دفع المريخ السوداني الثمن غالياً وخرج من بطولة الأندية العربية أبطال الدوري بعد خسارته من تشرين السوري على الرغم من فارق الإمكانيات بين الفريقين، وذلك بسبب عدم امتلاك المريخ ما امتلكه تشرين من الرغبة والعزيمة والإصرار على تحقيق الفوز، بالإضافة إلى عدم احترام الخصم واللعب بتعال وصل لحد العنجهية في المباراة الأولى وعندما أدرك خطأ ما وقع به كان الوقت قد مضى.
وساهمت الصحافة السودانية فيما حدث بسبب جهلها بفريق تشرين وثقتها بفريقها الذي يدربه برازيلي ويضم في صفوفه لاعبين محترفين فرفعت سقف طموحاتها لدرجة أنها اعتبرت أن المباراة تحصيل حاصل ومسألة وقت ويعود المريخ منتصراً ومتأهلاً، وهذا ما جعل لاعبي المريخ يدخلون المباراة الأولى وهم يظنون أنها محسومة وكان تفكيرهم يصب في المباراة الثانية التي اعتبروا فيها أيضاً أن الشباب السعودي متأهل على حساب القوة الجوية العراقي، وكأن الأمور كلها هي حسابات ورقية وأمنيات، وهذا ما رفضه تشرين الذي احترم خصمه وكرة القدم وقدم مباراتين للذكرى فنال المراد وتأهل.
مهمة سهلة للمريخ:
قال أحد المواقع الإلكترونية عن المباراة إنها مهمة سهلة للمريخ والأصعب أمام الشباب معتبراً أن فريقه حسم المباراة وتأهل قبل أن يلعب.
على حين أشار آخر إلى أن وجود خمسة محترفين برازيليين في المريخ لاعبين ومدربين أمراً كافياً للفوز.
أما المدير الفني للفريق السوداني فقال بواقعية أكثر من الصحافة: (نحترم تشرين السوري، لا نمتلك كثيراً من المعلومات عنه، هناك فرق شاسع بين الكرة في إفريقيا وآسيا ونستطيع وضع الأسلوب المناسب للمباراة).
وبالغ قسم كبير من الجمهور السوداني في تفاؤله واعتبر المواجهتين نزهة لفريقه إلا أن القلق بدأ يساوره بعد المباراة الأولى ورؤية إصرار البحارة السوريين على اللعب برجولة وتكتيك كبير.
بعد المباراة.. تشرين يفرض احترامه ويغير خريطة المريخ
وما إن انتهت المباراتين وتأهل تشرين حتى تغيرت وجهة نظر الصحافة السودانية فيه وبدأت بكيل المديح له، وتسبب تشرين بتغيير خريطة المريخ ودفع عشاقه للمطالبة بإقالة الجهاز الفني والاستغناء عن المحترفين.
وكتب الإعلامي السوداني أحمد محمد الحاج بعنوان (يوم عشرين وحسرة تشرين):
لو قدّر لفريق المريخ العبور إلى المرحلة التالية وتفوّق على تشرين السوري وخرج بعد خسارته من الشباب السعودي لهضمنا الإقصاء ولسلمنا بأمر الخروج نسبة للفوارق الكبيرة بين المريخ والشباب في كل شيء سواء على صعيد الجاهزية البدنية أم الاستقرارين الفني والإداري أو اللاعبين المحترفين والوطنيين أو قوّة المنافسة المحلية التي يلعب بها الشباب.
فالخروج من تشرين السوري لا وصف له سوى الحسرة والألم وتلك الجموع الغفيرة التي حرصت على التعبئة ومؤازرة الفريق تعود أدراجها بخسارة مؤلمة وإقصاء مخزي.
تشرين الذي لم يؤد سوى مباراة رسمية وحيدة في ستين يوماً في وقت لعب فيه المريخ (12 مباراة) بواقع (6 أبطال) (2 دوري) (4 ودّيات) ومع ذلك وقف ريكاردو كحمار الشيخ في العقبة بلا إمكانيات ولا إدراك فني ولا نهج خططي أمام فريق لعب بدوافع واضحة وطموح صريح أعلنه منذ خسارته الأولى بينما نام الأحمر على عسل انتصاره الخجول في المباراة الأولى.
