انطلقت أمس الاثنين أعمال اجتماع اللجنة المصغرة للجنة الدستورية السورية، عقب لقاءات عقدها المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، مع الوفود المشاركة.
وأفاد بيدرسن بأنه “بعد أن التقت الأطراف المشاركة في رئاسة اللجنة معاً لأول مرة قبل المحادثات التي تستمر أسبوعاً، تم التوصل إلى اتفاق حول الاستعداد للبدء في صياغة مسودة الإصلاحات الدستورية” مضيفا أن “المحادثات ستناقش في جولتها السادسة «مبادئ واضحة” وذلك خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الاثنين في جنيف.
وأضاف بيدرسن أن عمليات التفاوض مع الحكومة السورية ووفد المعارضة، مستمرة منذ 9 أشهر، حيث سبق هذه الجولة العديد من اللقاءات التي أجراها بيدرسن مع مختلف الجهات، وكان آخرها مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، في القاهرة، وذلك بعدما أكد قبل أسابيع أنه تم الاتفاق على البنود الأساسية مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد.
ويشير العديد من المراقبون إلى أن هذه الجولة قد تختلف عن سابقاتها كونها تأتي في ظروف سياسية متغيرة تطرأ على سوريا، حيث أشار المستشار رامي الشاعر، المقرب من وزارة الخارجية الروسية، إلى أهمية التحركات التي أجراها بيدرسن تمهيداً للجولة: “إن لقاءات المبعوث الدولي التي شملت اتصالات مع الحكومة المصرية وجامعة الدول العربية، فضلاً عن الأطراف المنخرطة بشكل مباشر في الأزمة السورية، مهدت بشكل جيد لهذه الجولة”، لكنه لفت في المقابل إلى مخاوف من محاولات لتبديد الأجواء الإيجابية، ومحاولة صرف الأنظار عنها، مشيراً في هذا الشأن إلى إعلان السفارة الإسرائيلية لدى موسكو عن اتفاق لعقد اجتماع لرؤساء مجالس الأمن في روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة، وفقاً لما نقلته صحيفة “الشرق الأوسط”.
وبما أن هذه أول جوة محادثات تجري بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في سوريا، لفت الشاعر إلى أن “السلطة الحالية في دمشق هي القوة الحقيقية المنظمة على الأرض التي تتمتع بتأييد ما لا يقل عن 5 ملايين سوري”، محذراً من دعوات بعض الأطراف إلى مواصلة التصعيد، مؤكداً أنه “مع انطلاق أعمال اللجنة الدستورية، فإن الكرة في يد السوريين وحدهم، حكومة ومعارضة ومجتمعاً مدنياً، لهذا يتعين على المجتمعين أن يدركوا حجم المسؤولية الخطيرة التي يحملونها في مرحلة حاسمة، وأن يضعوا تكامل الأراضي السورية، وسيادة الدولة السورية على كامل التراب السوري، نصب أعينهم، وأن يأخذوا بعين الاعتبار أن مؤسسات الدولة حاضرة موجودة، والمطلوب هو إيجاد صيغ كي يتشارك بها الجميع، وفقاً لما جاء في القرار (2254)، حتى يتم فك الحصار الاقتصادي على البلاد، وإسقاط العقوبات الجائرة، لتبدأ الدولة السورية في مرحلة يساهم فيها الجميع قدر استطاعته في تعافي الوضع الاقتصادي”.
كما نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن المحلل السياسي السوري أسامة دنورة، قوله: ” يبدو المشهد اليوم وكأن بيدرسن يسعى لترجمة الأجواء الجيوبوليتيكية والاستراتيجية الجديدة التي تحيط بالوضع السوري إلى مفردات سياسية عملية تدفع عمل اللجنة الدستورية إلى الأمام، وفي هذا الإطار يبدو الأمريكي اليوم كمن يبحث عن أي تطور على ساحة الحل السياسي بحيث يتمكن من اعتماده كعنوان يتيح له سحب السياسات القديمة التي تعود للعقد السابق بما فيها سياسات العزل الدبلوماسي والعقوبات الاقتصادية أحادية الجانب، وطرح سياسات جديدة تلائم الواقع، وتقرأ جيداً دروس الفشل في إسقاط دمشق”، مشيراً إلى أنه في الوقت ذاته تبقى النتائج غير مضمونة، حيث قال: “النتائج لا تزال غير مضمونة إن كان على المستوى الاستراتيجي الدولي – الإقليمي، وإن كان على المستوى الإجرائي، فمنح الضوء الأخضر إلى وفد المعارضة للمضي في نقاش جدي حول الدستور لا يعني بالضرورة أن هذه العملية التفاوضية لن تبقى ساحة للتوظيف السياسي وممارسة الضغوط من قبل الدول المحركة لوفد المعارضة”.
يشار إلى أن الولايات المتحدة سبق أن أعربت عن ترحيبها بانطلاق جولة جديدة من اللجنة الدستورية في جنيف، وفي هذا الصدد يؤكد محللون أمريكيون إلى ضرورة مراجعة الإدارة الأمريكية لسياستها في سوريا، حيث نشرت صحيفة “ناشيونال إنترست” الأمريكية مقالاً أمس الاثنين، قالت فيه: ” على الرغم من إنفاق مليارات الدولارات، فشلت واشنطن بعناد في رؤية عقم جهود بناء الدولة في سوريا.. وبدلاً من الاستمرار في محاولة عقيمة، سيكون من الأفضل للولايات المتحدة أن تقطع خسائرها”.