أشارت عدة التحليلات إلى أن التصعيد الذي شهدته منطقة الشرق السوري بتاريخ 24 آذار الجاري، كان حادثاً نادراً ما يحصل ويحمل مؤشرات عدةبتفاصيله وتوقيت حدوثه.
وفي هذا الصدد أشارت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية بعض الإشكالات التي أثارتها هذه الاستهدافات في الداخل الأمريكي، لافتة إلى أنه “تأخّر إخطار الإدارة الأمريكية لأعضاء الكونجرس بالاستهداف 13 ساعة، ويؤكد المشرعون والمساعدون الجمهوريون أن الإدارات عادةً ما تخطر الكونجرس في وقت أقرب بكثير عندما يُقتل أمريكي في الخارج وأن فريق الرئيس جو بايدن لديه حافزان واضحان لتأجيل الإخطار، الأول: يجادل الجمهوريون بأن الإدارة تعمدت حجب الإخطار لتجنب الأسئلة الصعبة حول سبب الفشل في حماية الأمريكيين الذين يخدمون في شمال شرق سوريا، والحافز الثاني -كما يصر الجمهوريون- هو أن الإدارة لم ترغب في إفشال تمرير مشروع قانون من شأنه إلغاء التفويض لاستخدام القوة العسكرية، وناقش أعضاء مجلس الشيوخ يوم الخميس أيضاً تعديلات على الإجراء من بينها اثنان بشأن العدوان على القوات الأمريكية”.
وأكد الخبير السياسي الروسي ميس قربانوف، أن ما جرى كان بمثابة مفاجئة للأمريكيين، وقال في تحليل نشرته صحيفة “فزغلياد” الروسية: “ضربات الأيام الأخيرة هي رد على العدوان الأمريكي، فلم يدع أحد الأمريكيين إلى سوريا، بل هم على أرض أجنبية ولا يتحملون أي مسؤولية عما يفعلونه هناك، هذه هي المرة الأولى التي تتلقى فيها الولايات المتحدة مثل هذا الرد الجاد، ومن الطبيعي أن يشعروا (في واشنطن) بالصدمة مما يحدث، ومن الواضح أنهم لم يتوقعوا مثل هذه المقاومة الجادة، بالنسبة لهم، هذا تذكير بهزيمتهم في أفغانستان، حيث تتعرض سمعة الولايات المتحدة مرة أخرى لضربة جديّة” مضيفاً أن “المواجهة على الأراضي السورية ستستمر، والتطهير من فلول داعش مجرد ذريعة، لأن القواعد الأمريكية تقع بالقرب من حقول النفط”، لافتاً إلى أن “تعرُّض المنشآت العسكرية الأمريكية للهجوم، يعني أن منظمي الهجمات يعرفون ما أقدموا عليه، وهذه ليست سوى البداية، فالأمريكيون سيضطرون إلى مغادرة سوريا كما فعلوا في العراق وأفغانستان”.
فيما تناولت صحيفة “الشرق الأوسط” هذا الملف بصورة أكثر شمولية، تتعلق بالتطورات الدولية وتأثيرها على النفوذ الأمريكي بالشرق الأوسط والعالم، لافتة إلى أن “أحداث الأسابيع القليلة الماضية تؤكد على التحولات المتسارعة التي تصيب الساحة العالمية، حيث تتصارع الولايات المتحدة مع حقيقة ظهور لاعبين رئيسيين جدد، لا سيما الصين، بالإضافة إلى اضطرارها للتعامل مع المناورات الجريئة لكل من أعدائها وأصدقائها، وبينما يشهد العالم على بدء عهد جديد في الشؤون الدولية، يتميز بالتفكك السريع لميزان القوى السابق والمناورات السياسية الحادة، فإن التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة ينطوي على رسم مسار لنفسها عبر هذه البيئة المعقدة والقابلة للاشتعال، يعيد تثبيت مكانتها على المسرح العالمي، أو يعيد تعريف حدود ومواصفات هذه المكانة وفق الوقائع الجديدة الناشئة”.
يشار إلى أن الضغوطات الداخلية والخارجية على الإدارة الأمريكية لإخراج قواتها من سوريا، تتزامن مع اهتمام أمريكي عسكري لافت في سوريا، وبرز هذا الاهتمام بزيارة رئيس هيئة الأركان الأمريكي مارك ميلي، إلى مناطق شرق سوريا، إلى جانب تأكيد قائد القوات الجوية الأمريكية رقم 386 العقيد جورج بوخ جونيور، أن القوات الأمريكية ستبقى متواجدة في قاعدة علي السالم الجوية في الكويت نظراً لموقعها الاستراتيجي القريب من سوريا والعراق.