أجرى الرئيس بشار الأسد، مقابلة متلفزة مع قناة “سكاي نيوز عربية” الإماراتية، تم بثّها أمس الأربعاء، وتناول فيها عدداً من الملفات السورية، وعلى رأسها ملفات مرتبطة بمخرجات بيان عمّان الذي أُجري بين وزراء خارجية سوريا والسعودية والأردن والسعودية ومصر والعراق، إلى جانب الملف الاقتصادي السوري ومسار التقارب السوري- التركي.
ومن الملفات المرتبطة بمخرجات اجتماع عمّان، هو ملف اللاجئين السوريين، إذ أكد الرئيس الأسد، أنه “خلال السنوات الماضية عاد إلى سوريا أقل من نصف مليون بقليل ولم يسجن أي شخص من بينهم، لماذا توقفت هذه العودة، توقفت بسبب واقع الأحوال المعيشية، فكيف يمكن للاجئ أن يعود دون ماء ولا كهرباء ولا مدارس لأبنائه ولا صحة للعلاج، هذه أساسيات الحياة هذا هو السبب”، موضحاً أن “البنى التحتية المدمرة التي دمرها الإرهاب وهذا ما يقوله معظم اللاجئين الذين نتواصل معهم، يرغبون بالعودة ولكن يقولون كيف نحيا كيف نعيش؟”.
وفيما يتعلق بالإجراءات التي اتخذتها الدولة السورية لتأمين هذه العودة، قال الرئيس الأسد: “بالنسبة لنا في سوريا أصدرنا قانون عفو عن كل من تورط بالأحداث خلال السنوات الماضية، طبعاً ما عدا الجرائم المثبتة التي فيها حقوق خاصة حقوق الدم كما تُسمى”، مضيفاً أنه “الآن هناك حوار بيننا وبين عدد من الجهات في الأمم المتحدة المعنية بالجانب الإنساني، وبدأنا نناقش معهم بشكل عملي مشاريع العودة، وكيفية التمويل، وما هي متطلباتها بالتفاصيل، فهناك عمل بهذا الإطار”.
وإلى جانب الحديث عن تضرر البنية التحتية في سوريا، تطرّق الرئيس الأسد إلى الواقع المعيشي في سوريا بشكل عام والعقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، حيث قال: “قانون قيصر هو عقبة لا شك، ولكن تمكنا بعدة طرق من تجاوز هذا القانون، هو ليس العقبة الأكبر، العقبة الأكبر هي تدمير البنية التحتية من قبل الإرهابيين، العقبة الأكبر هي صورة الحرب في سوريا التي تمنع أي مستثمر من القدوم للتعامل مع السوق السورية، العقبة الأكبر أيضاً هي الزمن، بالاقتصاد تستطيع أن تضرب علاقات اقتصادية وتهدمها خلال أسابيع أو أشهر ولكنك بحاجة أيضاً لسنوات لاستعادتها، فمن غير المنطقي والواقعي أن نتوقع أن هذه العودة وهذه العلاقات التي بدأت تظهر بشكل أقرب إلى الطبيعي ستؤدي إلى نتائج اقتصادية خلال أشهر، هذا كلام غير منطقي، وبحاجة للكثير من الجهد والتعب لكي نصل لهذه النتيجة”.
وتطرق اللقاء أيضاً إلى ملف الانفتاح العربي على سوريا، وأشار الرئيس الأسد، إلى أن “هناك بداية وعي لحجم المخاطر التي تؤثر علينا كدول عربية لكنها لم تصل إلى مرحلة وضع الحلول، طالما أنه لا توجد حلول للمشاكل فإذاً العلاقة ستبقى شكلية”، موضحاً أنه “نحن لم نبدأ هذه القطيعة ولم نقم بأي عمل ضد أي دولة عربية، حتى عندما عدنا إلى الجامعة العربية، وأنت ربما تكون قد سمعت خطابي لم أقم بلوم أي طرف ولم أسأل أي طرف لماذا فعلتم ذلك؟ بالعكس نحن نقول ما مضى مضى، نحن دائماً ننظر للمستقبل”.
