خاص|| أثر برس بالتزامن مع تصاعد التوتر بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في أوكرانيا نشر المحلل السياسي ألكسندر نازاروف، مقالاً تحليلياً أكد فيه أن روسيا تحاول وضع الولايات المتحدة بين خيارين إما إنفاق موارد ضخمة على حربها المباشرة مع روسيا، ما سيجعل خسارة واشنطن لبكين أمراً لا مفر منه، أو الاستسلام لروسيا في أوروبا، وليس هناك مكان أفضل من سوريا لهذا السيناريو، وفقاً لما نقلته قناة “روسيا اليوم”.
التصعيد وصل بين الولايات المتحدة وروسيا في أوكرانيا إلى أوجِه خلال اليومين الفائتين، حيث أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، خلال مؤتمر صحفي أمس الجمعة في البنتاغون أن بوتين بات قادراً على شن هجوم ضد أوكرانيا، لافتاً إلى التحركات العسكرية الروسية الأخيرة التي شهدها البحر المتوسط انطلاقاً من القواعد الروسية في سوريا حيث قال: “إن موسكو تنشر منذ أشهر قوات على طول الحدود الأوكرانية بوتيرة ثابتة، مدعومة بنشاط بحري روسي في شمال المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، ورغم ذلك لا نعتقد أن الرئيس بوتين اتخذ قراراً نهائياً باستخدام هذه القوات ضد أوكرانيا، لكن من الواضح أن لديه هذه القدرة الآن”.
وبالتزامن مع الإعلان عن أن بوتين بات قادراً على شن حرب في أوكرانيا، أعلن بدوره الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس الجمعة أنه سيرسل قوات إلى أوروبا الشرقية قريباً، وقال: “سأرسل قوات إلى أوروبا الشرقية ودول حلف شمال الأطلسي في المدى القريب لكن العدد ليس كبيراً”، وكانت الولايات المتحدة قد وضعت 8500 جندي في حالة تأهب، مشدداً في الوقت ذاته إلى أنه لن يرسل قوات أمريكية إلى أوكرانيا، وفقاً لما نقلته قناة “الحرة” الأمريكية.
ما علاقة سوريا في هذه الحرب؟
وجود ترابط بين ملفي أوكرانيا وسوريا ليس أمراً جديداً، فهو يعود إلى عام 2014 منذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم إليها، في حين بدأ هذا الترابط واضحاً أكثر خلال الأسابيع الأخيرة الفائتة التي شهدنا فيها تحركات عسكرية روسية لافتة في سوريا لها خلفياتها ومؤشراتها بحسب تحليلات المراقبين في الصحف العربية والعبرية والعالمية، حيث أكد معظم المحللين احتمال أن ما يجري مرتبط بالتوترات في أوكرانيا، الأمر الذي أشار إليه أيضاً وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بتصريحه أمس الذي قال فيه: “موسكو تنشر منذ أشهر قوات على طول الحدود الأوكرانية بوتيرة ثابتة، مدعومة بنشاط بحري روسي في شمال المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط”.
وكذلك التحليلات التي انتشرت مؤخراً في الإعلام العربي والعبري والأجنبي، أكدت معظمها أنه ثمة تحركات عسكرية روسية في سوريا بشكل خاص وعلى سواحل المتوسط بشكل عام مرتبطة بالتوترات في أوكرانيا، لا سيما إعلان الدفاع الروسية أنها وجّهت جميع السفن الجاهزة للقتال والغواصات والقوارب وسفن الدعم في وقت واحد وفقاً لخطة موحدة إلى ساحات التدريب القتالية في البحر الأبيض المتوسط (مينائي طرطوس واللاذقية)، وبحر الشمال، وبحر أوخوتسك، وإلى الأجزاء الشمالية الشرقية من المحيطين الأطلسي والهادئ، وتعقيباً على هذا القرار نشرت صحيفة “سفوبوديانا بريسا” الروسية مقالاً بعنوان “إعصار صاروخي من سوريا سيغطي بيلاروس” أفادت بأنه بالتزامن مع توجيه السفن ستبدأ المرحلة النشطة من التدريبات الروسية البيلاروسية الكبيرة المشتركة على أراضي بيلاروس، بالقرب من الحدود مع بولندا وأوكرانيا، وهي مناورات ذات أوسع نطاق مكاني يمكن تصوره، بحسب تعبير الصحيفة الروسية.
وبعد هذا الإجراء تم الإعلان عن تسيير دوريات روسية – سورية جوية أولى من نوعها على طول الحدود السورية، حيث أشارت حينها صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى أن هذه الدوريات مرتبطة من جهة بالتطلّع إلى مساحة نفوذ في ميناء اللاذقية، وبالتجاذب مع الولايات المتحدة والغرب على خلفية أزمة أوكرانيا من جهة أخرى، وكذلك صحيفة “يديعوت أحرنوت” أشارت إلى أن مع تزايد قلق واشنطن بشأن تحرّك عسكري روسي في المستقبل القريب في أوكرانيا، قد ترغب روسيا إرسال إشارة إلى الأمريكيين بشأن ساحة أخرى نشِطة في الشرق الأوسط.
يبدو أن روسيا تحاول على أقل تقدير استعراض قوتها العسكرية من خلال تواجدها في سوريا لإيصال رسائلها إلى الولايات المتحدة، حيث سُبق أن أفاد موقع “المونيتور” الأمريكي في مقال له بأن الكرملين يأمل أن تكون سوريا شوكة روسيا المستقبلية في خاصرة الناتو الجنوبية، مستعرضاً الأسلحة التي نقلتها روسيا إلى قاعدة حميميم الروسية في سوريا، حيث جاء في المقال: “الكرملين يحاول إثبات أن تجميع القوات الروسية في سوريا هو أكثر من مجرد قوة لعرض العلم الروسي في البحر الأبيض المتوسط”، مشيراً إلى أن السلطات الروسية لا تزال غير قادرة على نشر الآلاف من القوات في سوريا في وقت قصير، ولا تمتلك روسيا عدداً كافياً من السفن الحربية التي تعمل في المحيط، ولديها أسطول متواضع من طائرات النقل العسكرية، مما يؤثر على القدرة على شن حملة عسكرية سريعة وجادّة في مسرح بعيد.
في المحصلة، يلفت مسؤولون ومحللون إلى أن احتمال حدوث الحرب في أوكرانيا أقل من احتمال عدم حدوثها، خصوصاً أنها ستكون مدمرة لكافة الجهات “روسيا وأوكرانيا وأوروبا وأمريكا ودول من الشرق الأوسط” لكن يبدو أن روسيا بتحركاتها العسكرية في سواحل المتوسط وغيرها ونشر قواتها على طول الحدود مع أوكرانيا وتهديداتها، قد تتمكن من ردع واشنطن عن فرض عقوباتها على موسكو، التي تم وصفها بـ “غير المسبوقة”، حيث أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية بأن حزمة العقوبات التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على روسيا، ستستهدف البنوك الروسية والشركات الحكومية وواردت أساسية للبلاد، حيث أشار التقرير إلى أن الإدارة الأمريكية لا تزال تضع “اللمسات الأخيرة” على حزمة العقوبات التي قد تُفرض على روسيا، ويؤكد مسؤولون في إدارة بايدن أن الإجراءات التي يتم بحثها لم يسبق لها مثيل في العقود الأخيرة ضد روسيا.
زهراء سرحان