أثر برس

الحكومة تأخرت 3 سنوات.. باحث اقتصادي يحدد أهم معوقات الاقتصاد السوري للمرحلة القادمة وإجراءات لتجاوزها

by Athr Press G

خاص|| أثر برس مما لا شك فيه بأن الحرب على سوريا تسببت بدمار كبير لبنية الاقتصاد السوري وأن الأرقام الكبيرة للخسائر التي تعرض لها الاقتصاد هي دليل على حجم التحديات المهولة التي تواجه سوريا حالياً ومستقبلاً وآخر الإحصائيات لحجم الخسائر أشارت لمبلغ 400 مليار دولار وهو رقم يعود للعام 2018.

الخبير والباحث الاقتصادي علي محمد بينّ في حديثه لـ”أثر برس” بأن هذا الرقم ما هو إلا تنبؤ بحجم الخسائر الفعلية ولم يتم الأخذ بالحسبان حجم الخسائر لفوات الفرصة أو حجم النمو الذي كان ممكناً للاقتصاد السوري خلال العشر سنوات الماضية، بمعنى لم يتم الأخذ بعين الاعتبار حجم النمو الاقتصادي المفترض للاقتصاد السوري خلال العشر سنوات، وبتقديرات حجم الناتج قبل الحرب كان بحدود 65 مليار دولار ومعدل النمو كان 2% وهو معدل بسيط ومن خلال إجراء حسبة بسيطة كنا سنصل إلى حجم ناتج إجمالي بحوالي 80 مليار دولار في حال لم يكن هناك حرب ولكن واقع الحال يقول بأن الناتج الآن أقل من 15 مليار دولار ولذلك فإن حجم الخسائر التي تسببتها الحرب هو التحدي الأكبر.

تحديات الاقتصاد السوري:

ويضيف محمد بأن التحدي الأول للاقتصاد السوري يكمن في المجالات التي كانت تتغنى  بها سوريا قبل الحرب فكان لدينا أفضل مؤشرات في قطاع الزراعة حيث كانت سوريا مكتفية زراعياً ما قبل الحرب وبالنسبة لقطاع الأدوية كانت تغطي حوالي 90% من حاجة الأدوية وفي قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والورش المتواجدة في أغلب المحافظات من حلب إلى دمشق وريف دمشق وحمص وباقي المحافظات فإنها كانت تدر دخلاً هاماً لأصحابها وترفد الاقتصاد الوطني بالروافد الحقيقية من تلبية الاحتياج الفعلي من المواد أو التصدير من هذه الورش بالإضافة إلى ذلك كانت هذه القطاعات تمتص نسبة كبيرة من البطالة وكانت السياحة في سورية مقصد هام والنظم الكهربائية كانت مستقرة وكان لدينا فائض بحوالي 5 آلاف ميغا واط كانت تصدر وفق بعض الاحصائيات، ولذلك فإن إعادة التركيز على هذه القطاعات وهذه الميزات للاقتصاد السوري من التحديات المهمة جداً.

وأوضح محمد بأن تحدي إعادة الإعمار هام جداً ويضاف إلى ما سبق حيث أن الحرب دمرت البنى التحتية بنسب كبيرة من ناحية الإسكان أو المعامل أو موارد الطاقة ولاسيما الطاقة النفطية أو الطاقة الكهربائية فإعادة الإعمار هي تحدي كبير جداً في الفترة المقبلة سواء إعادة إعمار المناطق الصناعية لتطوير الإنتاج أو إعادة إعمار المناطق العقارية بشقيها السكني والتجاري وبالتالي هذا التحدي كبير جداً.

وأشار إلى صعوبة هذه التحديات في ظل العقوبات المفروضة على سوريا ولاسيما قانون قيصر الأمريكي الذي فرض في شهر حزيران العام 2020 والذي يفرض عقوبات على أي دولة أو شخص يحاول تمويل إعادة اعمار بعض القطاعات في سوريا.

تنمية الاقتصاد:

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن التحدي الآخر المهم هو تحدي تنمية الاقتصاد السوري في ظل فقدان الأمن الغذائي السوري وأمن الطاقة في سوريا، حيث أن منطقة شرق الفرات وما تمثله هذه المنطقة من أمن زراعي سواء محاصيل زراعية أو أمن طاقة من خلال آبار للنفط المتركزة في المنطقة هي خارج سيطرة الدولة وهذا يقوض أي فكرة لتحسين موارد البلد أو ترميم الحاجة الفعلية من هذه المواد.

والأزمات التي نشاهدها الآن بموضوع توريدات النفطية أو الغذائية وبالتحديد القمح مردها الرئيسي إلى خروج منطقة شرق الفرات عن سيطرة الدولة السورية وهذا التحدي يعد من أهم التحديدات واستعادة المنطقة الشرقية يجب أن يكون أولوية، فلا يمكن تحسين الواقع الاقتصادي إلا مواجهة هذه التحديات بشكل متوازي.

دور الدول الصديقة والقطاع الخاص:

يجيب محمد على سؤال: هل تستطيع سوريا على مواجهة هذه التحديات لوحدها؟” بأن هناك صعوبات كبيرة وتحتاج لتضافر جهود جميع الأفراد سواء من الحكومة أو القطاع الخاص متمثلاً رجال الأعمال وبكافة المجالات أو من المواطن نفسه.

وهنا بحسب محمد، تأتي ضرورة المساندة من الدول الصديقة وتحديداً الصين وروسيا وإيران وغيرها كالبرازيل فأي مساهمة من هذه الدول تحفز زيادة الوتيرة وتسريع إعادة الإعمار ليلمس المواطن تحسناً ملموساً في الواقع المعيشي.

