خاص|| أثر برس غداة تكرار حوادث مهاجمة حيوانات مفترسة ومنها الذئاب، لقرى كل من زاهد، الصفصافة، عرب الشاطئ، وغيرها، وتمكّن الأهالي من قتل عدد منها، وكان آخرها ما نشر حوله “أثر” حيث تم قتل ذئب في قرية زاهد، أكد الناشط البيئي يمان عمران لـ”أثر” أنه وفقاً للصور المتداولة عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وبحسب إفادة الأهالي، خاصة الذين تعرضوا للهجوم، تبين أن الحيوان الذي يهاجم الأهالي هو الذئب الرمادي الشائع غرب آسيا (Canis lupus pallipes)، ويسمى بالذئب الهندي أو الإيراني.
وشرح أنه في صور جثث الحيوانات المهاجمة التي تم قتلها، ومن خلال التدقيق في اللون والحجم وشكل الرأس، واللون الداكن للخطم، يتبين أن تلك الجثث تعود لجراء ذئب يافعة كبيرة ولكنها لم تبلغ بعد، كما يبدو من لونها البني الفاتح مع الأبيض المصفر، حيث يتغير لونها عند البلوغ ليحتل اللون الرمادي جزء كبير من لون الفراء.
وأكد عمران أن سلوك هذه الحيوانات غير المألوف من هجوم واقتراب من البشر، والتنقل بين المنازل في وضح النهار دون خوف، والشراسة الكبيرة هو أمر غير طبيعي أبداً لهذا النوع من الذئاب، مبيناً أن هذا السلوك ناجم عن مرض أصاب هذه الحيوانات بدرجة 100%، لكننا بحاجة للتأكد من ماهية المرض الذي تكشف عنه تحاليل العينات التي تم أخذها من الحيوانات التي تم قتلها.
وأضاف عمران: المتهم الرئيسي لحالة هذه الجراء هو داء الكلب”Rabies”، الموجود أساساً في المنطقة وصاحب السببية بكل الحالات الشبيهة وشبه المتطابقة التي حدثت في الماضي وفي دول الجوار.
وبحسب عمران، داء الكلب هو مرض قاتل للفقاريات ذوات الدم الحار، ويسبب عدوى الجهاز العصبي المركزي، والشلل، والموت، فهذا المرض قاتل، أي أن الحيوان المصاب عاجلاً أم آجلاً سوف يموت.
وبيّن عمران أن ظاهرة هذا المرض تأتي على شكل جائحة بين الحيوانات كل فترة، حيث تكررت مثل هذه الحوادث في سنين ماضية مع الذئاب وبنات آوى، كحادثتي هجوم جرو ذئب غير بالغ في منطقة الشيخ بدر في عام 2014، وتكرار حالات هجوم لبنات آوى مسعورة بحالات فردية في الفترة الممتدة بين 2016-2019 في منطقة القدموس، أي انها في النهاية ظاهرة غير جديدة وإنما مألوفة، ولكنها تأتي على شكل هبات في مناطق معينة كل مدة من الزمن، مع تواجد العدوى.
وشدد عمران على ضرورة الحذر وإنقاذ أي شخص يتعرض للإصابة من قبل حيوان مسعور، بإسعافه إلى أقرب مركز صحي لأخذ اللقاح المناسب، وعدم التهاون مع أي عضة أو خدش ملوث بلعاب حيوان بري أو ضال أياً كان، بالإضافة للاتصال بالجهات المعنية عند مشاهدة أي حيوان قريب من مساكن البشر خاصة إذا كان الحيوان يتصرف بغرابة.
ودعا عمران إلى عدم استخدام وسائل قتل فتاكة كتوزيع الطعوم السامة، لأنها ستقتل كم هائل من الحيوانات البريئة، ولن تقتل الحيوان المريض المستهدف كونه أساساً قد أصبح بسلوك غير طبيعي، وهو سيموت بكل الأحوال نتيجة المرض.
داء الكلب:
وبالحديث عن داء الكلب شرح عمران أنه مرض فيروسي حيواني المنشأ ينتج عن مجموعة من فيروسات “Rhabdoviridae” من جنس “Lyssavirus”وينتقل من الحيوانات إلى الإنسان عن طريق العض والخدش مع التعرض للعاب الحيوان المصاب، وهناك أدلة على أن المستودع الرئيسي لداء الكلب هو الذئاب مع قريباتها الكلاب وبنات آوى والثعالب.
