في ظل إصرار الغرب والولايات المتحدة الأمريكية على رفض الانفتاح العربي على دمشق، ألغى الاتحاد الأوروبي الاجتماع المفترض عقده مع الجامعة العربية، وذلك بسبب عودة سوريا إلى الجامعة، ووصف وزير الخارجية المصري سامح شكري، هذا القرار الأوروبي بـ”المؤسف”.
وأكد شكري في تصريح خلال مؤتمر صحفي مشترك مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في القاهرة أمس الأحد، أن “قرار استئناف عودة سوريا للجامعة العربية كان لا بد أن يكون محل تقدير من الاتحاد الأوروبي، ولكن إلغاء اجتماعها مع الجامعة العربية والذي لم يعقد منذ أربع سنوات كان قراراً يؤسف له، لأن القرار العربي صدر لدعم الشعب السوري الذي عاني لعشر سنوات، ولابد من النظر إلى الأمام لإعادة الاستقرار إلى سوريا” وفقاً لما نقلته قناة “روسيا اليوم”.
وأضاف شكري أن “عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية هو قرار جماعي من الدول العربية وتم الإعداد له من قبل مجموعة الاتصال العربية، وتم الاتفاق مع الجانب السوري على بعض النقاط لاستعادة الدول العربية للعلاقات مع سوريا”.
وجاء تعليق شكري، بعدما أشار مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إلى أنه تم تأجيل الاجتماع الوزاري العربي الأوروبي الذي كان مقرراً عقده هذا الأسبوع، وذلك بسبب عودة سوريا لممارسة أنشطتها في الجامعة العربية، وقال خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع وزير الخارجية المصري: “إن موقف الاتحاد الأوروبي لن يتغير إلا إذا حققت دمشق تقدماً في تطبيق قرارات الأمم المتحدة خاصة قرار مجلس الأمن 2554، ولهذا قرر الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية تأجيل الاجتماع بناء على طلب الاتحاد الأوروبي”، مضيفاً أن “آخر اجتماع وزاري بين الجانبين عقد في شباط عام 2018 في بروكسل، وكان مقرراً عقد الاجتماع الوزاري العربي- الأوروبي هذا الأسبوع ولكنه تقرر تأجيله بسبب عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية” مشيراً في الوقت ذاته إلى أن “الاتحاد الأوروبي يحترم القرار السيادي لجامعة الدول العربية بإعادة سوريا إلى المنظمة” وفقاً لما نقلته قناة “روسيا اليوم”.
وأكدت الخارجية الأمريكية عُقب الإعلان عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية أن “واشنطن لا تظن أن سوريا تستحق العودة إلى الجامعة العربية في هذه المرحلة”.
ضغط خليجي على الاتحاد الأوروبي بشأن سوريا:
كشفت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية في وقت سابق أنه يمارس مسؤولون إماراتيون وسعوديون ضغوطاً على الاتحاد الأوروبي للتقارب مع دمشق ورفع العقوبات عنها، وأكدت مصادر مطلعة للوكالة الأمريكية أن “المسؤولين السعوديين والإماراتيين مارسوا ضغوطاً على نظرائهم في الاتحاد الأوروبي على مستويات مختلفة لعدة أشهر”، مضيفة أن “التحركات الدبلوماسية لإنهاء الحرب في سوريا لم تحقق أهدافها ما لم يتم تخفيف العقوبات للمساعدة في إنعاش الاقتصاد السوري”.
وسبق أن نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصدر دبلوماسي سعودي، تأكيده على وجود محاولات خليجية للوساطة بين الغرب وسوريا، وقال المصدر: “من دون إحداث توازن بين الغرب وروسيا والدور العربي، وتبديد مخاوف دمشق، فإن ما سيقدّمه العرب قد يقتصر على عودة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات، وتوزيع بعض المساعدات في مجالات ضيّقة ومحدودة الاستدامة والتأثير”.
كيف عادت سوريا إلى الجامعة العربية؟
وفي 7 أيار الفائت تم الإعلان عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية خلال اجتماع “غير اعتيادي” لوزراء الخارجية العرب عُقد في القاهرة، وفق نص قرار برقم 8914 ونص القرار على عدة نقاط أبرزها “الحفاظ على وحدة سوريا وسيادة الدولة السورية، والالتزام بالبيانات العربية الصادرة عن اجتماع جدة بشأن سوريا يوم 14 نيسان 2023، واجتماع عمان بشأن سوريا يوم الأول من أيار 2023، والتأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وتشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من وزراء خارجية، الأردن، السعودية، العراق، لبنان، مصر، والأمين العام، لمتابعة تنفيذ بيان عمّان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها، إلى جانب “استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتباراً من يوم 7 أيار 2023”.
وجاء قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد اجتماعين عُقد أحدهما لمجلس التعاون الخليجي بحضورة وزراء خارجية مصر والأردن والعراق، والآخر عُقد بين وزراء خارجية سوريا والعراق والأردن والسعودية ومصر، في العاصمة الأردنية عمّان، وصدر عن هذا الاجتماع بيان ختامي نص على بنود عدّة أبرزها: “ضبط الأمن والحدود لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها، والبدء باتخاذ خطوات جدية لإعادة اللاجئين، بالإضافة إلى العمل على استئناف أعمال لجنة مناقشة الدستور في أقرب وقت ممكن وتشكيل فريق فني على مستوى الخبراء لمتابعة مخرجات هذا الاجتماع وتحديد الخطوات القادمة لمعالجة الأزمة السورية وتداعياتها”.