تسعون دقيقة والمريخ عاجز تماماً عن التسديد من خارج منطقة الجزاء لفك تكتّل الفريق السوري ولم يفتح الله على لاعبي المريخ بأي تسديدة سوى تسديدتي طيفور ومحمد الرشيد اللتين أرسلاها إلى (حراج الصواريخ).
أما الإعلامي الدكتور مزمل أبو القاسم فكتب بعنوان كبد الحقيقة:
لا تقع كل أوزار الخروج المبكر من البطولة العربية على عاتق المدرب وحده، لأن اللاعبين يتحملون جانباً مهماً من مسؤولية ذلك الإخفاق المشهود.
إذا قبلنا خروج المريخ من البطولة الإفريقية بعد خسارته من الترجي التونسي وشباب بلوزداد الجزائري لأن المتأهلين يفوقان ممثل السودان في المستوى والتصنيف العام، ولأن المريخ لعب خارج قواعده وبمعزل عن جماهيره في دوري الأبطال فما عذر لاعبي المريخ وهم يتواضعون أمام خصم يقل عنهم في كل شيء، ويلعب مثلهم خارج أرضه؟.
المريخ أفضل من تشرين في النواحي المادية والفنية وأفضل منه في الجاهزية البدنية لأن الفريق السوري لم يخض سوى مباراة واحدة في الدوري السوري في شهرين كاملين، وجرت أمام الفتوة في الرابع من شهر أبريل الحالي، إثر توقف الدوري في سوريا بسبب كارثة الزلزال.
توفر في لاعبي تشرين التصميم الذي افتقده لاعبو المريخ، وتمتعوا بالشراسة والقوة والرغبة في العودة لتغطية خسارة اللقاء الأول وانتزاع ورقة التأهل وكان لهم ما أرادوا.
أما محلل الأداء الهادي آدم فقد حمّل المدرب مسؤولية وداع الأحمر لبطولة كأس الملك سلمان للأندية العربية بعد الخسارة من تشرين السوري بهدف في لقاء الإياب قائلاً: “المباراة جاءت في مجملها ضعيفة وتعددت فيها الأخطاء مع غياب اللمسة الفنية فضلاً على ضعف واضح في الجوانب التكتيكية، أخطاء في التمرير ضياع لأسهل الفرص بطء في التحول لحظة الاستحواذ ولحظة الفقدان”.
وأضاف: “سبق وأن حذرت من تشرين وذكرت أنه يمتلك لاعبين سريعين وأصحاب مهارات، جيدون في الانتشار تعاملوا مع المباراة بواقعيه بخلاف لاعبي المريخ ويتحمل الجهاز الفني للمريخ كل ما حدث في المباراة”.
على حين قال الإعلامي ود الحسين:
(رصاصة سورية ضربت الفشل والعطالة التي قادنا إليها عاطل زمانه وفاشل دهره هيرون ريكاردو وبمعيته طاعنيه الأربعة بقيادة الخازوق باولو سيرجيو والطاعن سيرجيو روفائيل).
خروج مذل ضرب ما تبقى من حطام المريخ وشعبه.
الإعلامي بابكر سلك قال بلهجة أهل السودان المحببة:
(مع تشرين الأول كنا أفضل وكان تشرين الثاني هو الأفضل وأدى بتكتيك احترافي وقابلنا ذلك بعشوائية الميليشيات وشبكناهم ليك تدوين من بعيد وعياراتنا لا صابتهم ولا دوشتهم)، (بعضنا يقول لو المدرب بدأ بفلان وأشرك علان لتأهلنا، وأنا أرى لو أشركنا كل مريخات السودان والمهجر لما تأهلنا).
إذاً غيّرت الصحافة السودانية رأيها وأجبرها البحارة بما قدموه في أرض الملعب على احترامهم وندمهم على ما قالوه قبل المباراة ولكن ندمهم جاء ساعة لا ينفع الندم فيها وبدؤوا البكاء والنحيب وذكر ماضيهم الجميل، والبحث عن مبررات تخمد نار جمهورهم المتأججة.
واستطاع تشرين تعويض خسارته الأولى بهدف لهدفين في المباراة المحتسبة على أرض المريخ بالفوز بهدف في أرضه كان كافياً للتأهل للدور الثاني.
وبهذا التأهل أدخل تشرين الفرحة لقلوب الجماهير السورية بعد خيبات منتخباتنا الوطنية المتتالية وعدم قدرتها على تحقيق ما يسعد الجمهور.
محسن عمران || أثر سبورت