وفيما يتعلق بالاعتداءات التي تتعرض لها سوريا من الكيان الإسرائيلي، أكد الرئيس الأسد، أن “الاستهدافات الإسرائيلية” تطال الجيش السوري تحت عنوان مهاجمة الوجود الإيراني، وقال: “الحقيقة يستهدف الجيش السوري بشكل أساسي تحت عنوان الوجود الإيراني وسيستمر طالما أن إسرائيل هي عدو، وسيستمر طالما أننا نتمكن من إفشال مخططات الإرهابيين ولو جزئياً، لأن هذه الضربات ابتدأت عندما ابتدأ الجيش السوري بتحقيق انتصارات مرحلية في المعارك التي يخوضها ونأخذ بالاعتبار بأننا لم ننته من الحرب بعد”.
وفي سياق متصل، تم التطرق إلى عودة العلاقات بين سوريا وحركة “حماس” وأكد الرئيس الأسد أن سوريا تقف مع أي طرف يهاجم الكيان الإسرائيلي، موضحاً في الوقت نفسه أن العلاقات مع “حماس” لم تعد بعد كالسابق، مشيراً إلى أنه “حالياً ليس لديها (الحركة) مكاتب في سوريا ومن المبكر أن نتحدث عن مثل هذا الشيء، لدينا أولويات الآن، والمعارك داخل سوريا هي الأولوية بالنسبة إلينا”، مشيراً إلى الموقف الذي أبدته حركة “حماس” في بداية الحرب “مزيجاً من الغدر والنفاق”.
أما فيما يتعلق بمسار التقارب السوري- التركي، واحتمال إجراء لقاء بين الرئيس الأسد ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، فأكد الرئيس الأسد أن “تركيا بلد جار، وكان من الطبيعي أن نسعى لتحسين العلاقة معها ولو أتت ظروف مختلفة في المستقبل بعد انسحاب تركيا من أجل تحسين العلاقات فمن الطبيعي أن نعود للسياسة نفسها، وهي أن تبني علاقات جيدة مع جيرانك، هذه مبادئ وليست سياسات عابرة”، مؤكداً أنه لا يمكن أن يحصل اللقاء مع أردوغان دون شروط مسبقة، موضحاً أنه “كلمة من دون شروط مسبقة للقاء يعني من دون جدول أعمال، من دون جدول أعمال يعني من دون تحضير، من دون تحضير يعني من دون نتائج، فلماذا نلتقي أنا وأردوغان؟ لكي نشرب المرطبات مثلاً، نحن نريد أن نصل لهدف واضح، هدفنا هو الانسحاب من الأراضي السورية، بينما هدف أردوغان هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سوريا، فلذلك لا يمكن أن يتم اللقاء تحت شروط أردوغان”.
وتعقيباً على تصريحات أردوغان التي تشدد على أن أنقرة تعمل لمحاربة “الإرهاب” عند حدودها المشتركة مع سوريا، قال الرئيس الأسد: “الحقيقة، الإرهاب الموجود في سوريا هو صناعة تركية، جبهة النصرة، أحرار الشام هي تسميات مختلفة لجهة واحدة كلها صناعة تركية وتموّل حتى هذه اللحظة من تركيا، إذاً عن أي إرهاب يتحدث؟”.
وتأتي تصريحات الرئيس الأسد، حول تركيا بالتزامن مع زيارة سيقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن المفترض أن تناقش مسار التقارب السوري- التركي إلى جانب جملة من الملفات، حيث أفادت مصادر تركية مقربة من السلطات التركية أن أنقرة تجد المطلب السوري المتعلق بالانسحاب التركي الكامل من سوريا أمر “غير قابل للتفاوض”.