ومنذ بدء ظهور أعراض الإصابة يمر الحيوان بثلاث مراحل ثانيها هي أخطرها، المرحلة الأولى: تبدأ من يوم إلى ثلاثة أيام وتتميز بتغيرات سلوكية، وتعرف بالدور البادري حيث ينتشر فيروس السعار ويصل إلى الجهاز العصبي (الدماغ والحبل الشوكي)، ويتطور الالتهاب ويصل إلى اختلال في وظيفة المخ والحبل الشوكي.
أما المرحلة الثانية: فهي الدور التهييجي الذي يستمر من ثلاثة إلى أربعة أيام ويسمى هذا الدور غالباً بداء «الكلب الغاضب»، وتشمل عدة أعراض، ومنها: يصبح الحيوان المصاب أكثر عدوانية نظراً لفرط تفاعلية الحيوان المصاب مع المؤثرات الخارجية، فيقوم بعض أي شيء قريب منه، ويفقد حذره فنجده وقحاً سريع الانفعال متوحشاً، ويهاجم بعشوائية، وهذا يفسر اقترابه من البشر الذي يخافهم ويرهبهم بشدة في الوضع الطبيعي، فلو كان المصاب ذئباً، يلاحظ عليه أكل أشياء غريبة، أو غير معتادة كالأحجار والقمامة والخوف من الماء.
وتابع: المرحلة الثالثة فهي الدور الشللي الذي ينتج عن تلف العصبون الحركي، فيكون هناك عدم تناسق حركي بسبب شلل الأطراف الخلفية، أيضاً يبدأ سيلان اللعاب مع صعوبة في البلع، وذلك بسبب شلل في عضلات الوجه والحلق، ويحدث الموت عادة بسبب توقف التنفس، ولكن في كل الأحوال أي حيوان مصاب سوف يموت خلال مدة تتراوح بين 10- 12 يوماً من بدء الأعراض السالف ذكرها، مع العلم أنه توجد بعض حالات هجوم مشابهة لنفس نوع الذئب في إيران والهند، وحتى في الجولان السوري.
وأكد عمران الذي قام بالبحث والتقصي بالتعاون مع “جمعية سنديان لحماية البيئة والتنمية المستدامة”، وزملائه في فريق “هواة الحياة البرية السورية”، أن الذئاب الرمادية معرضة بشدة للإصابة بداء الكلب وهناك مراجع تعتبر هذا المرض من المهددات لها بالانقراض، وخاصة أن الذئب الرمادي موجود في القائمة الحمراء IUCN (الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة) للأنواع منخفضة الاهتمام أو LCs، داعياً إلى الوعي والتعقل في التعامل مع هذه الحالات، بأن لا تعتبر حالات شائعة نحكم من خلالها بالإعدام على كل الحيوانات، بل هي حالات مرضية يتوجب التعامل معها بحذر.
الإجراءات الإسعافية عند التعرض لعض:
أهم الإجراءات الإسعافية للإنسان الذي يتعرض للعض من قبل هذه الحيوانات، ذكرها مصدر طبي لـ”أثر” بأنها تبدأ بضرورة غسل الجرح جيداً بالماء والصابون، وكلما مكان العض بعيداً عن الرأس كانت الفرصة أكبر للنجاة بحال تعقيم الجرح وغسله، لأن فيروس الكلب يستوطن في الدماغ، بالإضافة بأخذ اللقاح فوراً أو كحد أقصى خلال 24 ساعة، شارحاً أن الفيروس ينتقل ببطء بالدم.
وبحسب المصدر، يفضل قطع رأس الحيوان العاض وأخذ عينات لتحليلها عند الجهات الصحية لبيان إن كان مصاب بفيروس الكلب عبر المجهر الإلكتروني، مشدداً على ضرورة ملاحظة تغير أي سلوك للحيوانات في المنزل أو في المزرعة، خاصة هيجان، احمرار العين، سيلان لعاب شديد، عدوانية.
وأوضح أن أعراض الإصابة بداء الكلب هي الحمى، الصداع، الغثيان، القيء، الهياج، القلق، الارتباك، فرط النشاط، صعوبة البلع، فرط اللعاب، الخوف من شرب الماء، الهلوسة والشلل الجزئي.
صفاء علي – طرطوس