خاص|| أثر برس كالبحث عن إبرة في كومة قش، حال من يبحث عن منزل للإيجار في مركز مدينة الحسكة، على الرغم من وجود آلاف المنازل الفارغة التي تركها أصحابها وهاجروا، لكن ما يجعل الأمر شبه مستحيل أسعار بدلات الإيجار أو الرهن الذي انتشر بكثرة في الآونة الماضية كحلّ بديل للإيجار.
(محمد وبهية) أسماء مستعارة لشخصين مقبلين على الزواج، يقضون ساعات يومهما بين المكاتب العقارية بحثاً عن منزل في مركز المدينة ليكون قريباً من مكان عملهما، وبذات الوقت يكون بدل الإيجار مناسباً لوضعهما المادي، وإلى الآن ما زالوا يبحثون.
يقول الشاب لـ “أثر برس”: “توجد مساكن للإيجار ومساكن أخرى للرهن ولكن المشكلة قيمة بدل الإيجار أو الرهن بالعملة الصعبة”، مبدياً استغرابه من انتشار ظاهرة تحديد بدل الإيجار والرهن بالعملة الصعبة في مناطق سيطرة الدولة السورية ولاسيما أن القوانين تمنع التعامل بغير العملة السورية.
ويشير الشاب إلى أن تحديد موعد زفافه مرهون بالعثور على منزل، وأن الرهن كحلّ بديل للإيجار يلجأ إليه الكثير من أصحاب المنازل، ولكن المشكلة الأكبر أن بدل الرهن بالعملة الأجنبية، وربما تصل الرهنية إلى 50 مليون ليرة سورية، وتجد منازل بين 30 إلى 40 مليون ليرة سورية، ولكن قيمة الرهن بالعملة الأجنبية حصراً.
وأضاف: “إن البديل هو الرهن والمنازل كثيرة ومتوفرة وتتراوح أسعارها كرهينة بين 6000 إلى 10000 دولار، مع تحديد إيجار رمزي يدفع شهرياً، ولكن هذا المبلغ لا يتوفر بالسهولة المطلوبة، وهنا مشكلة كبيرة باتت لتأمين المنزل ضمن مراكز مدينة الحسكة، ومن الممكن أن تجد نفسك مضطراً لدفع بدل إيجار لمنزل متواضع بمبلغ يصل إلى 550 ألف ليرة سورية، وربما يرتفع ليصل إلى 600 ألف ليرة حسب سعر الصرف”.
“فارس” متزوج من سيدة دمشقية، يشرح معاناته في تأمين السكن والمبالغ المادية التي تترتب عليه في دفع بدلات الإيجار، فيقول لـ “أثر برس”: “دمشق مرهقة مادياً، لذلك قررت القدوم إلى محافظتي الحسكة”، مضيفاً: “كانت هناك صعوبة في تأمين مسكن جيد في مركز مدينة الحسكة، لذلك لم يكن أمامي سوى استئجار منزل أصر صاحبه على دفع بدل الإيجار بالعملة الأجنبية، ومع عدم استقرار الصرف بات الأمر مرهقاً مادياً، والآن أبحث عن منزل آخر يتناسب ووضعي المادي، وحتى الآن البحث جارٍ دون جدوى، وهناك منازل كثيرة تعرض كرهن، ولكن الأسعار مرتفعة”.
الشاب أبو عدنان من مدينة القامشلي قال في حديث لـ “أثر برس”: “أخذت منزلاً في مدينة القامشلي بمبلغ يقابله في السوري 25 مليون ليرة سورية، مع فُرض مبلغ كإيجار 100 ألف ليرة شهرياً، علماً أن مبلغ الإيجار الذي يفرض في حالة الرهن رمزي لكن عدداً كبيراً من أصحاب الرهن يطلبون أجوراً شهرية مرتفعة، ومشكلة الإيجار في مدينة القامشلي تكمن في إصرار المؤجر على استيفاء الأجر المفروض بالعملة الصعبة ولا يقبل أخذ ما يقابلها من العملة السورية، وهذه الفوضى أوجدتها ”قسد“ بطبيعة الحال، بالإضافة إلى حالة الفوضى التي تعيشها المنطقة”.
أبو هايل صاحب أحد المكاتب العقارية يشرح لـ “أثر برس” الوضع مبيناً أن العقارات حالياً في حالة ركود خاصة البيع والشراء، أما فيما يتعلق بالإيجار فهناك عرض كثير، ولكن هناك ارتفاعاً كبيراً بالأسعار، التي تؤخذ بالعملة الصعبة غير المستقرة، وكثيرون يلجؤون إلى الرهن، ولكن أيضاً بأسعار مرتفعة تصل أحياناً إلى 50 مليون ليرة سورية، خاصة أن الراهن يطلب بدل رهن بالعملة الصعبة أيضاً.
ويضيف أبو هايل: “إن الأمر لا يتوقف بدفع الرهن بل بدفع بدل إيجار شهري رمزي، إضافة إلى المصاريف الثابتة الملزم دفعها شهرياً مثل بدل أجور الكهرباء من المولدات الخاصة (أمبيرات)، وسعر الأمبير يتجاوز 15 ألف ليرة سورية وأصغر منزل يحتاج إلى 4-6 أمبيرات، إضافة إلى فواتير هاتف وإنترنت من القطاع الخاص الذي غالباً ما يكون من الشبكات غير السورية المنتشرة بكثرة في مناطق “قسد“، ووصلت إلى المربع الأمني إن صح التعبير”.
إلى ذلك يلجأ الكثيرون إلى الرهن هرباً من الإيجار والحفاظ على مبلغ الرهينة عند الراهن لحين استرداد المرهون وفق موعد متفق عليه بين الطرفين، ولكن وبرأي الدكتور في الشريعة الإسلامية عبد الحميد الكندح الذي بيّن لـ “أثر برس” أن ارتهان المنازل لا يجوز شرعاً، ووضع مبلغ كإيجار شهري مع الرهينة لإضفاء شرعية على الرهينة وإبعادها عن الحرمانية تلاعب وحيل على الشرع، وهو لا يجوز لأنه زيادة على الحق والمرهون لتأمين حق الرهن فقط.
جوان حزام – الحسكة