تضيء التحليلات الغربية والأمريكية في الآونة الأخيرة على شكل التحالفات الجديد التي يشهده الشرق الأوسط، والتطورات التي طرأت على نفوذ القوى العظمى في المنطقة، وكان أبرز هذه التطورات هو ظهور تحالفات جديدة أبرزها التقارب السعودي- الإيراني، والتطورات التي شهدتها سوريا والانفتاح الخليجي على دمشق.
في هذا الصدد، نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية مقالاً تحليلاً أكدت خلاله أن “سوريا عادت إلى أسرة الدولة العربية كعامل يجب التعامل معه في إعادة التموضع الجيوسياسي المعقد الحالي في الشرق الأوسط” مشيرة إلى أنه بالرغم من احتجاج المعارضة السورية، لكن “الانسحاب التدريجي الواضح لأمريكا من مواقفها السياسية والأمنية السابقة سلط الضوء على إنشاء ترتيبات جيوسياسية جديدة في المنطقة” موضحة أنه “لا يوجد فراغ أبدًا في السياسة الدولية، فإيران وروسيا اللتين تضافرتا ملأتا الفراغ، وأدركت الدول العربية التي قدمت بعض المساعدات للمعارضين من قبل أن الوضع قد تغير”، ونقلت الصحيفة العبرية عن معلق سعودي قوله: “لقد تم ثقب قيمة المظلة الأمنية الأمريكية”.
وحول تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية مقالاً تحليلاً أكدت خلاله أن “الدولة الغنية بالنفط (الخليجية) سعت إلى تقديم نفسها كلاعب عالمي غير مرتبط بواشنطن، في الأشهر الأخيرة ، كانت الرياض في حالة تمزق دبلوماسي حيث أنهت الأعمال العدائية في اليمن، واستعادت العلاقات مع عدوها اللدود إيران، ودعت الرئيس بشار الأسد للعودة إلى جامعة الدول العربية، وأنهت التوترات الإقليمية مع قطر” ونقلت عن خبير الشرق الأوسط في معهد “بروكينغز” للدراسات بروس ريدل، قوله: “تعود الرياض إلى سياسة خارجية أكثر تقليدية تتجنب الصراع وتفضل التكيف مع المنافسين”.
فيما تناول المؤسس والرئيس التنفيذي لـ”المعهد العالمي من أجل الغد” تشاندران نير، الواقع الجديد الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، بصورة أكثر شمولية، حيث نشر مقالاً في صحيفة “ناشيونال إنترست” أكد خلاله أن “العالم سيشهد قريباً نظاماً دولياً متعدد الأقطاب، ومع تعامل العالم مع تداعيات هذا التحول في النظام، تتشكل أسس لحساب كبير، وهذا الحساب سيمثل تحدياً للمعتقدات والهياكل السائدة منذ وقت طويل والتي حافظت على الهيمنة الغربية على العالم طوال مئات السنين الماضية، مما يكشف طابع استحقاق الغرب المتصور لقيادة النظام العالمي، وسوف تكون النتيجة النهائية هي إعادة مهمة لتقييم العلاقات الدولية كما نعرفها” وخلُص نير في مقاله إلى أن “يتعين على الحكومات الغربية، التي تعمل في غرفة صدى من الأفكار، التواصل مع أصدقائها في أنحاء العالم وإدراك ما هو واضح للجميع ما عدا لها هي فقط، وهو أن العالم لا يشبه ما كان عليه في عهد ما بعد الحرب الباردة. لقد انتهت السبل القديمة ، وببساطة لا يمتلك الغرب القوة السياسية والمالية ، ناهيك عن الشرعية الدولية التي كان يتمتع بها في الماضي، كما ينبغي على الدول الغربية التكيف مع هذه الظروف الدولية المتغيرة بدلاً من الإصرار بعناد على مواصلة ما كانت عليه، وعدم تحقيق ذلك سيجعل العالم مكاناً أكثر خطورة وسيزيد من تقويض مصداقية الغرب ونفوذه”.
يشار إلى أن عدد من دول الخليج التي كانت من أقرب حلفاء واشنطن في منطقة الشرق الأوسط، أقدمت مؤخراً على عدد من الإجراءات التي تتعارض مع حالة تقاربها من واشنطن، وأبرزها الانفتاح الاقتصادي والعسكري على الصين والتقارب العربي مع سوريا وإيران وروسيا وتخفيض معدلات إنتاج النفط ورفع سعره، وفي هذا الصدد أكد ديفيد إغناطيوس، في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أن هذا القرار “كان رسالة بسيطة إلى أمريكا مفادها أن الولايات المتحدة لم تعد تتخذ القرارات في منطقة الخليج أو سوق النفط”.