خاص || أثر برس في عادة لم نكن نتوقع أنها موجودة حتى اليوم بهذه القوة، وخلال استطلاعنا آراء المواطنين عن أسعار الأدوية والتباين بينها، تفاجئنا بعدد من الأجوبة التي تبين لجوء السوريين إلى محال التداوي بالأعشاب أو ما يعرف بـ”الطب العربي” أو “الطب الشعبي”، ليبدؤوا بمداواة جيوبهم قبل أمراضهم، التي وصلت أسعار أدويتها لأضعاف أسعارها الحقيقية.
يبدأ المريض الذي يعتمد الطب العربي علاجاً لمرضه، رحلته في إعداد الدواء من سوق البزورية الشهير في دمشق، ببيعه المواد الأولية والأعشاب التي تدخل في إعداد أي دواء، هناك حيث تختلط رائحة الأعشاب برائحة التوابل برائحة العطورات.
“خلطة لمعالجة السكري” و”علاج للروماتيزم” و”حلول سريعة لمشاكل الكلى” و”علاج فوري للصداع” أسماء خلطات توضع بوضوح على أبواب المحلات التي تمتهن العطارة، أو العلاج بالطب البديل، وسعر أوقية واحدة لأي من هذه الخلطات يتراوح بين 2000 لـ 5000 ليرة سورية بالحد الأدنى، وقد تكون على شكل أعشاب، أو كبسولات شبيهة بالأدوية معبأة بهذه الأعشاب.
جميل، صاحب أحد المحال المتخصصة ببيع الأعشاب في سوق البزورية ويعمل في المهنة منذ عشرات السنين، يصف الحالة لـ”أثر” بقوله: “ازداد إقبال الزبائن على شراء الأعشاب ذات الفوائد الطبية مجدداً، والتي يأتي على رأسها عشبة الزهورات والبابونج بحكم أننا دخلنا بالموسم الشتوي وأمراض هذا الفصل عادة ما تكون رشح أو كريب أو آلام بالحلق وينصح بشرب مشروبات ساخنة أولها الزهورات، التي ازداد الإقبال عليهاً أساساً مع بدء تفشي مرض كورونا، بينما علاج الرشح سيكلف أكثر من ذلك، فعبوة “فوار فيتامين سي” فقط، يتراوح سعرها بين 3 إلى 5 آلاف، أضف إليها أدوية أخرى توصف من قبل الطبيب مثل دواء الالتهاب.
إقبال الناس على الأعشاب بعدما هجرت بسبب انتشار أدوية تعالج كل الأمراض، يرده العم جميل لارتفاع أسعار الأخيرة مقارنة بسعر العشبة المطلوبة، مضيفاً: “من لا يملك ثمن دواء معين ارتفع سعره لأي سبب كان، لا خيار لديه إلا الوصول إلى أقرب محل عطارة لأخذ كمشة من أعشاب لوقف أوجاع المعدة أو الرئة والرشح والزكام وغيرها، بدلاً من أن يدفع مبلغاً مضاعفاً لعدد قليل من الحبوب المسكنة للآلام”.
ويسرد في حديثه عن الأعشاب: “مثلاً يأخذ مريض يشعر بألم بأسنانه القليل من عشبة القرنفل كونها مسكنة لآلام الأسنان”.
وإضافة لعلاج الأمراض، هناك اعتماد على الطب البديل لأمور تجميلية، يضيف العم جميل، موضحاً: “هناك طلب على أعشاب تساعد في علاج الشيب واللاشمانيا وعلاج تساقط الشعر وعلاج حَب الشباب ومعالجات تجميلية أخرى”، إضافة لأمراض أخرى تحدث عنها بات أصحابها يلجؤون للتداوي بالأعشاب، منها “مشكلة البحص والرمل” التي يوصف لها “عشبة الشعير، الهندباء، ذيل الحصان”، وعشبة “الأسد والمليسة” لعلاج مشكلة تكيس المبايض.
والأكثر مبيعاً لدى محلات العطارة، هي الأعشاب التي تدخل في أنظمة الغذاء الخاصة بالتنحيف، كالقرفة والزنجبيل، وهنا يضيف البائع أن “سوريا متخمة بالأعشاب الطبية.. وما من داء إلا وله دواء”.
إحدى السيدات وكما يصفها العم جميل “زبونة المحل”، كانت تشتري “تشكيلة” أعشاب تتجهز بها لموسم الرشح والزكام، تقول لـ”أثر”: “سعر الدواء ارتفع.. وكل أسبوع يرتفع سعر الدواء.. وكل سعر يشطب سعر.. أمراض الشتاء بسيطة يمكن علاجها بالأعشاب.. أما المرض الي يستدعي الدواء لا الأعشاب سأضطر لشرائه بالتأكيد”.
وعلى الرغم من تحذيرات الأطباء بضرورة الاستفسار ومراجعة الاختصاصيين قبل شرب أي محلول أو وصفة أعشاب، إلا أن الكثيرين يلجؤون لهذه الأعشاب الشهيرة التي ورثوا معلومات عن فوائدها من أجدادهم، عدا عن أن تكلفة الاستشارة فقط للطبيب، أغلى من سعر هذه العشبة أيضاً بأضعاف، بحسب العم جميل.
رأي الطب بموضوع التداوي بالأعشاب، اتفق عليه عدد من الأطباء ممن استطلعنا رأيهم حول هذا الموضوع بالقول: “الطب البديل لا يلبي كل الاحتياجات، الطب البديل ممكن أن يلبي بعض الاحتياجات البسيطة والمحدودة، فهناك أمراض كثيرة لا يمكن أن يعالجها الطب البديل”.
غنوة المنجد – دمشق