6 تشرين الثاني المقبل ستبدأ السياسة الأمريكية بالتبلور أكثر تجاه جميع الملفات الدولية.
علي أصفهاني