كما أن استقرار الواقع الاقتصادي ودفعه قدماً هو مهم جداً للدولة السورية وللدول الصديقة لسوريا أيضاً وخاصة لناحية الاعتبارات الموجودة في سوريا من ناحية الجغرافية وضمان استمرار التوريدات النفطية لهذه الدول بالإضافة الموارد الغازية والفوسفات التي يمكن أن تستفيد منها هذه الدولة.

ونتذكر بأن رئيس الصين أطلق مبادرة حزام الطريق والتي تشكل سوريا جزء من هذه المبادرة ويمكن أن تساند سوريا كل من الصين وروسيا بقروض تنموية تحافظ على مكانة سوريا ضمن هذه المبادرة.

إجراءات متأخرة ولكن هامة:

ولفت محمد إلى أن الإجراءات الحكومية الأخيرة هامة جداً بغض النظر عن التأخير والذي يصل لحوالي ثلاثة أعوام على الأقل ولكن صدور قانون الاستثمار الجديد وما قدمه من التحفيزات الجمركية والمالية  للمستثمرين يعتبر نقطة هامة لتشجيع المستثمرين سواء كانوا سوريين أو عرب أو أجانب، فعندما تفرض إعفاءات ضريبية قد تصل إلى نسبة مئة بالمئة أو 70% على أرباح المستثمرين في بعض القطاعات التي لها أولوية كالقطاع الزراعي والحيواني والطبي والدواء فهذا يعتبر محفز كبير للمستثمرين من كافة الجنسيات وبالتالي يساهم هذا القانون بجذب الاستثمار الداخلي المحلي أو الخارجي الأجنبي ومن شانه امتصاص البطالة لحد ما ولذلك فهو قانون متكامل ولكن العبرة بالتطبيق.

ويضيف: كان قد سبقه قانون للشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والتي تشكل عماد الاقتصاد السوري ومن المعروف بأن كافة الدول تعتبر هذه الشركات هي الأهم لما تمثله من اتساع رقعة وعدد وزيادة الإنتاج ضمن تكاليف تعتبر متواضعة مع سهولة لإقلاع وامتصاص كبير لليد العاملة فصدور هذه القانون في الفترة الماضية وإنشاء مصارف للمشاريع المتوسطة والصغيرة يفترض أن تنعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري.

دعم الصادرات:

يردف الباحث الاقتصادي علي محمد بأن كل ما ذكر من شأنه أن يعزز حصيلة التصدير السوري من شتى أنواع البضائع إلى الخارج وزيادة التصدير هي قيمة مضافة للاقتصاد والدليل بأن الميزان التجاري يميل للتصدير فهناك فوائد وجذب للقطع الأجنبي لتمويل عمليات الاستيراد وتخفيض الطلب على القطع في السوق السوداء أو المركزي نتيجة توفره.

وهنا يشير إلى أنه وبحسب كلام وزير الاقتصاد بأن الصادرات ارتفعت خلال 3 أشهر من 2021 بحوالي 50% عما كانت عليه في عام 2020 كما ارتفعت عما كانت عليه في 2019 وبغض النظر عن حجم رقم التصدير ولكن مع زيادة الإنتاج في شتى المجالات يمكن أن يستمر هذا التحسن للتصدير تدريجيا وبالتالي تحسين الميزان التجاري.

الانفاق الاستثماري:

ومع كل ما ذكر يؤكد الباحث الاقتصادي علي محمد بأنه لابد أن يترافق مع ترشيد الانفاق العام وتوجيه نحو الانفاق الاستثماري فهو القادر على تحقيق القيمة المضافة على الاقتصاد فترشيد الانفاق العام أمر هام كي يبقى هناك توائم بين الانفاق العام والايرادات العامة المتواضعة، حيث أن الحكومة غير قادرة على تحقيق الكثير من الموارد نظراً لغياب مجالات التحصيل ولذلك لابد من ترشيد الانفاق الجاري وتوجيهه للإنفاق الاستثماري على أن يتوازى مع زيادة حصيلة الإيرادات العامة فهي تأتي بشكل رئيسي من الإيرادات الضريبية، والحكومة تعمل على تحسين المطارح الضريبية ولعل قانون البيوع العقارية الذي صدر مؤخراً هو من أبرز القوانين لزيادة أموال الخزينة العامة نتيجة عمليات بيع وشراء العقارات حيث جاء هذا القانون ليفرض ضريبة وفق الأسعار الرائجة للعقارات وبالتالي زيادة الإيرادات العامة ولكن يجب أن يتوازى معها معالجة ملف التهرب الضريبي ومن خلال دراسات سابقة في العام 2010 كانت تشير لحوالي 300 مليار ليرة سورية هي حجم التهرب الضريبي والآن بعض الإحصاءات تشير إلى حجم يتجاوز 2 تريليون ليرة.

دعم الصادرات:

كل ما ذكر من شأنه أن يعزز حصيلة التصدير السوري من شتى أنواع البضائع إلى الخارج وزيادة التصدير هي قيمة مضافة للاقتصاد والدليل بأن الميزان التجاري يميل للتصدير فهناك فوائد وجذب للقطع الأجنبي لتمويل عمليات الاستيراد وتخفيض الطلب على القطع في السوق السوداء أو المركزي نتيجة توفره.

وبحسب كلام وزير الاقتصاد بأن الصادرات ارتفعت خلال 3 أشهر من 2021 بحوالي 50% عما كانت عليه في عام 2020 كما ارتفعت عما كانت عليه في 2019 وبغض النظر عن حجم رقم التصدير ولكن مع زيادة الإنتاج في شتى المجالات يمكن أن يستمر هذا التحسن للتصدير تدريجياً وبالتالي تحسين الميزان التجاري.

علي سليمان – دمشق

اقرأ أيضاً