يستمر التصعيد في محافظة دير الزور، وسط عمليات كر وفر بين قوات العشائر العربية و”قوات سوريا الديمقراطية- قسد”، وذلك بالرغم من محاولات واشنطن لحل الملف من خلال التفاوض مع العشائر العربية.
وترافقت الأحداث في دير الزور مع حالة من التصعيد الميداني في مدينة منبج بريف حلب الشمالي، وكذلك في الحسكة، حيث تم استهداف عدد من النقاط التي تسيطر عليها “قسد” في تلك المناطق، إما عبر المسيرات التركية أو عبر الهجمات التي تنفذها فصائل أنقرة.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “كومير سانت” الروسية عن خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي كيريل سيمونوف، تعليقه على ما يجري، حيث قال: “الوضع متناقض إلى حد ما، فالأحداث تتطور في منبج ودير الزور بالتوازي، لكن المستفيدين هناك قد يكونون مختلفين، ولا يزال النفوذ التركي قوياً في منبج، ومن المحتمل أن تعود دير الزور إلى سيطرة الحكومة السورية” مضيفاً أنه “مع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف ستنتهي الأمور، هناك قوى كثيرة لها نفوذها في المنطقة، ولا يزال من غير المعروف من الذي ستنتصر مصالحه”.
وكذلك اهتمت اهتمت التحليلات الخليجية ما يجري في منطقة الجزيرة السورية على اعتبار أن تلك المنطقة تقطنها عشائر عربية لها امتدادات إلى منطقة الخليج، وسبق أن وصلت وفود سعودية رسمية إلى تلك المنطقة، وفي الصدد يذكّر رامي الخليفة العلي، في مقال نشرته صحيفة “عكاظ” السعودية، بما جرى عام 2017 عندما كانت “قسد” تنوي دخول محافظتي دير الزور والرقة، وكان هناك خشية أن يحدث صدام عربي ـ كردي، في ذلك الحين تدخلت السعودية وزار الوزير ثامر السبهان المنطقة والتقى بالشخصيات العشائرية وكذلك بقيادات “قسد”، مشيراً إلى أن “قسد تعهدت حينها بالحفاظ على الهوية والوجود العربي وضمان سلامة السكان المحليين، ولكن مع مرور السنوات بدأت قسد والإدارة الذاتية التابعة لها بفرض رؤيتها وأيديولوجيتها على السكان فعمدت إلى تغيير المناهج الدراسية، كما أعطت المناصب للفاسدين ممن تعاطوا معها، وعلى رأس هؤلاء أحمد الخبيل نفسه، وبالرغم من الاعتراضات التي وجهت لها وسيقت إلى قوات التحالف الموجودة في حقل العمر النفطي إلا أن قسد لم تعبأ بها واستمرت في سياستها المستفزة”.
وأشار إلى أنه بخصوص ما يجري في دير الزور هذه الأيام “من الصعب تخيل أن تنتصر قوات العشائر بسبب ميزان القوى الذي يميل بقوة لصالح قوات (قسد)، ولكن هذه العشائر هي الحاضنة الاجتماعية الوحيدة في منطقة الفرات الأعلى، وبالتالي سوف تعمل قوات (قسد) في بيئة معادية، وهذا سوف يضع نقطة النهاية لمشروعها القومي على الأقل في هذه المنطقة. مواجهات العشائر حرّكت المياه الراكدة وجعلت التفاهم الإقليمي والدولي الذي حكم المنطقة على امتداد السنوات الماضية يصل إلى منعطف حاسم، مما يجعل الأيام القادمة حبلى بالكثير من التطورات والتداعيات”.
فيما اعتبر تحليل نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” أن ” الاشتباكات التي تدور منذ أسبوع بين الميليشيات المتنافسة المدعومة من الولايات المتحدة في شرق سوريا، حيث ينتشر المئات من القوات الأمريكية، تشير إلى وجود تصدعات خطيرة في التحالف الذي يسيطر على تحركات تنظيم داعش المهزوم منذ سنوات، كما يشير العنف إلى تصاعد التوتر بين الأكراد الذين يهيمنون على المنطقة والسكان ذوي الأغلبية العربية، ما يفتح الباب أمام سوريا وحلفائها روسيا وإيران الذي يسعون إلى طرد القوات الأمريكية، إلى استعادة تلك المنطقة الغنية بالنفط”.
وأضافت الصحيفة أن “الشرق السوري كان بعيداً إلى حد كبير عن رادار العالم، لا سيما في الولايات المتحدة، لكن واشنطن نشرت نحو 900 جندي هناك، إلى جانب عدد غير معروف من المتعاقدين منذ هزيمة داعش في 2019، ويعمل هؤلاء الجنود، الذين وصلوا قبل 8 سنوات، جنباً إلى جنب مع قوات سوريا الديمقراطية، المظلة التي تضم ميليشيات يهيمن عليها المقاتلون الأكراد”.
وما تزال المعارك في منطقة دير الزور محتمدة، بعد فشل محاولات التهدئة للحد منها، حيث تطرح التحليلات عدد من السيناريوهات لمآل هذه الأحداث، وسط عدم وضوح الموقف الأمريكي مما يجري.