بعد مرور ثلاثة أيام على التصعيد شمال غربي سوريا بدأت التساؤلات تدور حول الجهة المسؤولة والداعمة للمجموعات المسلحة التي شنت هجومها، صباح اليوم الذي أعلن فيه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وقف إطلاق النار في لبنان.
وإلى جانب الاتهامات التي وجهها محللون ومسؤولون إلى الولايات المتحدة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي، لم تبتعد أصابع الاتهام عن الجانب التركي الذي يوجد في تلك المناطق ميدانياً واستخباراتياً.
وفي هذا الصدد، أكد وزير الخارجية التركي حقان فيدان، أن بلاده غير مسؤولة عن التصعيد بريف حلب، إذ قال: “إن تركيا غير منخرطة في الصراعات الدائرة في حلب، لكنها تتخذ احتياطياتها لمنع موجة نزوح محتملة”.
وتعليقاً على الهجوم، الذي تشنه “هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)” وفصائل مسلحة أخرى، أكد فيدان أن “شريان حياة الجماعات الإرهابية في المنطقة في يدي الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يمكن أن يستمروا حتى ثلاثة أيام من دون دعم الولايات المتحدة”.
من جانبه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أونجو كتشالي، في بيان أصدره مساء أمس الجمعة: “الحفاظ على السلام في إدلب المحاذية للحدود التركية، والمنطقة المجاورة لها، يعد قضية ذات أولوية لتركيا”، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.
من جانبه علّق القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، على التطورات الميدانية الأخيرة، إذ قال اليوم السبت خلال رسالة تعزية باستشهاد المستشار العميد كيومرث بورهاشمي، والذي استشهد قبل أيام خلال معارك ريف حلب الغربي: “إنّه في أعقاب الهزيمة الاستراتيجية التي تلقاها الكيان الإسرائيلي في قطاع غزّة ولبنان وعدم تمكّنه من تحقيق أهدافه، أطلقت الجماعات الإرهابية هجماتٍ جديدة ضد الشعب السوري”، وفق ما نقلته وكالة “تسنيم” الإيرانية.
من جانبه، قال مستشار القائد العام لحرس الثورة الإسلامية في إيران، العميد حسين دقيقي: “إنّ العدو الإسرائيلي حاول التقدم في سوريا، لكن أياديه ستُقطع بقوة”.
كما شدد رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، في منشور على منصة “X” على أن “عودة الجماعات الإرهابية التكفيرية وتحركاتها الأخيرة إلى سوريا هي مخطط أمريكي إسرائيلي”، مؤكداً أن “إيران والمقاومة ستبقيان إلى جانب سوريا أمام هذه المؤامرة الجديدة”.
ونوّه بضرورة أن “تأخد دول جوار سوريا الحيطة والحذر كي لا تقع في فخ المخطط الأمريكي- الإسرائيلي”.
بدوره، أعلن نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا أوليغ إغناسيوك، أن القوات الجوية الروسية بالتعاون مع الجيش السوري تواصل عملية صد الهجمات في محافظتي حلب وإدلب.
وقال إغناسيوك في بيان أصدره أمس الجمعة: “سجل مركز المصالحة بين الأطراف المتحاربة تدهوراً مستمراً في الوضع في سوريا بسبب انتقال الجماعات الإرهابية جبهة النصرة وغيرها من الجماعات المسلحة المعارضة المتطرفة إلى هجوم مشترك على مواقع قوات الحكومة السورية في محافظتي حلب وإدلب”.
وأضاف البيان الروسي أن القوات الروسية “تشن هجمات صاروخية على المعدات والقوى البشرية ومراكز السيطرة والمستودعات ومواقع المدفعية التابعة للمسلحين، وخلال الـ 24 ساعة الماضية قُتل المئات من الإرهابيين وما زالت عملية صد العدوان مستمرة”.
وفي سياق متصل، بحث وزير الخارجية بسام الصباغ، التطورات الأخيرة مع عدد من نظرائه، وكان آخرهم نظيره المصري بدر عبد العاطي، إذ تلقى الصباغ صباح اليوم السبت اتصالاً هاتفياً من عبد العاطي أعرب فيه الأخير عن “قلقه إزاء منحى التطورات الأخيرة في شمال سوريا خاصةً في محافظتي حلب وإدلب”.
وشدد عبد العاطي، على موقف بلاده الداعم للدولة السورية ومؤسساتها الوطنية وأهمية دورها في تحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب وبسط سيادة الدولة واستقرارها واستقلال ووحدة أراضيها.
الدفاع السورية توصّف المشهد ميدانياً:
أصدرت الدفاع السورية بيانات عدة حول التصعيد الحاصل، وشددت في آخرها الذي صدر اليوم السبت، أن “الأعداد الكبيرة للإرهابيين وتعدد جبهات الاشتباك دفعت بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع بغية امتصاص الهجوم، والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود، والتحضير لهجوم مضاد”.
وأضاف البيان أنه “مع استمرار تدفق الإرهابيين عبر الحدود الشمالية وتكثيف الدعم العسكري والتقني لهم، تمكنت التنظيمات الإرهابية خلال الساعات الماضية من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب دون أن تتمكن من تثبيت نقاط تمركز لها بفعل استمرار توجيه قواتنا المسلحة لضربات مركزة وقوية، وذلك ريثما يتم استكمال وصول التعزيزات العسكرية وتوزيعها على محاور القتال استعداداً للقيام بهجوم مضاد”.
وشدد البيان على أن “هذا الإجراء الذي اتخذته هو إجراء مؤقت وستعمل بكل الوسائل الممكنة على ضمان أمن وسلامة أهلنا في مدينة حلب، وستواصل عملياتها والقيام بواجبها الوطني في التصدي للتنظيمات الإرهابية لطردها واستعادة سيطرة الدولة ومؤسساتها على كامل المدينة وريفها”.
وكانت قد أكدت الدفاع في بيان سابق أن المهاجمين يعتمدون على “مجموعات كبيرة من المسلحين الإرهابيين الأجانب”، ويستخدمون مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إضافة إلى الطيران المسير.