خاص || أثر برس تعتبر حلوى الجزرية من الحلويات التراثية في اللاذقية، التي تحاكي موروث سنوات طويلة كان الأبناء فيها يتوارثون صناعتها عن الآباء والأجداد، لتبقى الجزريـة وجهة زوار اللاذقية، وأساس التواصي للقادم منها إلى المحافظات الأخرى.
على الرغم من الإقبال على شراء الجزرية في جميع أوقات السنة، إلا أنها تشهد إقبالاً كبيراً خلال رمضان، بوصفها الحلويات الأشهر والأشهى التي تغزو أحياء المحافظة وتتربّع على قائمة الحلويات التي تتصدّر واجهات المحال، والتي تصنع أيضاً في المنازل باعتبارها موروثاً وهوية حلويات المحافظة.
ويشرح أبو سعيد، صاحب محل لبيع الجزريـة في مدينة اللاذقية لـ”أثر” مكونات الجزرية، التي هي عبارة عن جزر أو قرع، وسكر تضاف إليه القرفة المطحونة، حيث يتم طبخ المزيج على نار هادئة، حتى ينضج ثم تضاف إليه المكسرات كاللوز، الجوز، الكاجو، الفستق الحلبي.
وأشار أبو سعيد إلى أن كيلو الجزريـة يباع بـ 30 ألف ل.س، والقرع 18 ألف ل.س، عازياً ارتفاع سعرها باعتبارها أكلة شعبية إلى ارتفاع مستلزماتها كافة، خاصة السكر والمكسرات التي باتت تقتصر في معظمها على الجوز لارتفاع أسعار بقية أنواع المكسرات.
وبيّن أبو سعيد أن الإقبال مقبول على الشراء، لكنه لا يقارن بالسنوات الماضية التي كان فيها الإقبال أكبر بكثير، لافتاً إلى أن التواصي التي يطلبها بعض الزبائن إلى المحافظات الأخرى هي التي تُحرّك عملية البيع، خاصة أن الجزرية هي حلويات تراثية مشهورة في اللاذقية، مضيفاً: هناك أشخاص يدخلون المحل ويطلبون مني أن أبيعهم قطعة صغيرة أولاً ليتذوقوا طعمها أولاً قبل أن يبادروا إلى شراء كيلو وأكثر بعد أن تنال اعجابهم، وهم ليسوا من أبناء المحافظة وإنما سمعوا عن الجزرية.
ولا يقتصر صنع الجزرية على الورشات التابعة لمحال الحلويات، وإنما تتعداها إلى المنازل التي ورث أهلها إعداد الجزريـة باعتبارها هوية الحلويات اللاذقانية، إذ تقول السيدة السبعينية أم توفيق لـ”أثر”: تعلمت صناعة الجزرية منذ الصغر حيث كنت أراقب أمي وهي تحضرها، وحرصت دائماً على صنعها في المنزل.
وعن طريقة التحضير، شرحت أم توفيق أنها تقوم بسلق الجزر ساعة على النار، ثم تقوم بعصره ووضعه داخل كيس خيش ووضعه داخل مكبس وتثقيله بأي حجر ثقيل لهرسه وتصفية الماء منه، ثم يتم تحديد مقدار السكر بحسب كمية الجزر، لكل كيلو جزر يضاف نصف كيلو سكر، وتضيف: نضع السكر في وعاء على النار مع القليل من الماء حتى تغلي، ثم نضيف الجزر المهروس وتبقى على النار لمدة ساعتين تقريباً ثم نضيف بهار القرفة إليها، وبعدها نطفئ النار ونسكب الخليط في صينية من الألمنيوم حتى تبرد ومن ثم نقوم بتقطيعها وتزيينها بالمكسرات المتوفرة في المنزل.
وتابعت: للأسف الجيل الجديد لا يفضل الجزرية ويفضل أنواع حلويات أخرى عليها، لكنها تبقى تراث اللاذقية وقبلة زوار المحافظة لتذوق طعمها الذي لم أسمع أن أحداً ذاق طعمها ولم يعجب به، وبات يوصي من يأتي إلى اللاذقية أن يشتري له الجزرية، مدللة بأن حفيدتها طالبة جامعية في دمشق، كلما جاءت زيارة إلى اللاذقية تطلب من جدتها أن تصنع لها الجزرية بناء على طلب زميلاتها اللواتي ينتظرن قدوم عبير “حفيدتها” بفارغ الصبر حتى تعود إليهن محملة بالجزرية، وتكمل بثقة كبار السن بما تصنع أيديهم المتقنة بفعل تراكم السنين: أكيد الجزرية الي بعملها أنا ما حدا بيعمل أطيب منها”.
باسل يوسف – اللاذقية